إن الذي سمك السماء بنى لنا
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
إنّ الذي سَمَكَ السّماءَ بَنى لَنَا | بَيْتاً، دَعَائِمُهُ أعَزُّ وَأطْوَلُ |
بَيْتاً بَنَاهُ لَنَا المَلِيكُ، ومَا بَنى | حَكَمُ السّمَاءِ، فإنّهُ لا يُنْقَلُ |
بَيْتاً زُرَارَةُ مُحْتَبٍ بِفِنَائِهِ، | وَمُجاشِعٌ وَأبُو الفَوَارِسِ نَهْشَلُ |
يَلِجُونَ بَيتَ مُجاشعٍ، وَإذا احتبوْا | بزُوا كَأنّهُمُ الجِبَالُ المُثّلُ |
لا يَحْتَبي بِفِنَاءِ بَيْتِكَ مثْلُهُمْ | أبداً، إذا عُدّ الفَعَالُ الأفْضَلُ |
مِنْ عِزِّهمْ جَحَرَتْ كُلَيبٌ بَيتَها | زَرْباً، كَأنّهُمُ لَدَيْهِ القُمّلُ |
ضَرَبتْ عَليكَ العنكَبوتُ بنَسْجِها، | وَقَضَى عَلَيكَ بهِ الكِتابُ المُنْزلُ |
أينَ الّذِينَ بِهمْ تُسَامي دارماً، | أمْ مَنّ إلى سَلَفَيْ طُهَيّةَ تَجعَلُ |
يَمْشُونَ في حَلَقِ الحَديدِ كما مَشتْ | جُرْبُ الجِمالِ بها الكُحَيلُ المُشعَلُ |
وَالمانِعُونَ، إذا النّساءُ تَرَادَفَتْ، | حَذَرَ السِّبَاءِ جِمَالُهَا لا تُرْحَلُ |
يَحمي، إذا اختُرِطَ السّيوفُ، نِساءنا | ضَرْبٌ تَخِرّ لَهُ السّوَاعِدُ أرْعَلُ |
وَمُعَصَّبٍ بِالتّاجِ يَخْفِقُ فَوْقَهُ | خِرَقُ المُلُوكِ لَهُ خَميسٌ جَحفلُ |
مَلِكٌ تَسُوقُ لَهُ الرّمَاحَ أكُفُّنَا، | مِنْهُ نَعُلّ صُدُورَهُنّ وَنُنْهِلُ |
قَدْ مَاتَ في أسَلاتِنَا، أوْ عَضَّهُ | عَضْبٌ بِرَوْنَقِهِ المُلُوكُ تُقَتَّلُ |
وَلَنا قُرَاسِيَةٌ تَظَلّ خَوَاضِعاً | مِنْهُ، مَخافَتَهُ، القُرُومُ البُزّلُ |
مُتَخَمِّطٌ قَطِمٌ لَهُ عَادِيّةٌ | فيها الفَرَاقِدُ وَالسِّماكُ الأعْزَلُ |
ضَخمُ المَناكِبِ تحتَ شَجْرِ شؤونِهِ | نابٌ إذا ضَغَمَ الفُحْولَةَ مِقْصَلُ |
وَإذا دَعَوْتُ بَني فُقَيْمٍ جَاءَني | مَجْرٌ، لَهُ العدَدُ الذي لا يُعدَلُ |
وَإذا الرّبائِعُ جَاءَني دُفّاعُهَا | مَوْجاً، كَأنّهُمُ الجَرَادُ المُرْسَلُ |
هذا وفي عَدَوِيّتي جُرْثُومَةٌ، | صَعْبٌ مَناكِبُها، نِيافٌ، عَيطَلُ |
وإذا البَرَاجِمُ بالقُرُومِ تخاطَرُوا | حَوْلي، بأغْلَبَ عِزُّهُ لا يُنْزَلُ |
وإذا بَذَخْتُ وَرَايَتي يَمْشِي بهَا | سُفيانُ أو عُدُسُ الفَعالِ وَجَندَلُ |
الأكْثَروُنَ إذا يُعَدّ حَصَاهُمُ، | والأكْرَمُونَ إذا يُعَدّ الأوّلُ |
وَزَحَلْتَ عَن عَتَبِ الطّرِيقِ، وَلم تجدْ | قَدَماكَ حَيثُ تَقُومُ، سُدَّ المَنقَلُ |
إنّ الزّحَامَ لغَيرِكُمْ، فَتَحَيّنُوا | وِرْدَ العَشِيّ، إلَيْهِ يَخْلُو المَنهَلُ |
