أرى الأرض قد مادتْ لأمرٍ يهولهُا
مدة
قراءة القصيدة :
8 دقائق
.
أرى الأرض قد مادتْ لأمرٍ يهولهُا | فهل طرقَ الدنيا فناءٌ يزيلُها؟ |
وأسمع رعداً قد تقصف في السما | لمن زمرُ الأملاك قام عويلها؟ |
تأمَّل فأما الساعة ُ اليوم فاجأت | وأما التي في العالمين عديلها |
وإلا فما الدهر راع حشا الورى | بتقطيبه منها عراها ذهولها؟ |
بلى طرقتْ أختُ القيامة بغتة ً | وتلك التي للحشر يبقى غليلها |
لها صعدتْ بالحزن للعرش رنّة ٌ | بأعلى بيوت الوحي كان نزولها |
نحت في رواق المجد صدراً من العُلى | يروع ملوكَ الأرض فيه مئولها |
ومالت بأرسى هضبة ٍ ما تصوَّرت | جحاجحُ فهرٍ أن ترى ما يميلها |
فدى ً لعميد الغالبين كلّها | وأي فريدٍ لو فداه قبيلها |
إذاً لافتدت طوداً لها ما تعلقت | بقنته للكاشحين وعولها |
فإن "معز الدين" مَن سُلَّ دونه | صوارمُ لا يخشى عليها فلولها |
وقارع حتى كلُّ مضاء فكرة ٍ | ثناه بحدِّ القول وهو كليلها |
وراش نبالاً لم تفت مقتل العدى | وأقتلُ سهمٍ ما يريش نبيلها |
وسدَّد من أقلامه السمر صعدة ً | بصعداتها للسمر قصِّر طولها |
فأدرك ما لا تدرك الشوسُ بالقنا | ونال بها ما لم تنله نصولها |
أكالئ ثغر الدين قد عثر الردى | بيومك لكن عثرة ً لا نقيلها |
لأرخى يميناً منك شدَّ قوى الهدى | وغمض عيناً بالحفاظ تجيلها |
فمن مخبري كيف انتحتك منية ٌ | بطرفك لو ترمى لعزِّ وصولها؟ |
أأنحلها خوفُ التقحيم إذ مشت | إليك فأخفاها عليك نحولها؟ |
أم اقتادك التسليمُ لله طائعاً | وهل طاعة ٌ إلا وأنت فعولها؟ |
ورزئك ما هذي الدموع وإن جرت | بماءٍ ولا هذي السيولُ سيولها |
ولكن حشاشات على الشوق لم تزل | تذوب إلى أن جاءها ما يسيلها |
ستبكيك ما ناح ابنُ ورقاء أعينٌ | بفضلك من حيث التفتنا نجيلها |
نرى لك آثار الغمامة لاطفت | ثرى الأرض حتى روَّضته هطولها |
"أبا صالحٍ" ما العيش بعدك صالحاً | لنفسٍ هواها عنك لا يستميلها |
عفاءً على "الفيحاء" بعدك وحدها | وإن غال كلَّ الأرض بعدك غولها |
لقد لبست فيك الجمال وإنما | عليك تعرّى اليوم عنها جميلها |
غدت ثاكلاً تشجى بنيها وطالما | زهت فاجتلتها كالعروس بعولها |
نعاك لها ناعٍ إليك أطارها | بدهياء راعَ الخافقين حلولها |
أتت لك تشكو اليتم فيك بأدمعٍ | لها صنتها دهراً فأضحت تذيلها |
وشرفتها ميتاً بحملك ضعف ما | رأتك من التشريف حياً تنيلها |
إصاحِ إلى جنبي قف اليوم ممسكاً | عليَّ حشاً حان الغداة رحيلها |
فقد كنتُ قبل اليوم أعهد لي يداً | هي اليوم لا منّي فأنت بديلها |
أزل بالنعيّ الراسيات فقد سرى | يخفُّ على أيدي الرجال ثقيلها |
