يا راكباً وصلَ الوجيفَ ذميلُهُ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
يا راكباً وصلَ الوجيفَ ذميلُهُ | هل زال من وادى الأراك حمولهُ ؟ |
عُجنا عليه وللقلوب بلابلٌ | هيّجنهنّ ربوعهُ وطلولهُ |
فخشوعنا لخشوعهِ ونحولنا | ـ إن كنتَ تُنكرُه ـ جناهُ نُحولُهُ |
من أجلِ دارٍ فوقَ وَجْرَة َ أقفرتْ | سيلٌ منَ العينين لجَّ همولُهُ |
نبكى وما أجدى على متتبّعٍ | أثرَ الدّيارِ بكاؤه وعويلهُ |
يا وحشَ وَجْرَة َ هل أراكَ على ثرى ً | غضِّ النباتِ تحومُهُ وتجولُهُ |
وهل الأراكُ ـ وإنْ تقادمَ عهدُه ـ | أغنى به فأظلّه وأقيلهُ ؟ |
وهل الكئيبُ بحالِهِ أم رُفِّعتْ | بالرّامساتِ عن الكثيب ذيوله ؟ |
أهواكَ يا شجرَ الأراكِ وبيننا | عُرضَ الحجازِ لمن بغاك وطُولُه |
إنّ الزّمان جميعه بك طيّبٌ | إصباحُهُ وظلامُهُ وأصيلُهُ |
إنَّ الأُلى حلّوا اللِّوَى وتحمَّلوا | وضحَ الضّحى فيهمْ " لقلبك " سوله |
ضنّوا عليك من النّدى بقليله | وكثيرُ حبِّك عنَدهمْ وقليلُهُ |
ووراءَهُمْ قَرِمٌ إلى أزوادِهمْ | ظام إِليهمْ لا يَبُلُّ غليلُهُ |
ترجو معاودة َ الوصالِ كما بدا | إِبّانَ جادَ به عليه بخيلُهُ؟ |
يا ردَّ ربّكمُ إلى َّ بعيدكمْ | وأمالَ قلبَكُمُ عليَّ يُميلُهُ |
ومزوَّدٍ ماءَ الشّبابِ كأنَّهُ | قمرُ الدّجنّة ِ حسنهُ " ومثولهُ " |
أظْما إلى تقبيلهِ ولوَ انَّني | قبّلتهُ لم يرونى تقبيله |
ضاقتْ به أقطارهُ وأقضَّ - حتّى زارنى صبحاً - عليه مقيلهُ | تَى زارني صُبحاً عليه مَقِيلُهُ |
من بعد ما كان الوصالُ سبيلنا | فيهِ وكانَ الهجرَ منه سبيلُهُ |
وكأنما هو نعمة ً ولدونة ً | نشوانُ دبَّتْ في العظامِ شَمولُهُ |
منْ مانعٌ عنّى وقد شحطَ الصّبا | شَيباً على الفَوْدين آنَ نزولُهُ؟ |
وافى هوى َّ السّلكِ خرّ نظامهُ | والشِعْبُ سالَ على الدِّيارِ مَسيلُهُ |
سبق احتراسى من أذاه بطيئهُ | لمّا تجلَّلني فكيفَ عَجولُهُ؟ |
ما ضرَّهُ لمّا أرادَ زيارة ً | لو كانَ بالإيذانِ جاءَ رسولُهُ؟ |
لا مرحباً ببياضِ رأسي زائراً | أعيا على َّ حلولهُ ورحيلهُ |
من كان يرقبُ صحة ً من مدنفٍ | فالشّيبُ داءٌ لا يبلُّ عليلهُ |
نصل الشّبابُ إلى المشيب وإنّما | صِبْغُ المشيبِ إلى الفناءِ نُصولُهُ |
أعجبْ به صبحاً يودُّ ظلامهُ | وشهابُ داجية ٍ يحبُّ أفولهُ |
قالوا: المشيبُ نباهة ٌ، وأوَدُّ أنْ | باقٍ على َّ من الشّبابِ خمولهُ |
والفضلُ في الشَّعَرِ البياض وليتَه | |
