لوت بالسلام بنانا خضيبا
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
لَوَتْ بالسّلامِ بَنَاناً خَضِيبا، | وَلحظاً يَشُوقُ الفُؤَادَ الطّرُوبَا |
وَزَارَتْ عَلى عَجَلٍ، فاكتَسَى | لزَوْرَتِهَا أبْرَقُ الحَزْنِ طِيبَا |
فَكَانَ العَبيرُ بِهَا وَاشِياً، | وَجَرْسُ الحُلِيّ عَلَيْها رَقِيبا |
وأنَسَ لَيْلَتَنَا في العِنَا | قِ لَفُّ الصِّبَا بِقَضِيبٍ قَضِيبَا |
سَكُوتٌ يَحِرُّ عَلَيْهِ الهَوَى | وشَكوَى تَهيجُ البُكَا والنّحِيبا |
كمَا افتَنّتِ الرّيحُ في مَرّها، | فَطَوْراً خُفُوتاً وَطَوْراً هُبُوبَا |
عَنَتْ كَبِدي قَسوَةٌ منكِ ما | تَزَالُ تُجَدِّدُ فيهَا نُدُوبَا |
وَحُمّلْتُ عِندَكِ ذَنْبَ المَشِـ | ـيبِ حَتّى كأنّي ابتَدَعتُ المَشِيبَا |
وَمَنْ يَطّلِعْ شُرَفَ الأرْبَعِيـ | ـنَ يُحَيّي من الشَّيبِ زَوْراً غَرِيبا |
بَلَوْنَا صَرَائبَ مَنْ قَدْ نَرَى، | فَمَا إنْ رَأيْنَا لفَتْحٍ ضَرِيبَا |
هُوَ المَرْءُ، أبْدَتْ لَهُ الحَادِثَا | تُ عَزْماً وَشيكاً، وَرَأياً صَلِيبَا |
تَنَقّلَ في خُلُقَيْ سُؤدَدٍ | سَمَاحاً مُرَجًّى، وبأساً مَهِيبَا |
فكالسّيفِ، إنْ جِئْتَهُ صَارِخاً، | وَكالبَحْرِ إنْ جِئْتَهُ مُسْتَثِيبَا |
فتًى كَرّمَ الله أخْلاَقَهُ، | وألبَسَهُ الحَمدَ غَضّاً، قَشِيبَا |
وأعطاهُ مِنْ كلّ فَضْلٍ يُعَدُّ | حَظّاً، وَمِنْ كلّ مَجدٍ نَصِيبَا |
فَدَيْناكَ مِن أيّ خَطْبٍ عَرَا، | وَنَائِبَةٍ أوْشَكَتْ أنْ تَنُوبَا |
وإنْ كَانَ رَأيُكَ قَد حَالَ فيّ، | فَلَقّيتَني بَعدَ بِشْرِ قُطُوبا |
وَخَيّبْتَ أسْبَابيَ النّازِعَا | تِ إلَيكَ، وَما حَقُّها أنْ تَخيبَا |
يُرَيّبُني الشيءُ تأتي بهِ، | وأُكْبِرُ قَدْرَكَ أنْ أسْتَرِيبا |
وأكْرَهُ أنْ أتَمَادَى عَلى | سَبيلِ اغْتِرَارٍ، فألقَى شَعُوبا |
أُكَذّبُ ظَنّي بأنْ قدْ سَخِطْـ | ـتَ، وَمَا كنتُ أعهَدُ ظَنّي كَذُوبا |
وَلَوْ لم تكُنْ ساخِطاً لمْ أكُنْ | أذُمُّ الزّمانَ، وأشكُو الخُطُوبا |
ولا بُدّ مِن لَوْمَةٍ أنْتَحِي | عَلَيكَ بها، مُخطِئاً، أو مُصِيبَا |
أيُصْبِحُ وِرْديَ في سَاحَتَيْـ | ـكَ طَرْقاً، وَمَرْعَايَ مَحْلاً جَديبَا |
أبِيعُ الأحِبّةَ بَيْعَ السّوَامِ، | وآسَى عَلَيْهِمْ: حَبيباً حَبيبا |
فَفي كلّ يَوْمٍ لَنَا مَوْقِفٌ، | يُشَقّقُ فيهِ الوَداعُ الجُيُوبَا |
وَمَا كَانَ سُخطُكَ إلا الفِرَاقَ، | أفاضَ الدّموعَ، وأشجَى القُلُوبَا |
وَلَوْ كُنتُ أعرِفُ ذَنْباً لَما | تخالَجَني الشكُّ في أنْ أتُوبا |
سأصْبرُ حتّى أُلاقي رِضَاكَ: | إمّا بَعيداً، وإمّا قَرِيبَا |
أُرَاقِبُ رأيَكَ حَتّى يَصحُّ، | وأنْظُرُ عَطْفَكَ حتّى يَثُوبا |