أبَتْ زَفَراتُ الحبِّ إلاَّ تَصعُّدا
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
أبَتْ زَفَراتُ الحبِّ إلاَّ تَصعُّدا | ويأبَى لهيبُ الوجْدِ إِلاّ توقُّدا |
و لم أرَ منْ بعد الذين تشردوا | لأغنينا إلاّ رقاداً مشردا |
تذكَّرتُ بالغَوْرينِ نَجْدًا ضَلالة ً | ومن أين ذكرى غائرِ الدَّارِ مُنْجِدا؟ |
مضَى البينُ عنّا بالحياة ِ وطِيبها | فلم يبق بعد البين شيءٌ سوى الردى |
فقلْ للّذي يَنوي الفراقَ وعندَهُ | بأني مطيقٌ في الفراق التجلدا |
وَ عدتَ ببينِ يسلبُ العيشَ طيبه | فما كان ذاك الوعد إلاّ توعدا |
وما كانَ عندي أن يُفرَّق شَملُنا | و يبعدُ عن داري العميدُ تعمدا |
و ما سرني أنْ سرتَ عني وأنني | مقيم بأرضي أو تغيبَ وأشهدا |
سيرحمني من كان بالأمسِ حاسدي | وما عادَلَ المرحومُ فيك المُحسَّدا |
و أبقى وحيداً بعد أنْ كنتُ ثانياً | وَ منْ ذا بعيدَ الأنسِ يرضى التوحدا ؟ |
وما زلتُ دهرًا بالتفرُّقِ قانعًا | فما زلتَ بي حتّى كرهتُ التفرُّدا |
هززتُك سيفًا ما انْثَنى عن ضَريبة ٍ | مَضاءً كما أنّي نَقدتُك عَسْجَدا |
وكان الّذي بَيني وبينَكَ كلّهُ | وداداً وفي كلَّ الرجالِ توددا |
فإنْ لم يكن سنخٌ يؤلفُ بيننا | فقد ألَّفَتْ فينا الموَّدة ُ مَحتِدا |
وَ منْ قربته دارُ ودٍّ مصححٍ | إليَّ فلا كانَ المقرِّبُ مَولِدا |
و ما كنتُ أخشى أنني فيك أبتلي | وتُخرِجُ عن كَفَّيَّ منكَ المهنَّدا |
وأُسقَى بكَ العذبَ النَّمِيرَ ويَنْثني | فراقك يسقيني الأجاجَ المصردا |
ولو لم تَرُحْ عنِّي لما كنتُ بالّذي | أُبالي بناءٍ راحَ عنِّيَ أوغَدا |
و قد زادني منك النظامُ كأنهُ | رياضٌ بأعلى الحزنِ جاد لها الندى |
و قلدني منا وما كنتُ قبله | وجدك ما بين الرجالِ مقلدا |
و لو أنني أنشدتهُ نغماً به | معَ الصُّبحِ أطربتُ الحَمامَ المغرِّدا |
كأنيَ لما أنْ كرعتُ زلاله | كرعتُ زلالاً من سحابٍ على صدى |
فخُذْهُ كما شاءَ الودادُ وشِئتَهُ | نظاماً على مرّ الزمانِ منضدا |
هو الماءُ طوراً رقة ً وسلالة ً | وإنْ شئتَ طَورًا قوَّة ً كان جَلْمَدا |
و لما دعوتَ القولَ مني سمعته | وكانَ لمنْ يبغيهِ نَسْرًا وفَرْقَدا |