عرفتُ وياليتنى ما عرفتُ
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
عرفتُ وياليتنى ما عرفتُ | فمُرُّ الحياة ِ لمن قد عَرَفْ |
فها أنا ذا طولَ هذا الزّمان | نِ بينَ الجَوى تارة ً والأسَفْ |
فمنْ راحلٍ لا إيابٌ له | وماضٍ وليس له من خلفْ |
فلا الدَّهرُ يُمتِعُني بالمقيمِ | ولا هو يرجعُ لى من سلفْ |
أرونيَ إنْ كنتُمُ تَقْدور | نَ مَن ليس يكرعُ كأسَ التَّلَفْ |
ومَن ليس رَهْناً لداعي الحِمامِ | إذا ما دعى باسمه أو هتفْ |
وما الدّهرُ إلاّ الغرورُ الخدوعُ | فماذا الغرامُ به والكلفْ ؟ |
وما هو إلاّ كلمحِ البُروقِ | وإلاّ هبوب خريفٍ عَصَفْ |
ولم أرَ يوماً وإن ساءنى | كيومِ حِمامِ كمالِ الشَّرَفْ |
كأنِّيَ بعدَ فراقٍ له | وقَطْعٍ لأسبابِ تلك الأُلَفْ |
أخو سَفَرٍ شاسِعٍ مالهُ | منَ الزّادِ إلاّ بقايا لَطَفْ |
وعوّضنى بالرّقادِ السّهادَ | وأبدلني بالضِّياءِ السَّدَفْ |
فراقٌ وما بعده ملتقًى | وصدَّ وليس له منعطف |
وبعتُك كَرْهاً بسَوْمِ الزَّما | بيعَ الغبينِ فأين الخلفْ ؟ |
وعاتبتُ فيك صروفَ الزّمانِ | ومن عاتب الدّهرَ لم ينتصفْ |
وقد خطف الموتُ كلَّ الرّجالِ | ومثلُكَ مِن بيننا ما خَطَفْ |
وما كنتَ إلاّ أبيَّ الجَنانِ | عن الضَّيْمِ مُحتمياً بالأنَفْ |
خليّاً من العار صفرَ الإزارِ | مدى الدّهرِ من دنسٍ أو نطفْ |
وأذري الدُّموعَ ويا قلَّما | يَرُدُّ الفوائتَ دمعٌ ذَرَفْ |
ومن أينَ تَرنو إليك العيونُ | وأنت ببوغائها فى سجفْ ؟ |
فبنْ ما مللتَ وكم بائنٍ | مضَى مُوسعاً مِن قِلى ً أو شَنَفْ |
وسَقَّى ضريحَك بينَ القبورِ | من البرِّ ما شئته والّلطفْ |
ولا زال من جانبيه النّسيمُ | يعاوده والرّياضُ الأنفْ |
وصيَّرك اللهُ من قاطِني الـ | ـجنانِ وسكّانِ تلك الغرفْ |
تجاورُ آباءك الطّاهرينِ | ويتَّبعُ السّالفينَ الخَلَفْ |