إذا سارتْ بنا خُوصُ الرِّكابِ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
إذا سارتْ بنا خُوصُ الرِّكابِ | ورُحنا بالهوادجِ والقِبابِ |
دعى ما لا يردّ عليكِ شيئاً | وقومي فانظري مِنّي إيابي |
فإنْ فُجِعتْ يمينُكِ بي ارتحالاً | فقد فُجعتْ يَميني بالشَّباب |
فما يُجدي زفيري إذْ "توالى " | ولا يُغني بكائي وانتحابي |
ذعَرْتُ به المَها واَرَقْتُ لمّا | لبستُ قميصَه ماءَ التَّصابي |
ونكّب عاذلي عن دارِ عَذْلِي | فتارَكني وأقصرَ عن عتابي |
فلستُ أحنُّ والبيضاءُ عندي | إلى البيضاء والرُّودِ الكَعابِ |
ولا تَقْتادني بُرَحاءُ وجْدي | إلى ذاتِ القلائدِ والسِّخابِ |
فقلْ لصقيلة ِ الخدَّين حُسْناً: | دَعيني من ثناياكِ العِذابِ |
فما لي فوق جِيدِكِ من عِناقٍ | وما لي من رُضابِكِ من شرابِ |
ولا لي منكِ والشَّعراتُ بيضٌ | بُعَيْدَ سوادِها غير اجتنابِ |
نِقابَكِ والبعادَ اليومَ منّي | فقد صارَ المشيبُ بها نِقابي |
ضَللتُ عن الهُدى زمناً بسودِي | فأرشدني المشيبُ إلى الصَّوابِ |
ألمْ ترني مقيماً في سِراعٍ | إلى خطإٍ بِطاءً عن صَوابِ |
طعامي فيهُمُ وعدٌ خَليٌّ | عن الجدوى وشربي من سَرابِ |
لهمْ غدرٌ بجارِهُمُ ومَكْرٌ | به خافٍ ولا مكرُ الذِّئابِ |
وقد مَزجوا دَهاءً بالتَّداهي | كما خلطوا الغباوة بالتّغابي |
وحبُّهُمُ الذي لا أرتضيهِ | فأنفقُ فيه من جِدّي لِعابي |
فقلْ لمعاشرٍ رجموا حِمامي: | أَروني مَن ينوبُ لكم منابي؟ |
ومن يشفيكُمُ كَلِماً وكلْماً | لدى غَمَراتِ خطبٍ أو خطابِ؟ |
وقد طردَ الرَّدى عنكمْ قِراعي | كما طرحَ النَّدى فيكمْ سَحابي |
فأينَ حَضيضُكمْ من رأسِ نيقي | ومِن أوشالكمْ أبداً عُبابي؟ |
وما للعار في طَرَفِي مجالٌ | وأنتمْ في يَدَيْ عارٍ وعابِ |
فلا تستوطنوا إلاّ وِهاداً | فإنَّ لغيركمْ قُلَلَ الرَّوابي |
وممّا ضرّمَ الأعداءَ ناراً | حلولي من قريشٍ في اللُّبابِ |
وأنَّ إلى نَبيٍّ أو وصيٍّ | نُسِبْتُ فمن له مثلُ انتسابي؟ |
وفي بيتي النبُوّة ُ ما عَدَتْنِي | وقانونُ الإمامة ِ في نِصابي |
أجلْ عينيك في مجدي تجدْني | وَلَجْتُ إلى العُلا من كلِّ بابِ |
فما طُوِيتْ على لَعِبٍ ثيابي | ولا حُدِيَتْ إلى طَرَبٍ رِكابي |
هو الزّمنُ الّذي يُدْني ويُنئِي | ويُقعِي حين يُقعِي للوِثابِ |
جمعتمْ يا بني الدّنيا حطاماً | يُرى من بعدكمْ بيدِ النِّهابِ |
وقد أذللتُ ما أعززْتُموهُ | فدأبَكُمُ بني الدّنيا ودابي |
لقد طلبَ العِدى منِّي مَعابًا | فما وجدوا -وقد جَهدوا- مَعَابي |
ولا رجّوا ولا حذروا جميعاً | سِوى عُقبى ثَوابي أو عِقابي |
ومن ذا كان للخلفاءِ مثلِي | وقد مسَّتْ أسِرَّتَهم ثيابي؟ |
وقد عَتبوا عليَّ وليس يخلو الـ | ـعَدُوُّ ولا الوليُّ من العتابِ |
فما طَرحوا لِذي أرَبٍ سُؤالي | ولا تركوا "جوابي" عن خطابي |
وما لي بينهمْ إلاّ ليالٍ | عذُبْنَ وغير أيّامٍ طِيابِ |
وكمْ يومٍ نصرتُهُمُ وفَرْشي | قَرا الجُرْدِ المطهَّمة ِ العِرابِ |
كأني "شامخٌ" في رأس طَوْدٍ | وفي الإسراعِ فوقَ قطاة ِ جابِ |
وفي كفِّي صَقيلٌ لا بصقلٍ | له عهدٌ طويل بالقِرابِ |
إذا حَمَلَتْهُ كفِّي في هِياجٍ | فويلٌ للجماجمِ والرّقابِ! |
وقد جمجمتُ عمّا في ضميري | فإنْ بُقِّيتُ قلتُ ولم أحابِ |