يجدُّ بنا صرفُ الزّمان ونهزلُ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
يجدُّ بنا صرفُ الزّمان ونهزلُ | ونوقظ بالأحداثِ فيه ونغفلُ |
ونغترُّ في الدُّنيا برَيْثِ إقامة ٍ | ألا إنَّما ذاك المقيمُ مُرَحَّلُ |
يُقادُ الفتى قَوْدَ الجنيبِ إلى الرَّدى | وما قادهُ منه المغارُ المفتّلُ |
وما النّاسُ إلاّ ظاعنٌ أو مودّعٌ | ومستلبٌ مستعجلٌ أو مؤجّلُ |
فمن رجلٍ قضّى الحمامُ ديونه | وآخرَ يُلوى كلَّ يومٍ ويُمْطَلُ |
وأفنِيَة ٍ إمّا فِناءٌ مُراوَحٌ | مُغادَى إليه أو فناءٌ مُعَطَّلُ |
وما هذه الأيّامُ إلا منازلٌ | إذا ما قطعنا منزلاً بان منزلُ |
بنو الأرضِ يعلو واحدٌ " فوق ظهرها " | وآخرُ تعلو هى عليه فيسفلُ |
تعاقبَ سجلى ْ ماتحٍ فى ركيّة ٍ | فسَجْلٌ له يَرقَى وآخرُ ينزلُ |
فناءٌ ملحُّ ما يغبّ جميعنا | إذا عاشَ منّا آخِرٌ ماتَ أوّلُ |
وقالوا: تَمَنَّ العمرَ تحظَ بطولِهِ | فقلتُ: وما يُغني البقاءُ المطوَّلُ؟ |
قصيرُ مقامِ المرءِ مثلُ طويلهِ | يفئُ إلى وردِ المنونِ ويوصلُ |
أَروني الّذي فاتَ الحِمامَ ومن له | إذا أمّهُ المقدارُ ظهرٌ ومعقلُ ؟ |
وأينَ الذين استنزلَ الدَّهرُ منهمُ | بهاليلَ لمّا أَحزنوا العزَّ أسْهَلُوا؟ |
تراهمْ كآسادِ الشَّرى في حفيظة ٍ | فإنْ سُئلوا المعروفَ يوماً تهلَّلوا |
أذيدوا فلم يغنوا ولم يغنِ عنهمُ | منَ الذَائدين ما أنالوا وخَوَّلوا |
ولا أسمرٌ صَدْقُ الكعوبِ عَنَطْنَطٌ | ولا شادخٌ وافي الحِزامِ مُحجَّلُ |
وكم صاحبٍ لى كنتُ أكره فقده | تسلَّمَه منِّي الفَناءُ المعجَّلُ |
أُبدَّلُ بالإخوانِ ما إنْ مَلَلْتُهمْ | وبالرُّغم منِّي أنَّني أتبدَّلُ |
مقيمٌ بمستنِّ الخطوبِ تعلّنى | أفاويقَ أخلافِ الزّمان وتنهلُ |
وأُغضِي على ما آد ظهري كأنَّني | على حدثانِ الدّهرِ عودٌ مذلّلُ |
فيا ليتَ أنِّي للحوادثِ صخرة ٌ | تحمّلُ أثقالَ الخطوبِ فتحملُ |
تمرُّ بها الأيّامُ وهي مُظِلَّة ٌ | بعلياءَ لا تَهفو ولا تَتَزَيَّلُ |
ويا ليتَ عندي اليومَ بعضَ تَغَفُّلٍ | فأنعمُ منّا بالحياة ِ المغفّلُ |
ألا علِّلانِي بالحياة ِ وخادِعا | يقينى فكلٌّ " بالحياة ِ " معلّلُ |
وقولا لعلّ الدّارَ شحطٌ من الرّدى | وعمرُك من أعمارِ غيرِك أطولُ |
ولا تعدانى الشّرَّ قبلَ نزولهِ | فإنّ انتظارَ الشّرّ أدهى وأعضلُ |
ومُدّا بأسبابِ الحياة ِ طَماعتي | فإنّا على الأطماع فيها نُعوِّلُ |
وقودا إليَّ اليومَ ما شئتُ منكما | فإنّا غداً من هذه الدّارِ نُنقَلُ |
ودانٍ إلى شِعبي وقلبي تنازَحَتْ | به فى بطونِ الأرضِ غبراءُ مجهلُ |
تلفتُّ أبغي في الطَّماعة ِ عَوْدَه | وهيهات عمّا فى التّرابِ المؤمّلُ |
عليك ابن يحيى كلَّ يومٍ وليلة ٍ | سلامٌ كما شاء المحيّون " مسهلُ " |
ولا زال قبرٌ أنتَ فيه موسّدٌ | يُزاحُ بنشر المندليِّ ويوبَلُ |
وإنْ جَفَتِ الأنواءُ تُرباً فلم يزلْ | تمرُّ بهِ وهو المَجودُ المبلَّلُ |
تدرُّ عليه كلُّ وطْفاءَ جَوْنة ٍ | ويسري إليه البارقُ المتهلِّلُ |
ولمّا نعاك النّاعيان تهاطَلَتْ | بوادرُ ما كانتْ لغيرك تهطِلُ |
وعالوك قهراً فوق صهوة ِ شرجعٍ | لنا من نواحيهِ حنينٌ وأزْمَلُ |
غداة َ أديلَ الحزنُ منّا فلم يكنْ | هنالك إلاّ معولاتٌ ومعولُ |
ولا قلبَ إلاّ وهو منك مكلّمٌ | ولا لُبَّ وهْو فيك مُذَهَّلُ |
تقطَّع ما بيني وبينك والتُّقى | عليك على كرهي ترابٌ وجْنَدَلُ |
مُجاورَ قومٍ فرَّق الموتُ بينهمْ | وأجداثهمْ فى رأى عينٍ توصّلُ |
كأنّهمُ كانوا عكوفاً ببابلٍ | " فراقهمُ " منها الرّحيقُ المسلسلُ |
منحتك قولى حين لا فعلَ فى يدى | ويا ليتني فيه أقولُ وأفعلُ |
وليس يردّ الموتَ ما نحن بعده | نروّى من الأشعار أو نتنحّلُ |