ما للقلوب غداة َ السّبتِ مزعجة ً
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
ما للقلوب غداة َ السّبتِ مزعجة ً | وللدّموع غداة َ السّبت تنسجمُ ؟ |
وللرّجالِ يحلّون الحُبا وَلَهاً | من " أنّهمْ علموا " فى ذاك ما علموا |
تجرى دموعُ عيونٍ ودّ صاحبها | لو أنَّهنَّ على حرِّ المصابِ دمُ |
كأنَّنا اليومَ من همٍّ تقَسَّمَنا | نهبٌ بأيدى ولاة السّوءِ مقتسمُ |
نثنى الأكفَّ حياءً عن ملاطمنا | وفى الحشا زفراتُ الحزنِ تلتطمُ |
ونكتمُ النّاسَ وَجْداً في جوانحنا | وكيف نكتُم شيئاً ليس ينكتمُ؟ |
يا موتُ كم لكريمٍ فيك من ترة ٍ | أعيا بها الرّمحُ والصّمصامة ُ الخذمُ |
وكم ولجتَ وما شاورتَ صاحبه | قصراً على بابه الحرّاسُ والخدمُ ! |
وكم عظيمِ أُناسٍ قد سطوتَ بهِ | لم يغُنِ عنه فتيلاً ذلك العِظَمُ! |
وما نجا منك لا صغرٌ ولا كبرٌ | ولا شبابٌ ولا شيبٌ ولا هرمُ |
هيهاتَ مُكِّن من أرواحنا حَنِقٌ | فظٌّ وحكّمَ فى أجسامنا قرمُ |
أينَ الّذين على هذي الثّرى وطئوا | وحُكِّموا في لذيذ العيش فاحتكموا؟ |
ومُلِّكوا الأرضَ من سهلٍ ومن جبلٍ | وخُوِّلوا نِعَماً ما مِثْلَها نِعَمُ |
حتّى إذا بلغ الميقاتُ غايته | لم يَسلموا ولشيءٍ طالما سلموا |
لم يبق منهمْ على ضنّ القلوب بهمْ | إلاّ رسومُ قبورٍ حشوُها رِمَمُ |
مسنّدين إلى زوراءَ موحشة | ظلماءَ لا إِرَمٌ فيها ولا عَلَمُ |
كأنّما طبّقتْ أجفانهمْ سنة ٌ | أو شَفَّهمْ لِبلى أجسادِهمْ سَقَمُ |
يغضون من غير فكرٍ يرتأون له | ويأزمون على الأيدى وما ندموا |
فلا يغرَّنْك في المَوْتى وجودُهُمُ | فإنّ ذاك وجودٌ كلّه عدمُ |
قل للوزير وإن جلّتْ مصيبته : | هيهات فاتكَ ما يجرى به القلمُ |
إنَّ التي أنت ملآنٌ بلوعَتِها | مضتْ كما مضتِ الأحياءُ والأُمَمُ |
ملّيتَ دهراً بها من غير محسبة ٍ | وغير من رجعَ الموهوبَ متهمُ |
وحزنك اليوم عقبى ما سررتَ به | حيناً وعقبى الذى تلتذّه الألمُ |
وما خصصتَ بمكروهٍ تجلّلنا | ونحن قبلك بالبأساءِ نستهمُ |
فاصبرْ، فصبرُك موصولٌ بموهبة ٍ | تَبقى وكلُّ الذي أعطيتَ مُنصرمُ |
وكنْ كمن أنتَ مشغوفٌ بسيرتهِ | ممَّن أصابَهُمُ المكروهُ فاحتزِموا |
لا يألمون بشىء ٍ من مصائبهمْ | حتّى إذا أُولِمُوا في دِينهمْ أَلِموا |
وقد مضَى ما اقتضاهُ الرُّزءُ من جَزعٍ | فأينَ ما يقتضيهِ العلمُ والكرمُ؟ |