أمِنكِ سرى طيفٌ وقد كانَ لا يسري
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
أمِنكِ سرى طيفٌ وقد كانَ لا يسري | ونحنُ جميعاً هاجعون على الغَمْرِ |
تعجَّبتُ منه كيفَ أَمَّ رِكابَنا | وأرحُلَنا بينَ الرِّحال وما يَدْري |
و كيف اهتدى والقاعُ بيني وبينه | و لماعة ُ القطرين مناعة ُ القطرِ ؟ |
و أفضى إلى شعثِ الحقائب عرسوا | على منزلٍ وَعْرٍ ودَوِّيَّة ٍ قَفْرِ |
وقومٍ لَقُوا أعضادَ كلِّ طَليحة ٍ | بهامٍ مَلاهُنَّ النُّعاس منَ السُّكْرِ |
سروا وسماكُ الرمح فوق رؤسهمْ | فما هوموا إلاَّ على " وقعة " النسرِ |
وباتَ ضجيعاً لي ونحنُ منَ الكرى | كأنا تروينا العتيقُ من الخمرِ |
أضمّ عليه ساعديَّ " إلى " الحشا | وأَفرشُهُ مابينَ سَحْري إلى نَحري |
تمنَّيتُهُ والليلُ سارٍ بشخصِهِ | إلى مَضجعي حتَّى التَقيْنا على قَدْرِ |
و بيضٍ لواهنَّ المشيبُ عن الهوى | فأَنْزَرْنَ من وصْلي وأوسَعْنَ مِن هَجْري |
و ألزمنني ذنبَ المشيب كأنني | جَفَتْهُ يدايَ عامداً، لا يدُ الدَّهرِ |
أَمِنْ شَعَراتٍ حُلنَ بيضاً بمَفْرَقي | ظَنَنتنَّ ضَعْفي أو أَيِسْتُنَّ من عُمري |
محاكنَّ ربي إنما الشيبُ قسمة ٌ | لما فات من شرخِ الشبيبة من أمري |
سقى اللهُ أيَّامَ الشَّبيبة ِ رَيِّعاً | ورَعْياً لعصرٍ بانَ عنِّيَ من عصرِ |
لياليَ لاتَعْدو جِماليَ مُنيَتي | و لا ترددُ الحسناءُ نهيي ولا أمري |
وليلُ شبابي غاربُ النَّجم فاحمٌ | ترى العينَ تسري فيه دهراً بلا فجرِ |
وإذ أنا في حُبِّ القلوب مُحكَّمٌ | و أفئدة البيض الكواعب في أسري |
أَلا يابني فِهْرٍ شَكيَّة َ مُثقَلٍ | منَ الغَيظِ مَلآنِ الضُّلوع منَ الوِتْرِ |
تسقونه في كلّ يومٍ وليلة ٍ | بلا ظمأٍ كأس العداوة والغدرِ |
وأغضبكمْ ماطوَّلَ اللهُ في يدي | وأعلاه مِن مَجْدي وأسناهُ مِن فَخْري |
و إنيَ ممنْ لا تحطُّ ركابهُ | على البلد " النابي المجلهِ بالحسرِ " |
وإنَّ لساني عازبٌ قد علمتُمُ | عن العورِ أن أجريهِ والمنطق الهجرِ |
وكمْ ساءَكمْ نفعي ولم يكُ منكُمُ | وسَرَّكُمُ ما قيَّضَ الدَّهرُ من ضَرِّي |
و أرضاكمُ عسري وإن كان عسركمْ | وأسْخَطكمْ يُسري وإن لم يكن يُسري |
و قد كنتُ أرجوكمْ لجبري فها أنا | أخافُكُمُ طولَ الحياة ِ على كسري |
وكان لكم منِّي جَميعي فلم يزلْ | قبيحكُمُ حتَّى زَوى عنكُمُ شَطري |
وغرَّكُمُ أنِّي غَمَرتُ عُقوقَكُمْ | و أخفيته عن أعين الناس بالبرَّ |
أزملهُ في كلَّ يومٍ وليلة ٍ | كما زَمَّلَ المقرورُ كشحَيْهِ في قُرِّ |
وأكظِمُهُ كَظْمَ الغريبة ِ داءَها | و لولا اتساعي ضاق عن كظمهِ صدري |
وكيف أُرامي من ورائي عدوَّكمْ | وفيكم ورائي مَن أخافُ على ظهري |
وأنَّى أُرجِّيكُمْ لبُرْءٍ جِراحتي | و ما كان إلاَّ عن سهامكمُ عقري |
وأنِّي لأرضَى منكُمُ إنْ رضِيتُمُ | بأن تبخلوا بالحلو عني وبالمرَّ |
وأنْ لاتكونوا للعدوِّ مخالباً | إذا لم تكونوا يوم فريي بكم ظفري |
وهل فيكُمُ إلا امرؤٌ شاعَ ذكرُهُ | لِما شاعَ مابينَ الخلائق من ذكري؟ |
ومَن هو غُفْلٌ قبلَ وَسْمي وعاطلُ | التَّرائب لولا دُرُّ نَظْميَ أو نثري |
و شنعاءَ جاءتْ من لسان سفيهكمْ | تصاممتها عمداً وما بيَ من وقرِ |
و أعرضت عنها طاويَ الكشح دونها | وطيُّ اليماني البرد أبقى على النشرِ |
رَعى اللهُ قوماً خلَّفوني عليكُمُ | شددتُ بهمْ في كلّ معضلة ٍ أزري |
بطيئين عن سلمي ، فإن عزم العدا | مُحاربتي كانوا سِراعاً إلى نَصري |
ولي دونَهمْ حقِّي وفوقَ ظهورِهمْ | إذا عضَّني المكروهُ ثِقْليَ أو وِقْري |
صحبتهمُ أستنجد الكر فيهمُ | و قد كنتُ في الأقوام مستنجداً صبري |
همُ أخصبوا مرعايَ فيهمْ ومسرحي | و همْ آمنوا ما بين أظهرهمْ وكري |
وهم بَرَّدوا في النَّائباتِ جَوانحي | و همْ تركوا ذنبي غنياً " عن " العذرِ |
و قد كنتُ ألقى فيهمُ كلَّ مترعٍ | من الحسن معقولِ الأسرة ِ كالبدرِ |
أمين الخطا لم يسرِِ إلاّ إلى تقى | و لا دبّ يوماً للأخلاء بالمكرِ |
تراهُ مليّاً والعَوالي تَنوشُه | بأنْ يولج المجرَ العظيمَ " على المجرِ " |
و يمسى حديثُ القومِ عنه ويغتدي | ذكياً ششذاهُ بينهمْ أرجَ النشرِ |
كأنهمُ شنتْ ثناهُ شفاههمْ | يشنون في النادي سحيقاً من العطرِ |
مَضَوْا بَدَداً عنِّي وحلَّقَ بعدَهُمْ | بما سَرَّني في العيش قادِمَتا نَسْرِ |
فلا أغمضُ العينين إلاّ على قذى | و لا أقلب الجنبين إلاّ على جمرِ |