ما الحبُّ إلاّ موئلُ المتعلّلِ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
ما الحبُّ إلاّ موئلُ المتعلّلِ | وبراعة ُ اللاَّحي وطَوْلُ العُذَّلِ |
خدعٌ إذا اصطلتِ النّفوسُ بنارها | لم تبقَ فيها مسكة ُ المتجمّلِ |
عدْ بالسّلوِّ على الغرامِ فإنّه | أمدُ المشوقِ وعزّة المتذلّلِ |
للَّه قلبٌ ما اطمأنَّ به الهوى | إلاّ تلوّمَ مزمعٍ متحمّلِ |
لا تحسبَنْ وُدِّي لأوَّلِ راغبٍ | طوعَ العيونِ ونُهزَة َ المتعجِّلِ |
فلطالما أعرضتُ عن وجه الهوى | وثنيتُ عن جهة الغوانى كلكلى |
أمّا وقد صبغ المشيبُ ذوائبي | للنّاظرين فلاتَ حينَ تغزُّلِ |
وأزالَ من خطرِ المشيبِ تَوجُّعي | علمى بأنْ ليس الشّبابُ بمعقلى |
فلئن جزعتُ فكلُّ شيءٍ مجزعي | ولئنْ أمنتُ فشيمَة ُ المسترسلِ |
حسبُ الفتى زمنٌ يقرّب صرفهُ | ما بينَ كلِّ إقامة ٍ وتَرحُّلِ |
ممّا يُعلُّ الحزمَ إنْ لم يُرْدِهِ | ظفرُ المقيمِ وخيبة ُ المتوغّلِ |
جهدُ " العليمِ " كعفو آخرِ جاهلٍ | والنّجحُ للسّاعى له والمؤتلى |
حَتَّى مَ تأنسُ بالحوادثِ همَّتي؟ | والدَّهرُ يوحشُ ظِنَّة َ المتأمِّلِ! |
ألقى على الأيّامِ وطأة َ حازمٍ | متكشّفِ الأعضاء خافى المقتلِ |
ومتى قدرتُ على الزّمان بسطوة ٍ | فعلى أميرِ المؤمنين توكُّلي |
بالطّائع اطَّادَتْ مذاهبُ أُمّة ٍ | فَوْضَى على سُنَنِ النبيِّ المرسلِ |
نال الخلافة َ وهى أبعدُ مرتقًى | وأقامَ فيها وهْي أكرمُ منزلِ |
كملتْ أداة ُ المجد فيهِ وربَّما | كَمَلَتْ رياسة ُ مُخدَجٍ لم يكمُلِ |
شِيَمٌ تَبَلَّجُ للعيون وتَنْثني | طرقاتها تدجو على المتقيّلِ |
متفاوتُ الطَّعْمينِ أَرْيٌ في فم الـ | ـعافى وللباغى نقيعُ الحنظلِ |
كرمٌ تبوَّأ في ظِلالِ شراسة ٍ | كالماء يرتع فى فقار المنصلِ |
وإذا تسرّع فى بداية ِ عزمهِ | أخزى بهنّ رويّة َ المتمهّلِ |
ماضٍ كحدِّ السَّيفِ إلاّ أنَّهُ | لم تثنِ جرأته جزالة ُ " مفصلِ " |
إنْ همّ لم تعقِ الهوينى همّه | كالسّيلِ يلحق محزناً بالمسهلِ |
وَكَلوا إليه عُرا الأمور وإنَّما | وَكَلوا السَّماحَ إلى الغمامِ المُسبِلِ |
عاذوا بمنخرقِ اليمين مضاؤه | يكفى " العفاة َ " ذريعة َ المتوسّلِ |
فإذا سَرَوْا فسناهُ أشرقُ كوكبٍ | وإذا صَدَوْا فنداهُ أعذبُ منهلِ |
غيرانُ يدفع عن قرارة ِ دينهمْ | دَفْعَ الأسودِ عن العرينِ المُشبِلِ |
متسرِّعٌ للطّالبين إلى الجَدا | ثَبْتُ المقامة ِ في المقامِ الأهولِ |
وإذا سألتَ فلم تغالِ ولم تخبْ | وإنْ اشتطَطْتَ أخذتَ ما لم تسأَلِ |
نأتِ الظُّنون فليس يهجسُ لامرىء ٍ | فطنٍ من المعروفِ ما لم يفعلِ |
وإذا تزاحمتِ الهموم بصدره | جَلَّى غَيابَتَها بهمَّة ٍ فَيصلِ |
قلقُ البصيرة ِ إنْ سرتْ أفكاره | ظفرتْ بما خلفِ القضاءِ المسدلِ |
سامى " البنيّة ِ " فى المكارمِ أسكنتْ | منه الخلافة ُ فى معمٍّ مخولِ |
