أبكاء في الدار بعد الدار
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أبُكَاءً في الدّارِ، بَعْدَ الدّارِ، | وَسُلُوّاً بِزَيْنَبٍ عَنْ نَوَارِ |
لا هُنَاكَ الشّغلُ الجَديدُ بحَزْوَى، | عَنْ رُسُومٍ برَامَتَينِ قِفَارِ |
ماظنت الأهواء قبلك تمحى | من صدور العشاق نحو الديار |
نَظرَةٌ رَدّتِ الهَوَى الشّرْقَ غَرْباً، | وَأمالَتْ نَهْجَ الدّموعِ الجَوَارِي |
رُبّ عَيشٍ لَنَا بِرَامَةَ رَطْبٍ، | وَلَيَالٍ فِيهَا طِوَالٍ قِصَارِ |
قَبلَ أنْ يُقبِلَ المَشيبُ، وَتبدُو | هَفَوَاتُ الشّبَابِ في إدْبَارِ |
كلُّ عُذْرٍ من كلّ ذنبٍ، ولكِنْ | أُعْوِزَ العُذْرُ مِنْ بَياضِ العِذارِ |
كانَ حُلْواً هذا الهَوَى، فَأدَاهُ | عَادَ مُرّاً وَالسّكْرُ قَبلَ الخُمارِ |
وَإذا مَا تَنَكّرَتْ لي بِلادٌ، | وخَليلٌ، فَإنّني بِالخِيَارِ |
وَخَدانُ القِلاصِ حَوْلاً، إذا قا | بَلْنَ حَوْلاً مِن أنجُمِ الأسحارِ |
يَتَرَقْرَقْنَ كالسّرَابِ وَقَد خُضْـ | ـنَ غِمَاراً مِنَ السّرَابِ الجَارِي |
كالقِسِيّ المُعَطَّفاتِ، بَلِ الأسْـ | ـهُمِ مَبْرِيّةً، بَلِ الأوْتَارِ |
قَدْ مَلِلْنَاكَ يا غُلامُ، فَغَادٍ | بِسَلامٍ، أوْ رَائِحٌ أوْ سَارِ |
سَرِقَاتٌ مِنّي خُصُوصاً، فإلاًّ | مِنْ عَدُوٍّ، أوْ صَاحبٍ، أوْ جارِ |
أنَا مِنْ ياسِرٍ، وَيُسْرٍ، وسعد، | لَسْتُ مِنْ عامِرٍ، وَلا عَمّارٍ |
لا أُرِيدُ النّظيرَ يُخْرِجُهُ الشّتْـ | ـمُ إلى الإحتِجاجِ، وَالإفْتِخارِ |
وَإذا رُعْتُهُ بِنَاحِيَةِ السّوْ | طِ، على الذّنْبِ، رَاعَني بالفِرَارِ |
ما بأرْضِ العِرَاقِ، يا قَوْمُ، حُرٌّ | يَفْتَديني مِنْ خِدْمَةِ الأحْرَارِ |
هَلْ جَوَادٌ بأبيَضٍ مِنْ بني الأصْـ | ـفَرِ ضَخمِ الجدودِ، محْضِ النِّجارِ |
لمْ تَرُعْ قَوْمَهُ السّرَايا، وَلم يَغْـ | ـزُهُمُ غَيرُ جَحْفَلٍ جَرّارِ |
أوْ خَميسٌ كَأنّمَا طُرِقُوا مِنْـ | ـهُ بِلَيْلٍ أوْ صُبّحُوا بِنَهَارِ |
في زُهَاهُ أبُو سَعيدٍ عَلى آ | ثَارِ خَيْلٍ قَد صَبّحَتهُ بثارِ |
فَحَوَتْهُ الرّماحُ أغيَدَ، مَجدو | لاً، قَصِيرَ الزُّنّارِ، وَافي الإزَارِ |
يتلظى كأنه الصنوف الســ | ـبي في عسكر شهاب النار |
فوْقَ ضُعفِ الصِّغارِ، إنْ وُكلَ الأمـ | ـرُ إلَيهِ، وَدونَ كَيدِ الكِبَارِ |
رَشَأٌ، تُخْبِرُ القَرَاطِقُ مِنْهُ، | عَنْ كُنَارٍ يُضِيءُ تحتَ الكُنَارِ |
لكَ مِنْ ثَغْرِهِ وَخَدّيْهِ مَا شِئْـ | ـتَ مِنَ الأُقْحُوَانِ وَالجُلَّنَارِ |
أعْجَمِيٌّ، إلاّ عَجَالَةَ لَفْظٍ؛ | عَرَبيٌّ تَفَتُّحُ النُّوّارِ |
وَكَأنّ الذّكَاءَ يَبعَثُ مِنْهُ، | في سَوَادِ الأُمُورِ، شُعْلَةَ نَارِ |
يا أبَا جَعْفَرٍ، وَما أنْتَ بالمَدْ | عُوّ، إلاّ لِكُلّ أمْرٍ كُبَارِ |
شَمسُ شَمسٍ، وبدرُ آلِ حُميدٍ | يَوْمَ عَدِّ الشّموسِ والأقْمَارِ |
وَفَتَى طَيِّءٍ، وَشَيخُ بني الصّا | مِتِ، أهلِ الأحسابِ، وَالأخطارِ |
لكَ من حاتمٍ، وَأوْسٍ، وَزَيْدٍ، | إرْثُ أُكْرُومَةٍ، وَإرْثُ فَخارِ |
سمح بين برمة أعشار | تتكفا وجفنة أكسار |
وَسُيُوفٌ مَطْبُوعَةٌ للمَنَايَا، | وَاقِعاتٌ مَوَاقِعَ الأقْدارِ |
تِلكَ أفْعالُهُمْ عَلى قدم الدّهْـ | ـرِ، وَكانوا جَداوِلاً مِنْ بِحَارِ |
أمَلي فيكُمُ، وَحَقّي عَلَيكُمْ، | وَرَوَاحي إلَيكُمُ، وَابتِكارِي |
وَاضطِرَابي في النّاسِ، حتّى إذا عُدْ | تُ إلى حاجَةٍ، فأنتُمْ قُصَارِي |
وَلَعَمْرِي لَلْجُودُ للنّاسِ للنّا | سِ سِوَاهُ بالثّوْبِ وَالدّينَارِ |
وَعَزِيزٌ إلاّ لَدَيْكَ بِهذَا الـ | ـفَخ أخْذُ الغِلْمانِ بالأشْعَارِ |