ولقد عجبتُ لمعشرٍ صانُوا الغِنى | وأَذَالَ منهم ما سواه مُذيلُهُ |
ظلُّ الغنَى يا ساكني ظلِّ الغنَى | يُخشَى عليه زوالُهُ وحُئولُهُ |
لم يَثرِ مَن لم يُغنِ مُفتقراً ولمْ | يَنَلِ الغِنى مَن لا تراهُ يُنيلُهُ |
والجودُ لا يُبقي التَّلادَ على الفَتى | والبخلُ عنوانُ الغِنَى ودليلُهُ |
لا يفضُلُ الأقوامَ إلاّ ماجدٌ | دبَّتْ إلى أيدي الرِّجالِ فُضُولُهُ |
للبرِّ ما كسبتْ يداهُ وللنّدى | منهُ الغَداة َ حُزونُهُ وسهولُهُ |
متلهّبٌ فإذا علا قممَ العدا | بسيوفهِ ماتتْ هناك ذُحولُهُ |
سائلْ لتعرفنى ففيك جهالة ٌ | " خطباً " تراه يطولنى وأطولهُ |
لمّا التَوَتْ عنه كواهلُ معشرٍ | أَضحى عليَّ دقيقُهُ وجليلُهُ |
فَلَّتْ مقارعة ُ الزَّمانِ مضاربي | والسَّيفُ تشهدُ بالمَضاءِ فُلولُهُ |
وتبيّنتْ " بدمِ " الرّجال صرامتى | واليومُ تجرى بالدّماءِ سيولهُ |
وبصيرتى يوم الهياجِ بصيرة ٌ | والنَّقْعُ مُرْخى ً في الوجوه سُدولُهُ |
يومٌ يكرّ عزيزهُ يبغى الرّدى | ويفرُّ يستبقي الحياة َ ذليلُهُ |
وأنا الذى فضلَ العشائرَ قومه | بعلاهُ واستلبَ الفخارَ قبيلُهُ |
ومتى تأمَّلتَ الزَّمانَ فإنَّهُ | وادٍ بغرِّ المكرماتِ أسيلهُ |
إنّ الفتى ما إنْ تطيب فروعه | لمجرّبٍ حتّى تطيب أصولهُ |
والنَّاسُ في الدّنيا إذا جرَّبْتَهمْ | بينَ الملا طاشتْ هناك عقولُهُ |
كم طالبٍ مالا ينال وراكبٍ | من سيّئٍ مالا يقال زليلهُ |
ومُزاولٍ تعجيلَ أمرٍ لو أتَى | عَجِلاً إِليه لساءَه تعجيلُهُ |
ومُرَقِّح نَشَباً حواهُ غيرُهُ | ومؤمِّلٍ ولغيرهِ مأمولُهُ |
والرِّزقُ يُحْرَمُه الخبيرُ ويهتدي | عفواً إليه عَقولُهُ وجَهولُهُ |
لا ذاك يدري كيفَ خابَ ولا درَى | هذا عليهِ كيف كانَ حصولُهُ |
وأخ بدا منهُ القبيح عُقيبَ ما | فعلَ الجميلَ فضاعَ منه جميلُهُ |
شَفَّعَ الزِّيارة َ هجرُهُ وبِعادُهُ | وتلا الوصالَ صدودهُ وعدولهُ |
ما إنْ يروعُك قصدُهُ مستشعراً | نسجَ الدّجى حتّى يروع قفولهُ |
متلوّنٌ ، إعطاؤه حرمانهُ | متقلّبٌ ، ممنوعهُ مبذولهُ |
من عاذرى من مرهقى أو معلقى | من ودّهِ علقاً يرادُ بديلهُ ؟ |
دَنِساً كرَبْطِ الحائضاتِ لبِسْنَهُ | فلَزِمْنَهُ حتّى استطارَ نَسيلُهُ |
علِّلْ برفقكَ مَن لقيتَ منَ الورى | إنَّ العليلَ شفاؤه تعليلُهُ |
ودع القلوبَ بغلّها مطويّة ً | ما السِّرُّ إلاّ ما إليكَ وصولُهُ |
وانصحْ لنفسك إنْ نصحتَ فكلُّ مَن | تلقاه فى الدّنيا يقلُّ قبولهُ |