بكت عين محزون فطال انسجامها
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
بكَتْ عَينُ مَحزُونِ فطال انسجامُها، | وَطالَتْ لَيَالي حَادِثٍ لا يَنَامُهَا |
حَوَادِثُ مِنْ رَيْبِ المَنونِ أصَبْنَني | فَصَارَ على الأخْيَارِ مِنّا سِهَامُهَا |
كَأنّ المَنَايا يَطّلِبْنَ نُفُوسَنَا، | بذَحْلٍ، إذا ما حُمّ يَوْماً حِمامُهَا |
فإنْ نَبْكِ لا نبكِ المُصِيباتِ، إذْ أتَى | بها الدّهْرُ، وَالأيّامُ جَمٌّ خِصَامُهَا |
ولَكِنّنَا نَبْكي تَنَهُّكَ خالِدٍ | مَحارِمَ مِنّا لا يَحِلّ حَرَامُهَا |
فَقُلْ ل بَني مَرْوَانَ: ما بالُ ذِمّةٍ | وَحُرْمَةِ حِلٍّ لَيسَ يُرْعَى ذِمامُهَا |
ألا في سَبِيلِ الله سَفْكُ دِمَائِنَا، | بِلا جُرْمَةٍ مِنّا يَبِينُ اجْتِرَامُهَا |
مَدَدْنَا بِثَدْيٍ مَا جُزِينَا بِدَرّهِ، | وَأيْدٍ بِنَا اسْتَعْلَتْ، وَتَمّ تمَامُهَا |
وَثَارَ بِقَتلِ ابْنِ المهَلُّبِ خَالِدٌ | وفيناَ بَقِيَّاتُ الهُدى وإمَامُهَا |
أرَى مُضَرَ المِصَرَينِ قد ذَلّ نَصرُها | وَلكِنّ قَيْساً، لا يُذَلّ شَآمُهَا |
فَمَنْ مُبْلِغٌ بالشّامِ قَيْساً وَخِندِفاً | أحادِيثَ مَا يُشفَى بِبُرْءٍ سَقامُهَا |
أحادِيثَ منّا نَشْتَكيها إلَيْهِمُ، | وَمُظْلِمَةً يَغْشَى الوُجُوهَ ظَلامُهَا |
فإنْ مَنْ بِها لمْ يُنْكِرِ الضّيمَ منهُمُ | فَيَغْصَبَ مِنْها كَهْلُهَا وَغُلامُهَا |
يَعُدْ مِثْلُهَا مِنْ مِثْلِهِمْ فيُنكِّلوا، | فيَعَلَمَ أهلُ الجَوْرِ كيفَ انتِقامُهَا |
بِغَلْبَاءَ مِنْ جُمْهُورِها مُضَرِيّةٍ، | تُزَايِلُ فِيها أذْرُعَ القَوْمِ لامُهَا |
وَبِيضٍ علاهُنّ الدِّجَالُ، كأنّهَا | كَوَاكِبُ يَجْلُوها لسارٍ ظَلامُهَا |
دَمُ ابنِ يَزيِدٍ كان حِلاًّ لخالِدٍ، | ألَهْفي لنَفْسٍ لَيسَ يُشفى هُيامُهَا |
فَغَيّرْ أمِيرَ المُؤمِنِينَ، فَإنّهَا | يَمَانِيَةٌ حَمْقَاءُ أنْتَ هِشامُهَا |
أبابنِ يَزِيدٍ وَابنِ زَحْرٍ تَحَلّلَتْ | دِمَاءُ تَمِيمٍ، وَاستُبِيحَ سَوَامُهَا |
أنُقْتَلُ فِيكُمْ، إذْ قَتَلْنَا عدُوَّكم | على دينكُمْ، والحَرْبُ بادٍ قَتامُهَا |
وَغَبْرَاءَ عَنكُمْ قَدْ جَلَوْنا كما جَلا | صَدَى حِلْيَةِ المأثُورِ عَنْهُ تِلامُهَا |
لَقَدْ كانَ فِينَا لَوْ شَكَرْتُمْ بَلاءنا | وَأيّامَنَا اللاّتي تُعَدّ جِسَامُهَا |
لَنَا فِيكُمُ أيْدٍ وَأسْبَابُ نِعْمَةٍ، | إذا الفِتَنَةُ العشوَاءُ شُبّ احتِدامُهَا |
زِمامُ التي تَخشَى مَعَدٌّ وغَيْرُهَا، | إذا مَا أبَى أنْ يَستَقِيمَ هُمَامُهَا |
غَضِبنا لكمْ يا آلَ مَرْوَانَ فاغضَبوا | عَسَى أنّ أرْوَاحاً يَسُوغُ طَعامُهَا |
ولا تَقطَعُوا الأرْحامَ مِنّا، فإنّهَا | ذُنُوبٌ مِنَ الأعْمالِ يُخشَى إثامُهَا |
لَقَدْ عَلِمَ الأحياءُ في كُلّ مَوْطِنٍ | إذا عُدّتِ الأحْيَاءُ أنّا كِرَامُهَا |
وَأنّا، إذا الحْربُ العَوَانُ تضَرّمَتْ، | نَلِيهَا إذا ما الحَرْبُ شُبّ ضِرَامُهَا |
قِوَامُ عُرَى الإسْلام والأمْرِ كُلِّهِ، | وَهَلْ طاعَةٌ إلاّ تَميمٌ قِوَامُهَا |
وَلَكِنْ فَدَتْ نَفِسِي تَميماً من التي | يُخَافُ الرّدَى فيها وَيُرْهَبُ ذامُهَا |
إلى الله تَشْكُو عزَّنا الأرْضُ فَوْقَها، | وَتَعْلَمُ أنّا ثِقْلُهَا وَغَرَامُهَا |
شَكَتْنَا إلى الله العَزِيزِ، فأسمَعَتْ | قَرِيباً، وَأعْيَا مَن سِوَاهُ كَلامُهَا |
نَصُولُ بحَوْلِ الله في الأمْرِ كُلِّهِ، | إذا خِيفَ من مُصْدُوعَةٍ مال التِئامُهَا |
ألَمْ يَكُ في الإسْلامِ مِنّا وَمِنكُمُ | حَوَاجِزُ أرْكَانٍ عَزِيزٍ مَرَامُهَا |
فَتَرْعَى قُرَيشٌ مِنْ تَمِيمٍ قَرَابَةً، | وَتَجْزِي أيّاماً كَرِيماً مَقَامُهَا |
وَقَدْ عَلِمَتْ أبْنَاءُ خِنْدِفَ أنّنَا | ذُرَاهَا، وَأنّا عِزُّهَا وَسَنَامُهَا |
وَأنْتُمُ وُلاةُ الله، ولاّكُمُ الّتي | بهِ قُوِّمَتْ حتى اسْتَقَامَ نِظامُهَا |
صِلُوا مِنْ تَميمٍ ما تَميمٌ تُجِدُّهُ، | إذا مَا حِبَالُ الدِّينِ رَثّتْ رِمامُهَا |