لعمري لقد أوفى وزاد وفاؤه
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
لَعَمْرِي لَقَدْ أوْفَى وَزادَ وَفاؤهُ، | على كلّ جارٍ، جارُ آلِ المُهَلَّبِ |
أمَرَّ لَهُمْ حَبْلاً، فَلَمّا ارْتَقَوْا بهِ | أتَى دُونَهُ مِنْهُمْ بدَرْءٍ وَمَنكِبِ |
وَقالَ لهم: حُلّوا الرّحالَ، فإنّكُمْ | هَرَبْتُمْ، فألقُوها إلى خَيرِ مَهْرَبِ |
أتَوْهُ وَلمْ يُرْسِلْ إلَيهِمْ، وَما ألَوْا | عن الأمنعِ الأوْفَى الجِوَارِ المُهَذَّبِ |
فكانَ كما ظنّوا به، والّذي رَجَوْا | لهمْ حينَ ألقَوْا عن حراجيجَ لُغَّبِ |
إلى خَيرِ بَيْتٍ فيهِ أوْفَى مُجَاوِرٍ | جِوَاراً إلى أطْنَابِهِ خَيرَ مَذْهَبِ |
خَبَبْنَ بِهمْ شَهْراً إلَيْهِ وَدُونَهُ | لهُمْ رَصَدٌ يُخشَى على كلّ مَرْقَبِ |
مُعَرَّقَةَ الألْحِي، كَأنّ خَبيبَها | خَبِيبُ نَعاماتٍ رَوايِحَ خُضَّبْ |
إذا تَرَكُوا مِنْهُنّ كلَّ شِمِلّةٍ | إلى رَخَماتٍ، بالطّرِيقِ، وَأذْؤبِ |
حَذَوْا جِلْدَها أخْفافَهُنّ التي لهَا | بَصَائِرُ مِنْ مَخْرُوقِها المُتَقَوِّبِ |
وَكَمْ مِنْ مُناخٍ خائِفٍ قَد ورَدْنَه | حرىً من مُلِمّاتِ الحَوادثِ مُعطَبِ |
وَقَعْنَ وَقدْ صَاحَ العَصَافيرُ إذْ بَدا | تَباشِيرُ مَعرُوفٍ من الصّبحِ مُغَربِ |
بمِثلِ سُيُوفِ الهِندِ إذْ وَقَعَتْ وَقَدْ | كَسَا الأرْضَ باقي لَيلِها المُتَجَوِّبِ |
جَلَوْا عَن عُيونٍ قد كَرِينَ كلا وَلا | مَعَ الصّبْحِ إذْ نادى أذانُ المُثَوِّبِ |
على كُلّ حُرْجُوجٍ كأنّ صَرِيفَها | إذا اصْطَكّ ناباها تَرَنُّمُ أخْطَبِ |
وَقَد عَلِمَ اللاّئي بكَينَ علَيكُمُ، | وَأنْتُمْ ورَاءَ الخَنْدَقِ المُتَصَوِّبِ |
لَقَد رَقَأتْ مُنْها العُيونُ وَنَوّمَتْ، | وَكانَتْ بِلَيْلِ النّائِحِ المُتَحَوِّبِ |
وَلَوْلا سُلَيمانُ الخَلِيفَةُ حَلّقَتْ | بهِمْ من يدِ الحَجّاجِ أظفارُ مُغرِبِ |
كَأنّهُمُ عِندَ ابنِ مَرْوَانَ أصْبحوا | على رَأسِ غَيْنا من ثَبِيرٍ وَكَبْكَبِ |
أبَى وَهْوَ مَوْلى العَهْدِ أنْ يَقبل التي | يُلامُ بها عِرْضُ الغدورِ المُسَبَّبِ |
وَفاءَ أخي تَيماءَ إذْ هُوَ مُشْرِفٌ، | يُناديه مغْلُولاً فَتىً غَيرُ جَأنَبِ |
أبُوهُ الّذي قال: اقتُلُوهُ، فإنّني | سَأمْنَعُ عِرْضي أن يُسَبّ به أبي |
فإنّا وَجَدْنا الغَدْرَ أعْظَمَ سُبّةً، | وَأفضَحَ من قَتلِ امرِىءٍ غيرِ مُذْنِبِ |
فَأدّى إلى آلِ امرِىءِ القَيْسِ بَزَّهُ | وَأدْرَاعَهُ مَعْرُوفَةً لَمْ تُغَيَّبِ |
كما كانَ أوْفَى إذْ يُنادي ابنُ دَيهَثٍ | وَصِرْمَتُهُ كَالمَغْنَمِ المُتَنَهَّبِ |
فَقَامَ أبُو لَيْلى إلَيْهِ ابنُ ظَالِمٍ، | وكانَ إذا ما يَسلُلِ السّيفَ يَضرِبِ |
وَمَا كانَ جاراً غَيرَ دَلْوٍ تَعَلّقَتْ | بحَبلَيهِ في مُستَحصِدِ الحبلِ مُكرَبِ |
إلى بَدْرِ لَيْلٍ مِنْ أُمَيّةَ، ضَوءُهُ | إذا مَا بَدا يَعْشَى لَهُ كُلُّ كَوْكَبِ |
وَأعطاهُ بالبِرّ الّذي في ضَمِيرِهِ، | وَبالعَدْلِ أمْرَيْ كلّ شَرْقٍ وَمغرِبِ |