حُلَلُ المُلُوكِ لِبَاسُنَا في أهْلِنَا، | وَالسّابِغَاتِ إلى الوَغَى نَتَسَرْبَلُ |
أحْلامُنَا تَزِنُ الجِبَالَ رَزَانَةً، | وَتَخَالُنَا جِنّاً، إذا مَا نَجْهَلُ |
فادْفَعْ بكَفّكَ، إنْ أرَدْتَ بِنَاءنا، | ثَهْلانَ ذا الهَضَباتِ هل يَتَحَلحلُ |
وأنَا ابنُ حَنظَلَةَ الأغَرُّ، وَإنّني | في آلِ ضَبّةَ، لَلْمُعَمُّ المُخْوَلُ |
فَرْعانِ قَدْ بَلَغَ السّماءَ ذُراهُما؛ | وَإلَيهِما مِنْ كلّ خَوْفٍ يُعْقَلُ |
فَلَئِنْ فَخَرْتُ بِهمْ لِمثْلِ قَديِمِهِم | أعْلُوا الحُزُونَ بِهِ وَلا أتَسَهّلُ |
زَيْدُ الفَوارِسِ وَابنُ زَيْدٍ منهُمُ، | وأبُو قَبِيصَةَ وَالرّئيسُ الأوّلُ |
أوْصَى عَشِيّةَ حِينَ فَارَقَ رَهْطَه، | عندَ الشّهادَةِ وَالصّحيفَةِ، دَغفَلُ |
إنّ ابنَ ضَبّةَ كانَ خَيراً وَالِداً، | وَأتَمُّ في حَسَبِ الكهرَامِ وأفضَلُ |
مِمّنْ يَكُونُ بَنُو كُلَيْبٍ رَهْطَهُ، | أوْ مَنْ يَكُونُ إلَيْهِمُ يَتَخَوّلُ |
وَهُمُ على ابنِ مُزَيْقِيَاءَ تَنَازَلُوا، | والخَيلُ بَينَ عَجاجَتَيها القَسطَلُ |
وَهُمُ الذينَ على الأمِيلِ تَدارَكُوا | نَعَماً يُشَلُّ إلى الرّئيسِ وَيُعكَلُ |
وَمُحْرِّقاً صَفَدُوا إلَيْهِ يَمِينَهُ، | بِصِفادَ مُقْتَسَرٍ، أخُوهُ مُكَبَّلُ |
مَلِكَانِ يَوْمَ بزَاخَةٍ قَتَلُوهُمَا، | وَكِلاهُمَا تَاجٌ عَلَيْهِ مُكَلَّلُ |
وَهُمُ الذِينَ عَلَوْا عَمَارَةَ ضَرْبَةً | فَوْهَاءَ، فَوْقَ شُؤونِهِ لا تُوصَلُ |
وَهُمُ، إذا اقتَسَمَ الأكابِرُ، رَدَّهُمْ | وَافٍ لضَبّةَ، وَالرّكَابُ تُشَلَّلُ |
جَارٌ، إذا غَدَرَ اللّئَامُ، وَفَى بِهِ | حَسَبٌ، وَدَعْوَةُ مَاجِدٍ لا يُخذَلُ |
وَعَشِيّةَ الجَمَلِ المُجَلَّلِ ضَارَبُوا | ضَرْباً شُؤونُ فَرَاشِهِ تَتَزَيّلُ |
يا ابن المَرَاغَةِ! أيْنَ خَالُكَ؟ | إنّني خالي حُبيشٌ ذو الفَعالِ الأفضَلُ |
خالي الذي غَصَبَ المُلُوكَ نُفُوسَهمْ، | وإلَيْهِ كَانَ حِبَاءُ جَفْنَةَ يُنْقَلُ |
إنّا لَنَضرِبُ رَأسَ كُلّ قَبِيلَةٍ، | وأَبُوكَ خَلْفَ أتَانِهِ يَتَقَمّلُ |
وَشُغِلتَ عن حَسبِ الكِرَامِ وَما بَنَوا؛ | إنّ اللّئيمِ عَنِ المَكَارِمِ يُشْغَلُ |
إنّ الّتي فُقِئَتْ بِهَا أبْصَارُكُمْ، | وَهي التي دَمَغَتْ أباكَ، الفَيصَلُ |
وَهَبَ القَصَائدَ لي النّوابغُ، إذْ مَضَوْا، | وَأبُو يَزِيدَ وَذو القُرُوحِ وَجَرْوَلُ |
وَالفَحْلُ عَلقَمَةُ الذي كانَتْ لَهُ | حُلَلُ المُلُوكِ كَلامُهُ لا يُنحَلُ |
وَأخو بَني قَيْسٍ، وَهُنّ قَتَلْنَهُ، | وَمُهَلْهِلُ الشّعَرَاءِ ذاكَ الأوّلُ |
