أيا شَجَرَ العُرا! أُوسعتِ رِيّاً،
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أيا شَجَرَ العُرا! أُوسعتِ رِيّاً، | فقدْ جفّ العِضاهُ، ولم تجفّي |
وما يَبقى، إذا فتّشتَ، حيٌّ | تَخَيّرُهُ الحوادثُ، أو تُنَفّي |
لكافورٍ غَدا الكافورُ زاداً، | وجَفّتْ أبحُرٌ من آل جُفّ |
وهل فاتَ، الحتوفَ، أخو هُذَيلٍ، | كأنّ مُلاءَتَيهِ على هِجفّ |
أو العادي السُّلَيكُ وصاحباهُ، | أو الأسَدِيُّ كالصَّعلِ الهِزَفّ |
تَجُمُّ جيوشُها، فيضِلُّ فيها | فتًى، يجتابُ صَفّاً بعدَ صفّ |
تكلّفْتَ الوَفاءَ، وحُمّ يومٌ | أراحَ من التّوافي بالتوفّي |
ودَهري، بالمُغارِ، أغارَ صَبري، | وعلّمني التّعَفّفَ بالتّعَفّي |
أما شُغِلَ الأنامُ، عن التّقافي، | بما وَعَدَ الزّمانُ من التقَفّي؟ |
وقد صدَقتْ ظنونٌ من رجالٍ، | تَخَفَّوا ما تَوارى بالتّخَفّي |
رأوا متَستّراً عَنهم بسُدٍّ | ليأجوج، كمُستَترٍ بشَفّ |
لقد عجبَ القَضاءُ لرَكبِ مَوجٍ، | يُقابلُهُ بمزْمارٍ ودُفّ |
ولو نالتْ عقابُ اللُّوح لُبّاً، | عداها، عن تكفّوئِها، التكفّي |
وقد يُغني المُسِفَّ، إلى الدّنايا، | تَعَيُّشُهُ من الخُوصِ المُسَفّ |
ووَطءُ السُّفّ، يَحمي الرّجلَ منه | بكورُ يَدٍ على ذُرَةٍ بسَفّ |
وكم بُسِطَ البَنانُ، فعادَ صِفراً، | وزارَ الجودُ كفّاً ذاتَ كَفّ |
وما رَفُّ الكِعابِ سوى عَناءٍ، | وإنْ عُنيَتْ لمسواكٍ برَفّ |
وكم زُفّتْ إلى جَدَثٍ عَروسٌ، | وقد هَمّتْ إلى عُرُسٍ بزَفّ |
أرى دُنياكَ خالَطَها قَذاها، | وأعيَتْ أن يُهَذِّبَها مُصَفّي |
بنوها مثلُها، فحللتَ منها، | بوَهدٍ أو بهَضبٍ أو بقُفّ |
تهيجُ صغائرُ الأشياءِ خَطباً | جَليلاً، ما سَناهُ بُمستَشَفّ |
وإنّ القَتلَ في أُحُدٍ وبَدرٍ، | جنى القَتْلَينِ في نَهرٍ وطَفّ |
وإنْ لَذّ القَبيحَ غُواةُ قومٍ، | فإنّ الفَضلَ يُعرَفُ للأعَفّ |
وليسَ عليّ غَيرُ بلوغُ جُهدي، | وضيفي قانعٌ منّي بضفّ |
إذا استَثقَلْتُ أثوابي ونَعلي، | فثِقْلي في التّجَرّدِ والتّحَفّي |
لعلّ مطيّةً منّي قريبٌ، | فيحمِلُ سَيرُها قدماً بخُفّ |
وما سَلُّ المُهَنّدِ للتّوَقّي، | كَسَلّ المَشرَفيّةِ للتّشَفّي |
وليسَ الخَمسُ، ضاربةً بسَيفٍ، | نَظيرَ الخمسِ، ضاربةً بدُفّ |
أباغي حظّهِ بقَناً وخَيلٍ، | كَباغِيهِ بمنْوالٍ وحَفّ؟ |
وما الجَبَلُ الوقورُ لجاذبيهِ، | على العِلاّتِ، كالجُزءِ الأخفِّ |
وجسمي شَمعَةٌ والنّفسُ نارٌ، | إذا حانَ الرّدى خمدتْ بأُفّ |
أعيّرتِ، النّعامَ، أُولاتُ فَرْعٍ، | خُلُوَّ الهام من ريشٍ وزِفّ؟ |
لعَلّ النّبعَ تَثنيهِ اللّيالي | أخا وَرَقٍ، ونَورٍ مُستكفّ |
إذا ما القائلُ الكِندِيُّ ذلّتْ | له الأوزانُ، فاعترِفي بشِفّ |
فإنّ عُطارِداً، في الجوّ، أوْلى | بأنْ يَزِنَ الكَلامَ وأن يُقَفّي |
وأقصي عن مآرِبكَ البَرايا، | ولا يغرُرْكَ خِلٌّ بالتّحَفّي |
وفَذٌّ، في مَقاصِدِهِ، بليغٌ، | أحَبُّ إليّ من إلفٍ ألَفّ |
لعَمْرُ أبيكَ ما خالي بخالٍ | لشائِمِهِ، ولا شُهدي بهَفّ |
فإنْ أُعْطِ القَليلَ يكنْ هنيئاً، | يَجيءُ المُستَميحَ بغَيرِ شَف |
إذا ورَدَ الفَقيرُ، على احتياجي | أغَثْتُ لهيفَهُ بالمُستَدَفّ |
ولو كانَ الكَثيرُ لَقَلّ عندي، | وأهْوِنْ بالطّفيفِ المُستَطَفّ |