أما والهوى العذري ما بتُّ ساليا
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أما والهوى العذري ما بتُّ ساليا | حبيباً بعيني الكرى كان ثانيا |
سلوتُ إذاً والله حتى حشاشتي | على عزّها إن كنت أمسيت ساليا |
وريّان من ماء الصبا غصنُ قدّه | برغمي يمس في ثرى اللحد ذاويا |
فجعتُ به حلو الشمائل بعدما | ولعتُ به غضَّ الشبيبة ناشيا |
تطلّعُ نفسي من ثنايا اشتياقها | إلى طلعة ٍ منه تنير الدياجيا |
وأطلب في الأحياء رؤية شخصه | على ولهٍ منّي وأنسى افتقاديا |
فكم لي على الذكر إليه التفاتة ٌ | كأنْ لم يكن بالأمس وسَّد ثاويا |
ولائمة ٍ لامت ولم تدرِ ما الجوى | ولا كيف يرعى المستهام الدراريا |
تلوم ولا سمعي لها فيجيبها | إلى سلوة ٍ قلبي ولا قلبها ليا |
ولو وجدتْ للبين ما قد وجدته | غدا آمري بالحزن من كان ناهيا |
أميمة ُ هل أدميت إلا بنانيا | وهل غيرُ دمعي بلَّ فضل ردائيا |
أقلّي فلم أنضح جواي بأدمعٍ | اكفكفها عن مقلتيك جواريا |
ولا قلَّبت كفُّ لأسى لك مهجة | حشاي على جمرٍ توقَّد ذاكيا |
عذلت وعندي يعلم الله لوعة | أكابد منها ما يدكُّ الرواسيا |
غلبتَ وأحداثُ الزمان غوالبٌ | وفي أيّ دار ما أقمن النواعيا |
وكيف انتصاري يوم طارقة النوى | وعند الليالي يا ابنة القوم ثاريا؟ |
حدت ظعن الأحباب عنّي وغادرت | مع السقم تعتاد الهمومُ وساديا |
وفي الجيرة النائين لو تعلمينها | علاقة ُ حبٍ همت فيها لياليا |
فلو جمعتنا الدار من بعد هذه | إذاً لأطلنا يا أميمُ التشاكيا |
بمن أتداوى من جوى الهمّ لا بمن | وهل دفن الأقوام إلا دوائيا؟ |
وغادين قد أتبعتهم يوم ظعنهم | جفوناً يعلّمن البكاء الغواديا |
وقفتُ لهم في مدرج البين وقفة ً | تكسَّر أنّى ملتُ مّني عظاميا |
وقفتُ ونفسي رغبة في لقائهم | تمنّي على كذب الرجاء الأمانيا |
ومَن ذهبت أيدي المنايا بشخصه | فهيهات فيه يرجع الدهرُ ثانيا |
أحباى َ حال الموتُ بيني وبينكم | فما حيلتي فيكم عدمت احتياليا؟ |
فقوا لا أقام البينُ صدر مطيّكم | لمستعطفِ بالدمع يخشى التنائيا |
قفوا خبّروني عنكم هل أراكم | ولو شبحاً ما بين عينيَّ ساريا؟ |
وتلك الليالي السالفات على منى ً | تطيب وتحلو هل تعود كما هيا؟ |
ليالي أنسٍ بالوصال لبستها | رقاق الحواشي نيِّراتٍ زواهيا |
دعوا إلى قلبي أو خذوه مع الجوى | فها هو خلف الركب أصبح ساريا |
أحبايَ لا والله ما عشتُ سلوة ً | ولا بكم استبدلت خلاً مصافيا |
ولمّا سرى الناعي بكم فاستفزني | ونادى منادي البين أن لا تدانيا |
ربطت الحشا بالراحتين ولم أخلْ | تطيح شظايا مهجتي ببنانيا |
وعندي مما ثقَّف البينَ أضلعٌ | غدون على جمر الفراق حوانيا |
وعينٌ بلا غمضٍ كأن جفونها | حلفن بمن تهواه أن لا تلاقيا |
وقلبٌ متى يا برق يقدحك الأسى | قدحت به زنداً من الشوق واريا |
ولي في زوايا ذلك النعش مهجة ٌ | ترفُّ رفيف الطير يفحص داميا |
قضى الله أن لا أبرح الدهر اشتكي | لو أعج يدمين الحشا والمآفيا |
فيا عين سيلي بالدموع صبابة ً | ويا نفسُ منّي قد بلغت التراقيا |