رويدك إن شانك غير شاني
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
رُوَيْدَكَ! إنّ شانَكَ غَيرُ شَاني، | وَقَصرَكَ! لَستُ طاعةَ مَن نَهَاني |
فإنّكَ لَو رأيتَ كَثِيبَ رَمْلٍ | يُجاذِبُ جانِبَاهُ قَضِيبَ بَان |
وَمُقْتَبَلَ المَلاَحَةِ، بِتُّ لَيْلي | أُعَاني مِنْ هَوَاهُ ما أُعَاني |
عَذَرْتَ على التّصابي مَنْ تَصَابَى، | وآثَرْتَ الغَوَايَةَ، في الغَوَاني |
وَكَمْ غَلّسْتُ مُدّلِجاً بصَحْبي | على مُتَعَصْفِرِ النّاجُودِ، قانِ |
أُغَادِي أُرْجُوَانَ الرّاحِ صِرْفاً، | على تُفّاحِ خَدٍّ أُرْجُوَاني |
إذا مَالَتْ يَدي بالكأسِ رُدّتْ | بكَفِّ خَضِيبِ أطْرَافِ البَنَانِ |
تأمّلْ مِنْ خِلالِ السِّجْفِ فانظُرْ | بعَيْنِكَ ما شرِبتُ وَمَنْ سَقَاني |
تجدْ شَمسَ الضحَى تَدنو بشَمسٍ | إليّ، مِنَ الرّحيقِ الخُسْرُواني |
سُبُوتُ الإصْطِبَاحِ مُعَشِّقَاتٌ، | وأحظَاهُنّ سَبْتُ المِهرَجَانِ |
أتَى يَهْدي الشّتَاءَ على اشْتِيَاقٍ | إلَيْهِ، وَصَيِّبَ الدِّيَمِ الدّوَاني |
يُحَيِّينا بنَرْجِسِهِ، وَيُدْني | مَكَانَ الوَرْدِ وَرْدِ الزّعْفَرَانِ |
وَمِنْ إكْرَامِهِ حَثُّ النّدَامى، | وإعْجَالُ المَثَالِثِ والمَثَانِي |
بيُمْنِ خِلاَفَةِ المُعْتَزّ عادَتْ | لَنَا حَقّاً أكاذيبُ الأَمَانِي |
يَسُحُّ عطَاؤُه فينا، فتُغْني | عنِ القُلْبِ النّوَازِحِ، والسّوَاني |
أغَرُّ كَبَارِقِ الغَيثِ المُرَجّى، | يُحَبَّبُ في الأبَاعِدِ والأدَاني |
تَخَاضَعَتِ الوُجُوهُ لحُسْنِ وَجْهٍ | يَدُلُّ على خَلاَئِقِهِ الحِسَانِ |
وَعَايَنَتِ الرّعِيّةُ مِنْ قَرِيبٍ | مَقَامَ مُوَفَّقٍ فيها، مُعَانِ |
اَرُدَّتْ بَهْجَةُ الدُّنْيَا إِلَيْهَا | وعادَ كَعَهْدِهِ حُسْنُ الزَّمَانِ |
وأضْحَى المُلْكُ أزْهَرَ مُسْتَنِيراً | بأزْهَرَ مِن بَنِي فِهْرٍ، هِجَانِ |
وَمَنْصُورٍ أُعِينَ على الأعَادِي | بِكَرّ عَوَاقِبِ الحَرْبِ العَوَانِ |
لَقَدْ جَاءَ البَرِيدُ يَنِثُّ قَوْلاً | شَهِيَّ اللّفظِ، مَفْهُومَ المَعَاني |
إذا الخَبَرُ استَخَفّكَ من بَعيدٍ، | نَثَاهُ، فكَيفَ ظَنُّكَ بالعِيَانِ |
أُبِيد المَارِقُونَ، وَمَزّقَتْهُمْ | سُيُوفُ الله مِنْ ثَاوٍ وَعَانِ |
وَقد شَرِقتْ جِبالُ الطّيبِ مِنهُمْ | بِيَوْمٍ، مِثْلِ يَوْمِ النّهْرَوَانِ |
وَفَرّ الحَائِنُ المَغْرُورُ يَرْجُو | أمَاناً، أيَّ سَاعَةِ مَا أمَانِ؟ |
يَهَابُ الالْتِفَاتَ، وَقَدْ تأيّا | لِلَفْتَةِ طَرْفِهِ طَرَفَ السّنَانِ |
تَبَرّأ مِنْ خِلاَفَتِهِ، وَوَلّى | كأنّ العَبْدَ يَرْكُضُ في رِهَانِ |
وَمَا كَانَتْ رَعِيّتُهُ قَدِيماً، | سِوَى خِلْطَينِ مِنْ مَعِزٍ وَضَانٍ |
أمِيرَ المُؤمِنِينَ عَمَرْتَ فِينَا، | عَزِيزَ المُلْكِ، مَحرُوسَ المكانِ |
فإنّكَ أوّلٌ في كُلّ فَضْلٍ | نُعَدّدُهُ، وَعَبْدُ الله ثَانِ |