وما خفَّ لمّا أن تساوى بحمله | حقيرٌ الورى فوق الثرى وجليلها |
ولكن سرى الأملاك فيه يؤمهم | بتكبيره فوق السما جبرئيلها |
وغبراء من حثو التراب قد احتبى | بقاتمها حزنُ الفلا وسهولها |
مرت ماءها الأنفاسُ في صعداتها | فسالت وأسرابُ الدموع سيولها |
تدانى بها منا ابنُ نعيٍ يلوثها | على وجهه طوراً وطوراً يذيلها |
فقمنا له نخفي الذي منه هالنا | وهل طلعة ٌ للشر يخفي مهولها؟ |
وقلنا زعيم الطالبيين أحدقت | بجنب علاه شيبها وكهولها |
قضى حجة ً واستأنف السير فانبرت | تعطّف منه حول فحلٍ فحولها |
وهذا بشيرٌ لو وهبنا نفوسنا | لقلت له والفضلُ منه قبولها |
فلما ألمَّ استلَّها من لسانه | صفيحة نعيٍ كلُّ قلبٍ قتيلها |
شكت عندها الأسماعُ وقراً أصمَّها | وما وقر الأسماع إلا صليلها |
وقال امسحوها اليوم عمياء من جوى ً | بشلاّء فيها لم يُككفْ همولها |
فذاك على الأعواد سيدُ هاشمٍ | بجنب العُلى منه مسجى كفيلها |
وذي هاشمٌ جاءت بأثقال همِّها | ومهديّها محمولة لا حمولها |
نضتها السرى أسيافَ مجدٍ صقيلة ً | وعادت وفي قلب المعالي فلولها |
مضت بأبٍ للمكرمات يؤمُها | وكان بأمِّ النائبات قفولها |
أما وسريرٍ تحته قد تزاحمت | فطاشت كما طاشت خطاها عقولها |
لقد هالها الإقدام فيه لتربة ٍ | على روحها بالراحتين تهيلها |
فقد قبرت في اللحد واحد عصرها | وأقسم ما المقبورُ إلا قبيلها |
تجللتها يا دهرُ سوداء فانطوت | عليك ليوم النشر تضفو ذيولها |
خطمت بها قسراً عرانينَ هاشمٍ | فقدها تساوى صعبُها وذلولها |
وقل لعوادي الحتف شأنك والردى | |
فما جولة عند الردى فوق هذه | فنخشاه يوماً في كريم يجولها |
ويا رافعيه في الأكف نصبتمُ | بها علماً يشأى العُلى ويطولها |
قفوا وانظروا كيف الورى لو تحاشدت | وضاق بأبناء السبيل سبيلها |
تشيِّع نعشاً ليس تدري إمامها | إلى القبر محمولٌ به أم رسولها؟ |
فتى ً طبَّق الدنيا علاءً وعمَّها | سخاءً وأبقى بعده من يعولها |
كفى خلفاً منه بأشبال مجده | وهل تخلف الآساد إلا شبولها؟ |
مصابيحُ رشدٍ والمصابيح في الورى | يكون إليها ليس عنها عدولها |
فشمسُ الهدى والأمر لله إنْ تغبْ | وراع الورى شرقاً وغرباً أفولها |
فدونكها موروثة ً نبويَّة ً | وخلفَك باغيها فللأُسد غيلها |
إمامة حقٍ إن تكن أمس ودعت | أباها فعند اليوم ناب سليلها |
ستعلم روادُ الشريعة إذ جرت | بسلسلٍ علمٍ فيك ما سلسبيلها |
لقد سمعت بالوحيِ تنزيلَ آيها | وسوف ترى من فيك كيف نزولها |
ألا إنما العليا قواعدُ سؤددٍ | لك اللهُ أرساها فمن ذا يزيلها |
