أبى الحزن أن أسلى بني وسورة
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أبَى الحُزْنُ أنْ أسْلَى بَنّي وَسَوْرَةٌ | أرَاهَا إذا الأيْدِي تَلاقَتْ غِضَابُهَا |
وَما ابْنَايَ إلاّ مِثْلُ مَنْ قَد أصَابَهُ | حِبَالُ المَنَايَا مَرُّهَا واشْتِعَابُهَا |
ثَوَى ابْنَايَ في بَيْتيْ مُقَامٍ كِلاهُمَا | أخِلّتُهُ عَنّي بَطِيءٌ ذَهَابُهَا |
وَمَحْفُورَة لا مَاءَ فيهَا مَهيبَة | يُغَطّى بأعْوَاد المَنيّة نَابُهَا |
أنَاخَ إلَيْهَا ابْنايَ ضَيْفَيْ مَقامَةٍ، | إلى عُصْبَةٍ مَا تُسْتَعَارُ ثِيَابُهَا |
فَلَمْ أرَ حَيّاً قَدْ أتى دونَ نَفسِهِ | منَ الأرْضِ جُولا هُوّةٍ وَتُرَابُهَا |
مِنَ النّاسِ إلاّ أنّ نَفْسِي تَعَلّقَتْ | إلى أجَلٍ حَتى يَجِيءَ مُصَابُهَا |
وَكانُوا همُ المالَ الذي لا أبِيعُهُ، | وَدِرْعي إذا ما الحَرْبُ هَرّتْ كلابُهَا |
وَكَمْ قاتلٍ للجُوعِ قَد كانَ منهمُ، | وَمِنْ حَيّةٍ قَدْ كانَ سُمّاً لُعَابُهَا |
إذا ذُكِرَتْ أسْمَاؤهُمْ أوْ دُعُوا بها | تَكَادُ حَيَازِيمي تفَرّى صِلابُهَا |
وَكنتُ بِهمْ كاللّيثِ في خِيسِ غابةٍ | أبَى ضَارَعاتٍ كانَ يُرْجَى نُشابُهَا |
وَكُنْتُ وَإشْرَافي عَلَيْهِمْ وَما أرَى | لِنَفْسِيَ إذْ هُمْ في فُؤادِي لُبَابُهَا |
كَرَاكِزِ أرْمَاحٍ تُجُزِّعْنَ بَعدَما | أُقِيمَتْ حَوَانِيهَا وَسُنّتْ حِرَابُهَا |
إذا ذَكَرَتْ عَيْني الّذِينَ هُمُ لهَا | قَذىً هيجَ منها للبكاءِ انْسِكابُهَا |
بَني الأرْضِ قد كانُوا بَنيّ فعَزّني | عَلَيْهِمْ، لآجَالِ المَنَايَا كِتَابُهَا |
وَلوْلا الّذِي للأرْضِ ما ذَهَبَتْ بهم | وَلمّا تَفَلّلْ بِالسّيُوفِ حِرَابُهَا |
وَكَائِنْ أصَابَتْ مُؤمِناً مِنْ مُصِيبةٍ | على الله عُقْبَاهَا، وَمِنْهُ ثَوابُهَا |
هَجَرْنَا بُيُوتاً، أنْ تُزارَ، وَأهْلُها | عَزِيزٌ عَلَيْنا، يا نَوارُ، اجْتِنَابُهَا |
وَداعٍ عَليّ الله لَوْ مِتُّ قَدْ رَأى | بِدَعْوَتِهِ مَا يَتّقي لَوْ يُجَابُهَا |
وَمِنْ مُتَمَنٍّ أنْ أمُوتَ وَقد بَنَتْ | حَيَاتي لَهُ شُمّاً عِظَاماً قِبَابُهَا |
سَيُبْلِغُ عَني الأخْطَلَينِ ابنَ غالبٍ | وَأخطَلَ بَكْرٍ حِينَ عَبّ عُبَابُهَا |
أخي وَخَليلي التّغْلبيّ، وَدُونَهُ | سَخاوِيُّ تَنْضَى في الفَيافي رِكابُهَا |
وَخُنْسٌ تَسُوقُ السَّخَلَ كلَّ عَشيّة | بِداوِيّةٍ غَبْرَاءَ دُرْمٍ حِدابُهَا |
فَلا تَحْسِبَا أني تَضَعْضعَ جَانِبي، | وَلا أنّ نَارَ الحَرْبِ يَخبُو شِهابُهَا |
بَقِيتُ وَأبْقَتْ مِنْ قَنَاتي مَصَابَتي | عَشَوْزَنَةً زوْرَاءَ صُمّاً كِعَابُهَا |
على حَدَثٍ لَوْ أنّ سَلْمى أصَابَهَا | بمِثْلِ بَنيّ ارْفَضّ مِنْهَا هِضَابُهَا |
وَما زِلْتُ أرْمي الحَرْبَ حتى تَركْتُها | كَسِيرَ الجنَاحِ مَا تَدِفّ عُقَابُهَا |
إذا ما امتَرَاهَا الحالبُونَ عَصَبْتُهَا | على الجَمْرِ حتى مَا يَدِرُّ عِصَابُهَا |
وَأقْعَتْ على الأذْنابِ كُلُّ قَبِيلَةٍ، | على مَضَضٍ مني، وَذَلّتْ رِقَابُهَا |
أخٌ لكُما إنْ عَضّ بالحرْبِ أصْبحتْ | ذَلُولاً، وَإنْ عَضّتّ بِهِ فُلَّ نابُهَا |