كيف به والزمان يهرب به
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
كَيْفَ بِهِ، وَالزّمانُ يَهْرُبُ بِهْ، | ماضِي شَبابٍ، أغذَذتُ في طلَبِهْ |
مُقترِبُ العَهْدِ، إنْ أرُمْهُ أجِدْ | مَسافَةَ النّجمِ، دونَ مُقترَبِهْ |
يَرْفَضُّ عَن ساطعِ المَشيبِ كما ارْ | فَضّ دُخانُ الضّرَامِ عَن لَهَبِهْ |
قد دأبَ العاذِلُ اللّجوجُ، فلَمْ | أُصِغْ لفَرْطِ الإكْثارِ من دَأَبِهْ |
إن كان صدق الحديث يحزنني | فعاطني ما يسر من كذبه |
دامَجْتُهُ القَوْلَ في مُعَاتَبَةٍ، | أهْرُبُ مِنْ صِدْقِهِ إلى كَذِبِهْ |
رأيكَ في قَارِبٍ يُرِيدُكَ أنْ | تَنْصُرَ أحْشَاءَهُ عَلى قُرُبِهْ |
صَبٌّ تُداوِيهِ مِنْ صَبَابَتِهِ، | أوْ وَصِبٌ تَفْتَديهِ مِنْ وَصَبِهْ |
وَقَدْ يُرِيني الحَبيبُ مُبْتَسَماً، | يُرْوَى غَليلُ الهَيمانِ عَنْ شَنَبِهْ |
بَرْدُ رُضابٍ، إذا تَرَشّفَهُ المَتْـ | ـبُولُ خَالَ الضّرِيبَ في ضَرَبِهْ |
أضِيعُ في مَعْشَرٍ، وَكَمْ بَلَدٍ | يُعَدُّ عُودُ الكِبَاءِ مِنْ حَطَبِهْ |
لَنْ يَنْصُرَ المَجدَ حَقَّ نُصرَتِهِ | إلاّ المَكينُ المَكانِ من رُتَبِهْ |
يُخْدَعُ عَنْ عِرْضِهِ البَخِيلُ، وَلا | يُخدَعُ، وَهْوَ الغَبِيُّ، عَنْ نَشَبِهْ |
أوْثَقُ مَنْ تَصْطَفي عُرَاهُ، فإنْ | حَلّ بَعيداً، شروااكَ في حَسَبِهْ |
لا يُصرَمُ المُحدَثُ الكَهَامُ، وإنْ | أخْلَصَهُ الهالِكيُّ مِنْ جَرَبِهْ |
نَنْسَى أيادي الزّمانِ فينَا، فَمَا | نَذْكُرُ مِنْ دَهْرِنا سِوَى نُوَبِهْ |
هَلاّ شَكَرْنا، الأيّامَ، جُودَ أبي | عِيسَى، وَمَا قَد أرَتْهُ من عَجَبِهْ |
يَبْتَدِرُ الرّاغِبُونَ، مِنْ يَدِهِ، | َوقائعَ الغَيْثِ غِبَّ مُنْسَكَبِهْ |
يَغْشَوْنَ جَمّاتِهَا، كأنّهُمُ | نُزّاعُ جَوٍّ يَسنُونَ مِنْ قُلُبِهْ |
كأنّما يَفْصِلُونَ مِنْ فَلَقِ الحَرّ | ةِ ما يَفْصِلُونَ مِنْ ذَهَبِهْ |
تُبرَمُ في جِدّهِ الأُمُورُ، وَقَدْ | تَتْوَى رِقَابُ الأمْوَالِ في لَعِبِهْ |
والحَمْدُ لا يَكْتَسِيهِ غَيرُ فتًى، | يَنْزِعُ فيهِ الخَطيرُ مِنْ سَلَبِهْ |
أسْرِعْ عُلُوّاً في المَكْرُمَاتِ، كَمَا | أسرَعَ فَيضُ الأتيِّ في صَبَبِهْ |
يُنْزِلُ أهْلَ الآدابِ مَنْزِلَةَ الـ | أكْفَاءِ، إنْ شارَكُوهُ في أدَبِهْ |
لمْ يَزْهُهُ فيْهُمُ، وَهُمْ سُوَقٌ | في العَيْنِ، وَطْءُ الملوكِ في عَقِبِهْ |
غَيْرُ المُضِيعِ النّاسِي وَلا الوَكَلُ الـ | ـمُحُيلُ في عِلْمِهِ عَلى كُتُبِهْ |
إحَاطَةٌ بالصَّوَابِ تُؤمَنُ مِنْ | لَجاجِهِ في المَحَالِ، أوْ شَغَبِهْ |
لا يَهْضِمُ العُجْمُ مِنْ خُؤولَتِهِ | تَمَايُلاً للعمُومِ مِنْ عَرَبِهْ |
تَزْدادُ أُكْرومَةً أُبُوّتُهُ، | إذا اعْتَزَى شاهِداً إلى غَيَبِهْ |
وَخَيْرُ ساداتِكَ الأكابِرِ مَنْ | يَرْفَعُهُ الإرْتِفَاع في نَسَبِهْ |
جَمَعْتُ شَمْلي إلَيْهِ، مُتّخِذاً | مِنْ طُنُبي قُرْبَةً إلى طُنُبِهْ |
وقد كفى نفسه التقدم من | كفته أم الطريق من شهبه |
يَصُونُ مِنْهُ الحِجابُ مَنظَرَةً، | تَبْدو بُدُوَّ الهِلالِ مِنْ حُجُبِهْ |
وقد تفوت الرائين غرته | أعراس ليث العرين في أشبه |
لا نُعْدَمُ الطَّوْلَ في رِضَاهِ، وَلا | نَخافُ حَيْفَ الغُلُوّ من غَضَبِهْ |
جَنّبَكَ الله ما تُحاذِرُ مِنْ | أبْداءِ صَرفِ الزّمانِ، أوْ عُقَبِهْ |
أبَعْدَ إعْطَائِكَ الجَزِيلِ وإيمَا | نِ مُرَجٍّ مِنْ سُوءِ مُنْقَلَبِهْ |
أبْغِي شَفيعاً إليْكَ، أوْ سَبَباً | عِنْدَكَ في النّاسِ أسْتَزِيدُكَ بهْ |
والظُّلْمُ أنْ يَبْتَغي الفَتى سَبَباً | يَجْعَلُهُ وَصْلَةً إلى سَبَبِهْ |