ومجد قدامى الفخر مدَّ على الورى | سماءً لها عرض السماء وطولها |
عفاة َ الورى لا يقعد اليأسُ فيكم | فأثقال أهل الأرض قام حمولها |
أبلِّ بني فهرٍ لواشجة ٍ حشاً | إذا الشتوة ُ الغبراء هبَّ بليلها |
أتى باليد البيضاء تقطر نعمة ً | وبالطلعة الغرّاء يبهى جميلها |
لقد جاء في عصر به عقر الندى | سوى مذقة ٍ يعي الرجاءَ حصولها |
فما هو إلا "صالحٌ" و"ثمودهُ" | وبالجود إلا ناقة ٌ وفصيلها |
أنر يا "أبا الهادي" دجى كلِّ مشكل | فما شبهة ٌ إلا وأنت مزيلها |
وأمطر بناناً يا "محمدُ" في الورى | وقد روَّضوا حالاً توالت محولها |
فاقسمُ لو لم ترو عاطشة المنى | لدبّ بأغصان الرجاء ذبولها |
صنايع من عرفٍ لنا بك فخرها | وللناس مشكوراً لديك جزيلها |
قد اكتست الدنيا فتاهت بزهوها | خلائقَ أخلاقُ الرجال سمولها |
إذا استبقت فهرٌ بفخرك في مدى ً | غدت غررُ العليا لها وحجولها |
وليس الخطاب الفصلُ إلا مقالة | لسانُ قريشٍ وهو أنت قؤولها |
بك ارتاش عافيها وقرَّ مروعها | وأدُنى قاصيها وعزَّ ذليلها |
وما قصرتْ باعُ العُلى عن رزيّة ٍ | رغت كرغاء المثقلات نكولها |
وذا "صالحُ" الدنيا وأنت كلاكما | تمدان منها و"الحسينُ" مطيلها |
فتى ً لا أقول الغيثُ يحكي بنانه | سماحاً لأن الغيثَ فيه عذولها |
شمائله تحكى النسيمَ لطافة ً | وأخلاقه الصهباء رقَّت شمولها |
بنى الغالبيين الذين أكفُّهم | تريك الغوادي الغرَّ كيف مخيلها |
ألستم لقومٍ تملأ الأرض رجفة ً | إذا هي للهيجاء سار رعيلها؟ |
ضراغمُ تخشى رقدة الموت من غفا | إذا استيقظتْ للضرب يوماً نصولها |
يطول نعيُّ الثاكلات لقومها | إذا صهلت للطعن شوقاً خيولها |
بها ليلُ أمّا هجرت يوم معركٍ | فتحت ظبات المشرفيِّ مقيلها |
لها الحربُ لم تبرح تقلِّل عدَّها | ويكثر في عين العدوِّ قليلها |
لكم صبرُها تحت السيوف وحلمها | إذا نوبُ الدهر ارجحنَّ جليلها |
فما شيمة ُ الحسَّاد فيكم وليتها | عفت كعفوِّ المجد منها طلولها |
وقدركم في الموت يعلو نباهة ً | وما الموت كلُّ الموت إلا خمولها |
ألا أنتم القوم الذين قبابُهم | على شهب الخضراء ترخي سدولها |
فروعُ على ً لا يدرك الوهم طائراً | سوى إنها فوق السماء أصولها |
لها فوق أهل الأرض مجدٌ تكافأت | عمومتها في فخره وخؤولها |
خذوها بني العلياء "خنساء" عصرها | وإلا فبنت الدوح مر غليلها |
فلو أنها ناحت لصخر ارتْكه | |
لها قربُ عهدٍ بالولادة لا تخل | أتى قبلُ أو من بعدُ يأتي مثيلها |
تطول قوافي الشعر منها قصيدة ٌ | «زهيرٌ» بحوليّاته لا يطولها |
ألا إنما يبقى الهدى ببقائكم | فسؤلُ المعالي أن تدوم سؤولها |