ألا جنّبا قلبى الأذى لا يطيقهُ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
ألا جنّبا قلبى الأذى لا يطيقهُ | وقولوا له إذ ضلَّ: أينَ طريقُهُ |
فما الشَّوقُ والأشجانُ إلاّ صَبوحُهُ | وما الهمُّ والأحزانُ إلا غبوقهُ |
فإنْ أنتما لم تُسعداهُ بعبرة ٍ | فلا تنكرا إن سحّ بالدّمعِ موقهُ |
طوَى الموتُ أهلي بعدَ طيِّ أصادِقي | ولمّا يقمْ من بانَ عنه صديقهُ |
فثكلٌ على ثكلٍ ورزءٌ يسوقهُ | إلى الكبدِ الحرّى عليه سؤوقهُ |
وما المرءُ إِلاّ عُرضة ٌ لمصيبة ٍ | فطَوْراً بَنُوهُ ثمَّ طَوراً شَقيقُهُ |
وما الدّهرُ إلاّ ترحة ٌ بعد فرحة ٍ | فلا كانَ منه بِرُّهُ وعقوقُهُ |
أتانى من الطّرّاقِ ما يقرحُ الحشا | وكم طارقٍ لى لا يودُّ طروقهُ |
وقالوا : معزُّ الدّينِ تاه به الرّدى | وسُدَّ به في وَسْطِ قاعٍ خُروقُهُ |
فألهبَ خوفاً ليس يخبو حريقهُ | وأعقبَ سكراً ليس يَصْحو مُفيقُهُ |
وذال ذهابٌ ليس يدنو إيابهُ | ووشكُ غروبٍ ليس يرجى شروقهُ |
كأنِّي وقد فارقتُهُ شِعْبُ منزلٍ | تحمّل عنه راغمين فريقهُ |
وإلاّ فصديانٌ على ظهر قفرة ٍ | وما ماؤه إلاّ السّرابُ وريقهُ |
فليس الذي تجري به العينُ ماؤها | ولكنَّه ماءُ الحياة ِ أُريقُهُ |
فمنْ لسرير الملك يركبُ متنَهُ | فيعلو به إشرافهُ وسموقهُ ؟ |
ومَنْ لصفيحِ الهند يُنْثَرُ حولَه | فديغُ رءوسٍ فى الوغى وفليقهُ ؟ |
ومَنْ للقنا تحمرُّ منه ترائبُ | كأنَّ خَلوقَ المعرساتِ خَلوقُهُ |
ومَنْ للجيادِ الضُّمَّرِ القُودِ قادَها | إلى موقفٍ ؛ دحضُ المقامِ زليقهُ ؟ |
ومَنْ يحملِ العِبْءَ الرَّزينَ تكرُّماً | إذا كلَّ عن حملِ الثّقيلِ مطيقهُ ؟ |
ومَنْ لثغور الملكِ يرتُقُ فتقَها | إذا التاث ثَغْرٌ أو تراءَتْ فتوقُهُ |
فتى ً كان رنَّاتِ السُّيوفِ سَماعُهُ | وفيضَ نجيعِ الذَّابلاتِ رحيقُهُ |
ولم تُلفِهِ إِلاّ وفوقَ فَقارِهِ | جليلُ الذى يقتادنا ودقيقهُ |
وقد علم الأملاك أنك فتهم | وإلا فقل من ذا الذي لا تفوته؟ |
فإن نزلوا فى الفجر هضباً رفيعة ً | فمنزلك الأعلى من الفخرِ نيقهُ |
وأنّك من قومٍ كفى الخطبَ بأسهمْ | وقامتْ بهمْ في مُعظم الأمرِ سُوقُهُ |
إذا ما جرى منهم كريمٌ إلى ندًى | مصى لم يعقهُ دونه ما يعوقهُ |
وفيهمْ شعابُ الملك تجرى وعندهمْ | إذا وشجتْ أغصانهُ وعروقهُ |
وإن تنكص الأقدامُ جنباً فما لهمْ | إلى المجد إلاّ شدّهُ وعنيقهُ |
قضى اللهُ لى من بعدك الحزنَ والأسى | وليسَ بمردودٍ قضاءٌ يسوقُهُ |
وما كنتُ أخشى أنْ تبيتَ وبيننا | بعيدُ المدى شَحْطُ المزارِ سحيقُهُ |
وأنِّيَ موفورٌ وأنتَ مُحَمَّلٌ | بثِقْلِ الثَّرى ما لا أراك تُطيقُهُ |
يُفِيقُ الرّجالُ الشّاربونَ منَ الكَرى | وسكرك من خمرِ الرَّدَى لا تُفيقُهُ |
ولِمْ لا أقيكَ السُّوءَ يوماً وطالما | وقيتَ من الأمر الذّعاف مذوقهُ |
ولمّا عرانى ما عرانى َ والتوى | عليَّ أخٌ فيما عرا وشقيقُهُ |
تشمّرتَ لى حتّى أضاء ظلامهُ | وطاوع عاصيه وأرحبَ ضيقهُ |
فإنْ تمضِ فالأنواءُ تمضى وإنْ تغبْ | فقد غابَ عنّا من زمانٍ أنيقُهُ |
وإن تَعْرَ منّا اليومَ فالغصنُ يُغتَدَى | وريقاً زماناً ثمّ يعرى وريقهُ |
فما لفؤادى بعد يومك بهجة ٌ | ولا شاقَ قلبي بعده ما يشوقُهُ |
ولا لسلوٍّ خطرة ٌ فى جوانحى | ولا لجفوني طعمُ نومٍ أذوقُهُ |
سلامٌ على قبرٍ حَلَلْتَ ترابَه | وهبَّ عليه من نسيمٍ رقيقُهُ |
ومن حوله وشى ُ الرّياض منشّرٌ | وفيه من المسك الذّكى ّ فتيقهُ |
فإنْ ضاقت الأرضُ الفضا بعد فقده | فقد وسِعَتْه تربة ٌ لا تضيقُهُ |
مَررنا عليه منشئينَ لقبرهِ | غمامَ دموعٍ والحنينُ يسوقُهُ |
ومن قلّة ِ الإنصافِ عيشى َ بعده | وفى الكفّ منّى لو أردتُ لحوقهُ |