بعينك لوعة القلب الرهين
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
بعَيْنِكِ لَوْعَةُ القَلْبِ الرّهِينِ، | وَفَرْطُ تَتَابُعِ الدّمعِ الهَتُونِ |
وَقَدْ أصْغَيْتِ للوَاشِينَ، حَتّى | رَكَنْتِ إلَيهِمِ بَعْضَ الرّكُونِ |
وَلَو جَازَيْتِ صَبّاً عَنْ هَوَاهُ | لَكَانَ العدْلُ الاّ تَهْجُرِيني |
نَظَرْتُ، وَكم نَظَرْتُ فأقصَدَتْني | فُجاءَاتُ البُدُورِ على الغُصُونِ |
وَرُبَّةَ نَظْرَةٍ أقْلَعْتُ عَنهَا | بسُكْرٍ في التّصَابِي، أو جُنُونِ |
فَيَا لله ما تَلْقَى القُلُوبُ الـ | ـهَوَائِمُ مِنْ جَنِايَاتِ العُيُونِ |
وَقَدْ يَئِسَ العَواذِلُ مِنْ فُؤَادٍ | لَجُوجٍ في غِوَايَتِهِ، حَرُونِ |
فَمَنْ يَذْهَلْ أحِبّتَهُ، فإنّي | كُفيتُ مِنَ الصَبَابَةِ مَا يَلِيني |
وَلي بَينَ القُصُورِ إلى قُوَيْقٍ | أليفٌ أصْطَفيهِ، وَيَصْطَفيني |
يُعَارِضُ ذِكْرُهُ في كلّ وَقْتٍ، | وَيَطْرُقُ طَيْفُهُ في كلّ حِينِ |
لَقَدْ حَمَلَ الخِلاَفَةَ مُسْتَقِلٌّ | بِهَا، وَبِحَقّهِ فيهَا المُبِينِ |
يَسُوسُ الدّينَ والدّنيا بِرَأيٍ، | رِضًى لله في دُنْيَا وَدِينِ |
تَنَاوَلَ جُودُهُ أقصَى الأمَاني، | وَصَدّقَ فِعْلُهُ حُسْنَ الظّنُونِ |
فَما بالدّهرِ مِنْ بَهَجٍ وَحُسْنٍ، | وَما بالعَيشِ مِنْ خَفْضٍ وَلِينِ |
وَلَمْ تُخْلَقْ يَدُ المُعْتَزّ إلاّ | لِحَوْزِ الحَمْدِ بالخَطَرِ الثّمِينِ |
تَرُوعُ المَالَ ضُحْكتُهُ، إذا مَا | غَدا مُتَهَلِّلاً، طَلْقَ الجَبِينِ |
أمِينَ الله، والمُعْطَى تُرَاثَ الـ | ـأمينِ، وَصَاحِبَ البَلَدِ الأمِينِ |
تَتَابَعَتِ الفُتُوحُ وَهُنّ شَتّى الـ | ـأماكنِ في العِدى، شتّى الفُنُون |
فَمَا تَنْفَكُّ بُشرَى عَنْ تَرَدّي | عَدُوٍّ خاضِعٍ لكَ، مُستَكِينِ |
فِرَارُ الكَوْكَبِيّ، وَخَيلِ مُوسَى، | تُثيرُ عَجَاجَةَ الحَرْبِ الزَّبُونِ |
وَفي أرْضِ الدّيَالِمِ هامُ قَتْلَى، | نِظامُ السّهْلِ مِنها والحُزُونِ |
وَقد صَدمتْ عَظيمَ الرّومِ عُظمَى | منَ الأحداثِ قاطِعَةُ الوَتينِ |
بنُعْمَى الله عِندَكَ غَيرَ شَكٍّ، | وَرِيحِكَ أقْصَدَتْهُ يَدُ المَنُونِ |
نُصِرْتَ على الأعادي بالأَعَادِي، | غَداةَ الرّومُ تَحتَ رَحًى طَحُونِ |
يُقَتِّلُ بَعْضُها بَعْضاً بضَرْبٍ | مُبِينٍ للسّوَاعِدِ، والشّؤونِ |
إذِ الأبْدَانُ ثَمّ بِلا رؤُوسٍ | تَهاوَى، والسّيُوفُ بلا جُفُونِ |
فَدُمْتَ وَدامَ عَبدُ الله بَدْرَ الـ | ـدّجَى في ضَوْئِهِ، وَحَيَا الدُّجُونِ |
تُطِيفُ بِهِ المَوَالي، حِينَ يَبدُو، | إطَافَتَها بِمَعْقِلِهَا الحَصِينِ |
تَرَى الأَبْصَارَ تُغْضِي عَن مَهِيبٍ | وَقُورٍ في مَهَابَتِهِ، رَكِينِ |
جَوَادٌ، غَلّسَتْ نُعْماهُ فِينَا، | وَلَمْ يُظْهِرْ بِهَا مَطْلَ الضّنِينِ |
ظَنَنْتُ بهِ التي سرّتْ صَديقي، | فَكَانَ الظّنُّ قُدّامَ اليَقِينِ |
وَكُنتُ إلَيْهِ في وَعْدٍ شَفيعي، | فصِرْتُ عَلَيْهِ في نُجْحٍ ضَميني |
وَمَا وَلِيَ المَكَارِمَ مِثلُ خِرْقٍ | أغَرَّ، يرَى المَواعِدَ كالدّيُونِ |
وَصَلْتُ بيُونسَ بنِ بَغَاءَ حَبْلي، | فَرُحْتُ أمُتُّ بالسّبَبِ المَتِينِ |
فَقَدْ بَوَّأْتَنِي أَعْلَى مَحَلٍّ | شَرِيفٍ في المَكَانِ بِكَ المَكِينِ |
وَمَا أخشَى تَعَذُّرَ ما أعاني | منَ الحَاجَاتِ، إذْ أمْسَى مُعِيني |
وإنّ يَدي، وَقد أسنَدتُ أمرِي | إلَيْهِ اليَوْمَ، في يَدِكَ اليَمِينِ |