كم قد تجاذَبها الرِّجالُ فلم تَنُخْ | إلاّ على البيتِ الأَعزِّ الأطولِ |
لبّتْ نداءكمُ وكم من هاتفٍ | ما سَوَّغَتْه إِصاخة َ المُتَقَبِّلِ |
أفضتْ إلى الكنف الخصيب فطالما | كانتْ تقلّبُ فى الخبارِ الممحلِ |
لم تلتئمْ بأكفّكمْ حتّى رأتْ | تصديعكمْ فيها رءوس الزّمّلِ |
يفديكَ مَن شَرِقتْ بمجدك نفسُه | شرقَ المذانبِ بالغوادى الهطّلِ |
رويتْ بفيص نوالك الخضل النّدى | " فتبوّعتْ " فى بشرك المتهلّلِ |
ولقد بلوك على الزّمان فصادفوا | عَضْباً غنيّاً عن يمين الصَّيْقَلِ |
لا يبعدُ اللهُ انْصلاتك للعِدا | عجلاً تدهده جحفلاً فى جحفلِ |
مُتوقِّداً في هَبْوَتي ذاك الدُّجى | متهجّماً فى ضيقِ ذاك المدخلِ |
إذْ لا جرىء َ البأسِ إلاّ محجمٌ | حيرانُ يخبطُ حَيْرة ً بتأمُّلِ |
والخيلُ قد عفَّى النَّجيعُ حُجولها | حتى لأشكل مطلقٌ بمحجّلِ |
ولكمْ رميتَ أخا مروقٍ هزّه | أَشَرُ الجِماحِ بعزمة ٍ كالمِسْحَلِ |
لا تستقلُّ بماضِغَيْهِ فتنكفي | إلاّ وغاربه ضجيعَ الجندلِ |
أَمُساوري الأضغانِ هل من غاية ٍ | ما طالَها؟ أم فاضلٍ لم يفضُلِ؟ |
لا تُحرجوهُ بالعُقوقِ فتأخذوا | من سخطه بزمام أمرٍ معضلِ |
ملاّكمُ البالَ الرّخى َّ وكنتمُ | ثاوين بين " تلدّدٍ " وتقلقلِ |
أطغاكُمُ خَفضُ الأناة ِ ودونها | نقمٌ تعدّل " جانبَ " المتزيّلِ |
ما غرّكمْ إلاّ تغاضى خادرٍ | مُتيقِّظِ العزماتِ عادي الأنصُلِ |
إنْ يغتفرْ لا ينتقمْ أو ينتقمْ | لا يصطلمْ أو يصطلمْ لا ينكلِ |
خَلّوا السَّبيلَ لشمسِ كلِّ دُجُنَّة ٍ | كثفتْ وموضحِ كلِّ خطبٍ مشكلِ |
يا كاليءَ الإسلامِ ممَّن رامَهُ | ومقيمَ أحكامِ الكتاب المنزلِ |
أقصَى مُرادي أنْ أَراكَ وإنَّها | أمنية ٌ حسبى بها لمؤمّلِ |
تتساقط الحاجات عند بلوغها | عن كلّ قلبٍ بالعلاءِ موكّلِ |
هل لى إلى الوجه المحجّبِ نظرة ٌ | ترمي بِصيتي فوقَ ظهرِ الشَّمْأَلِ؟ |
أجْلوا بها صدأَ الشُّكوكِ إذا اعترتْ | دونى وأسكن ظلّها فى المحفلِ |
أُثني وما هذا الثَّناءُ لمجتَدٍ | فلذاك أبعدُ عن مقالِ المبطلِ |
لا درَّ درُّ الانتجاعِ فإنّه | دَنَسٌ لثوبِ المعتفي والمفضلِ |
هيهات يبلغك المديحُ وإنّما | أحظَى بفضل الجاهد المُتَغلغلِ |
أسلفتنى النّعماءَ فى أهلى معاً | فمتى ينوءُ بعبء حقِّك مِقْوَلي؟ |
ومددتَ من ضبعى ْ أبى فتركته | يزرى بمنزلة ِ السّماكِ الأعزلِ |
أوطأته قللَ العداة وإنّها | قُلَلٌ مؤهَّلَة ٌ لوقعِ الأرجلِ |
لمّا استطارَ البغيُ في آنافِهمْ | وتَنَكَّبوا سُنَنَ السَّبيل الأمثلِ |
أمطرتهمْ غلواءَ بأسٍ ردّهمْ | يتدارسونَ بلاغة َ المتنصِّلِ |
لم يَغْنِ إنْ دبُّوا بعذرٍ بعدَها | ركبوا بذنبِهُم قوادمَ أجدَلِ |
لا زلتَ تَستقضي الدُّهورَ مُحكَّماً | فى النّائباتِ منيعَ ظهرِ المعقلِ |