يا يوم عرج بل وراءك يا غد
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
يا يَوْمُ عَرّجْ بَلْ وَرَاءَكَ يا غَدُ، | قَدْ أجْمَعُوا بَيْناً، وَأنتَ المَوْعِدُ |
ألِفُوا الفِراقَ، كأنّهُ وَطَنٌ لَهُمْ، | لا يَقْرُبُونَ إلَيْهِ. حتى يَبْعَدُوا |
في كُلّ يَوْمٍ دِمْنَةٌ مِنْ حيهِمْ | تُقْوِي، وَرَبْعٌ مِنْهُمُ يَتَأبّدُ |
أوَ مَا كَفَانَا أنْ بكَيْنا غُرَّباً | حتى شَجَانَا، بالمَنَازِلِ، ثَهْمَدُ |
أسْنِدْ صُدُورَ اليَعْمَلاتِ بِوَقْفَةٍ | في المَاثِلاتِ، كأنّهُنّ المَسْنَدُ |
دِمَنٌ تَقَاضَاهُنّ أعْلان البِلَى، | هُوجُ الرّياحِ، البادِياتُ، العُوَّدُ |
حتى فَنِينَ، وَمَا البَقَاءُ لواقِفٍ، | وَالدّهْرُ، في أطْرَافِهِ، يَتَرَدّدُ |
هَلْ مُغرَمٌ يُعطي الهَوَى حَقّ الهوَى | مِنكُمْ، فيَنفَدُ دَمعُهُ، أوْ مُسعِدُ |
حُيّيت بَلْ سُقّيتِ مِنْ مَعْهُودَةٍ، | عَهْدي غَدَتْ مَهجُورَةً ما تُعهَدُ |
لو كان سامعة لبحت بلوعتي | ولقلت ما فعل الحسان الخرد |
وَلَو أنّ غِزْلانَ الكِنَاسِ تُجيبُني، | لَسَألْتُها أينَ الغَزَالُ الأغْيَدُ |
لا يبعد أبداً وهل تدنيهم | ياوهب قولك عاشق لا يبعد |
وأخٍ أتَاني عَتْبُهُ، وَكَأنّهُ | سَيْفٌ، عليّ مَعَ العَدُوّ، مُجَرَّدُ |
تلقى شجاعاً حيث تجتمع العلا | و محمدأ حيث استنار محمد |
وَيَحُلُّ مِن دون القُلوبِ إذا غَدَا | مُتَكَرِّماً، وَكَأنّهُ مُتَوَدِّدُ |
يوهي صَفاةَ الخَطبِ، وَهوَ مُلَملَمٌ، | وَيَهُدُّ رُكْنَ الخَصْمِ، وَهوَ يَلَندَدُ |
سِرٌّ، وَإعْلانٌ تُسَوّى مِنْهُمَا | نَفْسٌ تُضِيءُ، وَهِمّةٌ تَتَوَقّدُ |
فكَأنّ مَجلِسَهُ المُحَجَّبَ مَحفِلٌ؛ | وَكَأنّ خَلْوَتَهُ الخَفِيّةَ مَشهَدُ |
وَتوَاضُعٌ، لَوْلا التّكَرّمُ عاقَهُ | عَنْهُ عُلُوٌّ لَمْ يَنَلْهُ الفَرْقَدُ |
وَفُتُوّةٌ جَمَعَ التّقَى أطْرَافَهَا | وَنَدىً أحاطَ بجَانِبَيْهِ السّؤدَدُ |
وَشَبيبَةٌ، فيها النُّهَى، فإذا بَدَتْ | لذَوِي التّوَسّمِ، فَهْيَ شَيبٌ أسوَدُ |
خَضِلُ اليَدَينِ إذا تَفرّقَ في النّدى | جَمَعَ العُلا، فيما يُفيدُ وَيَنْفَدُ |
نَشْوَانُ يَطْرَبُ للسّؤالِ، كأنّمَا | غَنّاهُ مَالِكُ طَيِّءٍ، أوْ مَعْبَدُ |
جَاءَتْ عِنَايَتُهُ، وَلَمّا أدْعُها، | بِيَدٍ تَلُوحُ، وَنِعمَةٍ ما تُجحَدُ |
مَا زَالَ يَجلُو ما دَجَا مِنْ همّتي | بهِمَا، وَيُشعِلُ عَنْهُما ما أُخْمِدُ |
عُذْراً أبَا أيّوبَ، إنّ رَوِيّتي | تجني الخَطَاءَ، وَإنّ رَأيي مُحْصَدُ |
يا أحمَدُ بنُ مُحَمّدٍ نَضبَ النّدَى | مِنْ كَفّ كلّ أخي نَدىً، يا أحمَدُ |
أشكُو إلَيكَ أنَامِلاً ما تَنْطَوِي | يُبْساً، وأخْلافاً تُقَصّفُهَا اليَدُ |
وأنا لَبيدٌ، عِنْدَ آخِرِ دَمْعَةٍ، | يَصِفُ الصبابة والمَكارِمَ أرْبَدُ |
النّاسُ حَوْلَكَ رَوْضَةٌ مَا تَرْتَقى، | رَيّا النّبَاتِ، وَمَنْهَلٌ ما يُورَدُ |
جِدَةٌ، وَلا جُودٌ، وَطالبُ بُغيَةٍ | في الباخِلينَ، وَبُغْيَةٌ ما تُوجَدُ |
تَرَكُوا العُلا، وَهُمُ يرَوْنَ مكانَها، | وَدَعَا اللُّجَينُ قُلُوبَهُمْ، وَالعَسجدُ |
وَتَماحَكُوا في البُخْلِ، حتى خِلتُهُ | دِيناً يُدانُ به الإلَهُ، وَيُعْبَدُ |
أُرْضِيهِمِ قَوْلاً، وَلا يُرْضُونَني | فِعْلاً، وَتِلْكَ قَضِيّةٌ لا تُقْصَدُ |
فأذُمُّ مِنْهُمْ مَا يُذَمُّ، وَرُبّمَا | سامَحتُهُمْ، فَحَمِدتُ ما لا يُحمَدُ |