منّا الوصالُ ومنكُمُ الهجرُ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
منّا الوصالُ ومنكُمُ الهجرُ | وعلى إساءَتكمْ بنا الشُّكرُ |
ولكلِّ مَن أَسدى الجميلَ سوى | مسدي الجميل إليكمُ - أجرُ |
ياطلعة ً للحسنِ يظلمُها | مَنْ قالَ يوماً إنّها البدرُ |
إِنْ كان جُرماً ما ظننتِ بِنا | فالجرم يمحو " وزره " العذرُ |
حنت إليكمْ كلُّ غادية ٍ | وبكى عليكمْ بَعديَ القَطْرُ |
وثراكُمُ لازالَ مُلتمعاً | في حافتيهِ النورُ والزهرُ |
وإذا ابتغى وطناً يقيمُ به | سَحُّ الحَيا فرُباكُمُ الخُضرُ |
وكأنّ قلبي يومَ بَينِكُمُ | شطرٌ أقام وعنكمْ شطرْ |
ولقد وقفتُ على وداعكُمُ | وجوانحي من صبرها صِفْرُ |
وبهنَّ مِن تَلذيع بَينِكُمْ | جمرٌ " بودي أنه الجمرُ " |
وإذا مددتُ يداً إلى جَلَدي | فمحلقٌ عني به نسرُ |
يا صاحبيَّ وما عذرتكما | أنْ تنجُوَا عمّن به الأسرُ |
و صحوتها عن صاحبٍ ثملٍ | لم تَنْزُ في أوصالِهِ الخمرُ |
سكرانَ مِن عُجْبٍ يمرُّ بهِ | و لربّ سكرٍ دونه السكرُ |
وصَممتُما عنه وليسَ به | " مما " يخاف عليكما وقرُ |
ألاّ وقد فسحَ الزَّمانُ لنا | أعطانه واستغزرَ الدرُّ ؟ |
و كأنما الحولُ " المجرمُ " منْ | غفلاتنا " عن " مره شهرُ |
و إذا الأزمة ُ في أناملنا | والنَّهْيُ للأقوامِ والأمرُ |
للهِ أمٌّ غلستْ بفتى ً | حتى شَككنا أنه الفجرُ |
قامتْ تمطِّي عنهُ عالمة ً | أنّ الذي جاءتْ به الفخرُ |
وتَشاهدت من قبلِ مولدهِ | بذكائهِ الأعراقُ والنَّجْرُ |
فأتَى كما شاءَ الصديقُ له | لا مَرْقَعٌ فيهِ ولا جَبْرُ |
وتخالُ كِبْراً في شمائلهِ | مِن عزَّة ٍ ولغيرهِ الكِبرُ |
" وتراه في يوم الهياجِ إذا | وضحَ الحمامُ وصرح الذعرُ " |
يهوى إلى قنصِ النفوس كما | يهوى إلى فرصاته الصقرُ |
وبكفهِ في كلِّ مَعركة ٍ | ترد الدماءَ البيضُ والسمرُ |
كم ذا أطيلُ القولَ في زمنٍ | سِيّانِ فيه الخيرُ والشّرُّ |
أشرارُه في نَجْوة ٍ أبداً | مِن شرِّه والمُبتَلَى الحُرُّ |
قومٌ يرونَ الفقرَ بينهُمُ | أنْ تُعدمَ الأموالَ والوَفْرُ |
و يعدُّ غيرهمُ فقيرهمُ | مَن لا جميلَ له ولاذِكرُ |
و كأنما المعروف بينهمُ | من حشمة ٍ منه هو النُّكْرُ |
كيف الفلاحُ وبيننا خلفٌ | لا نائلٌ منهمْ ولا بشرُ ؟ |
نَبذوا الجميلَ وراءَ أظهرِهمْ | فرباعهمْ من فعله قفرُ |
و غذا عددتَ خيارهمْ فهمُ | مَن لا انتفاعَ بهمْ ولا ضَرُّ |
في كلَّ يومٍ منهمُ ترة ٌ | لو كان في أمثالهمْ وترُ |
و لربّ فعلٍ دقّ صاحبهُ | حتى أتاك وجرمهُ هدرُ |