وَالأعْشَيانِ، كِلاهُمَا، وَمُرَقِّشٌ، | وَأخُو قُضَاعَةَ قَوْلُهُ يُتَمَثّلُ |
وَأخُو بَني أسَدٍ عَبِيدٌ، إذْ مَضَى، | وَأبُو دُؤادٍ قَوْلُهُ يُتَنَحّلُ |
وَابْنَا أبي سُلْمَى زُهَيْرٌ وَابْنُهُ، | وَابنُ الفُرَيعَةِ حِينَ جَدّ المِقْوَلُ |
وَالجَعْفَرِيُّ، وَكَانَ بِشْرٌ قَبْلَهُ، | لي من قَصائِدِهِ الكِتابُ المُجمَلُ |
وَلَقَدْ وَرِثْتُ لآلِ أوْسٍ مَنْطِقاً، | كَالسّمّ خالَطَ جانِبَيْهِ الحَنْظَلُ |
وَالحارِثيُّ، أخُو الحِمَاسِ، وَرِثْتُهُ | صَدْعاً، كما صَدَعَ الصَّفاةَ المِعْوَلُ |
يَصْدَعنَ ضَاحيَةَ الصَّفا عن مَتنِها، | وَلَهُنّ مِنْ جَبَلَيْ عَمايَةَ أثْقَلُ |
دَفَعُوا إليّ كِتابَهُنّ وَصِيّةً، | فَوَرِثْتُهُنّ كَأنّهُنّ الجَنْدَلُ |
فِيهِنَّ شَارَكَني المُسَاوِرُ بَعْدَهُمْ، | وأخُو هَوَازِنَ وَالشّآمي الأخطَلُ |
وَبَنُو غُدانَةَ يُحْلِبُونَ، وَلَمْ يكُنْ | خَيْلي يَقُومُ لها اللّئِيمُ الأعْزَلُ |
فَلَيَبْرُكَنْ، يا حِقَّ، إنْ لمْ تَنتهوا | مِنْ مَالِكيَّ على غُدانَةَ كَلكَلُ |
إنّ استرَاقَكَ يا جَرِيرُ قَصَائِدِي، | مِثْلُ ادِّعَاءِ سِوَى أبِيكَ تَنَقَّلُ |
وابنُ المَرَاغَةِ يَدَّعي مِنْ دارِمٍ، | وَالعَبْدُ غَيرَ أبِيه قَدْ يَتَنَحّلُ |
لَيْسَ الكِرامُ بناحِليكَ أبَاهُمُ، | حتى تُرَدّ إلى عَطيّةَ تُعْتَلُ |
وَزَعَمْتَ أنّكَ قَدْ رَضِيتَ بما بَنى، | فَاصْبِرْ فما لكَ، عَن أبيكَ، مُحَوَّلُ |
وَلَئِنْ رَغِبتَ سوى أبيكَ لتَرْجِعَنْ | عَبْداً إلَيْهِ، كَأنّ أنْفَكَ دُمَّلُ |
أزْرَى بجَرْيِكَ أنّ أُمّكَ لمْ تَكُنْ | إلاّ اللّئِيمَ مِنَ الفُحْولَةِ تُفحَلُ |
قَبَحَ الإلَهُ مَقَرّةً في بَطْنِهَا، | مِنْهَا خَرَجْتَ وَكُنتَ فيها تُحمَلُ |
وإذا بَكَيْتَ على أُمَامَةَ، فاستَمعْ | قَوْلاً يَعُمّ، وَتَارَةً يُتَنَخّلُ |
أسألْتَني عنْ حُبْوَتي ما بَالُها، | فياسألْ إلى خَبَرِي وَعَمّا تَسْألُ |
فاللّؤمُ يَمْنَعُ مِنْكُمُ أنْ تَحْتَبُوا؛ | والعِزُّ يَمْنَعُ حُبْوَتي لا تُحْلَلُ |
والله أثْبَتَهَا، وَعِزٌّ لَمْ يَزَلْ | مُقْعَنْسِساً، وَأبِيك، ما يَتَحوّلُ |
جَبَلي أعَزُّ، إذا الحْرُوبُ تكَشّفَتْ، | مِمّا بَنى لَكَ وَالِداكَ وَأفْضَلُ |
إني ارْتَفَعْتُ عَلَيْكَ كُلَّ ثَنِيّةٍ، | وَعَلَوْتُ فَوْقَ بَني كُلَيبٍ من عَلُ |
هَلاّ سَألْتَ بَني غُدانَةَ ما رَأوْا، | حَيْثُ الأتَانُ إلى عُمُودِكَ تُرْحَلُ |
كَسَرَتْ ثَنِيّتَكَ الأتَانُ، فَشاهِدٌ | مِنْها بِفِيكَ مُبَيَّنٌ مُستَقْبَل |