أتراك تسمع للحمام الهتف
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
أتَرَاكَ تَسْمَعُ، للحَمَامِ الهُتَّفِ، | شَجْواً، يكونُ كَشَجوِكَ المُستطرَفِ |
لله حُلْمٌ، يَوْمَ بُرْقَةِ ثَهْمَدٍ، | يَهْفُو بِهِ بَينُ الغَزَالِ الأهْيَفِ |
أُنْسٌ تَجَمّعَ ثُمّ بَدّدَ شَمْلَهُ | شَمْلٌ مِنَ الأُلاّفِ، غيرُ مُؤلَّفِ |
وَلَقَدْ وَقَفْتُ على الرّسومِ، فلَم أجد | عَتَباً على سَنَنِ الدّموعِ الذُّرَّفِ |
وَسألتُها، حتى انجَذَبتُ، فلمْ تُصخْ | فيها لدَعْوةِ وَاقِفٍ، مُستَوقِفِ |
دِمَنٌ، جَنَيتُ بها الهَوى من غُصْنِهِ، | وَسَحَبتُ فيها اللّهوَ سَحبَ المِطَرفِ |
فلأجْرِيَنّ الدّمْعَ، إنْ لمْ تُجْرِهِ، | وَلأعْرِفَنّ الوَجْدَ، إنْ لمْ تَعرِفِ |
وعأنا المُعَنَّفُ في الصّبَابَةِ وَالصّبَا، | وَعَلَيهِما، إِنْ كنتُ غَيرَ مُعَنَّفِ |
عَجِبَتْ لتَفوِيفِ القَذالِ، وإنّما | تَفْوِيفُهُ، لَوْ كانَ غَيرَ مُفَوَّفِ |
هَلاّ بكَيْتَ، وَقد رَأيتَ بُكاءَهُ، | وَدَنِفتَ حينَ سَمِعتَ شجْوَ المْدنَفِ |
أقسَمتُ بالشّرَفِ الذي شَهدْتْ لهْ | أُدَدٌ، ورَاثَةَ يوسُفٍ عَن يُوسُفِ |
وَبِهَوْلِ إبعادِ الهِزَبْرِ، فإنّهُ | قَصَفَ العَدوَّ برَعْدِهِ المُتَقَصِّفِ |
ليُصَبّحَنّ الرّومَ جَيشٌ مُغْمدٌ | للصّبْحِ في رَهَجانِهِ المُتَلَفِّفِ |
يَسوَدُّ منهُ الأفقُ، إن لم يَنسَدِدْ، | وَتَمورُ فيهِ الشّمسُ إنْ لم تُكسَفِ |
لَوْ أنّ لَيْلى الأخيَليّةَ شَاهَدَتْ | أطْرَافَهُ لَمْ تُطْرِ آلَ مُطَرَّفِ |
خَيْلٌ، كأمثالِ الرَّماحِ ، وَفِتيَةٌ | مِثلُ السّيوفِ، إذا دُعينَ لمشرَفِ |
زُهْرٌ، إذا التَهَبَتْ بهمْ شُعَلُ الظُّبَا | عِنْد اجتِماعِ الجَحفَلِ المُتَألِّفِ |
يَهْديهِمُ الأَسَدُ المُطاعُ كأَنهُ | عِنْدَ اجتماعِ الجَحْفَلِ المُتأَلِّفِ |
عَمَرُوا القَنا في مَذحِجٍ، أوْ عامِرٌ | في طَيِّءٍ، أوحاجبٌ في خِندِفِ |
كاللّيثِ، إلاّ أنّ هذا صائِلٌ | بمُهَنّدٍ ذَرِبٍ، وَذاكَ بمِخصَفِ |
ثَبْتُ العَزِيمةِ، مُصْمَتُ الأحشاءِ في | أهْوَالِ ذاكَ العارِضِ المُتَكشِّفِ |
مُستَظِهرٌ بذَخيرَةٍ مِنْ رَأيِهِ، | يُمضَى الأمُورُ، وَبحرُهاُ لمْ يُنزَفِ |
إلاّ يَكُنْ كَهْلَ السّنينَ، فإنّهُ | كَهْلُ التّجارِبِ في ضَجاجِ المَوْقِفِ |
تَبْدو مَوَاقِعُ رَأيِهِ، وكَأنّها | غُرَرُ السّوَابقِ مِنْ يَفاعٍ مُشرِفِ |
وإذا استَعَانَ بخَطَرةٍ مِنْ فِكْرِهِ | عَنَنٍ، فَسِترُ الغَيبِ لَيسَ بمُسجَفِ |
وَإذا خِطابُ القَوْمِ في الخَطبِ اعتَلى | فَصَلَ القَضِيّةَ في ثَلاثةِ أحرُفِ |
في كلّ دَرْبٍ قَد أبَاتَ جَيادَهُ | تَهْوِي هُوِيّ جَنادِبٍ في حَرْجَفِ |
جازَتْ على الجَوْزَاتِ، وَانكَدَرَتْ على | ظَهْرٍ مِنْ الصّفصَافِ قاعٍ صَفصَفِ |
صَبّحْنَ من طَرْسُوسَ خَرْشَنَةَ التي | بَعُدَتْ على الأمَلِ البعَيِد المُوجِفِ |
وَتَرَكْنَ ماوَةَ وهيَ مأوًى للصّدَى، | مَشفُوعَةٌ بصَدى الرّياحِ العُصَّفِ |
وَعلى قَذاذِيَةَ انْحَطَطْنَ بِرَايَةٍ، | أوْفَتْ بقادِمتي عُقابٍ مُنْكَشفِ |
جُزْنَ الخَصِيَّ، وقد تَقَحّمَ طالباً | ثَأرَ الخَصِيّ برَكْضِ جِدٍّ مُقرِفِ |
بَهَتَتْهُ أهْوالُ الوَغَى، فلَوَ انّهُ | عَينٌ لشِدّةِ رُعْبِهِ لمْ تَطْرُفِ |
يا يُوسُفُ بنُ محَمّدٍ ما أحْمَدَ الـ | ـرّومُ انصِلاتَكَ بالحُسامِ المُرْهَفِ |
وَدّوا وَداداً لَوْ جدَعتَ أُنُوفَهُمْ | جَدْعَ الرّؤوسِ، خلافَ جدعِ الآنُفِ |
خَطَبَتْ إلَيكَ السّلمَ رَبّةُ مُلكِهِمْ، | أوْ كانَ يُطلَبُ نائلٌ منْ مُسْعِف |
وَكأنّني بكَ قَد أتَيتَ بعَرْشِها، | وَالسّيفُ أسرَع هَيْبَةً مِنْ آصَفِ |
أنزَلْتَ بالإنْجيلِ ثُمّ بِأهْلِهِ | ذُلاًّ أرَاهُمْ عِزَّ أهلِ المُصْحَفِ |
أسْخَطْتَهُ بالبَارِقاتِ، وَإنّمَا | أرْضَيْتَهُ، لوْ كانَ غيرَ مُحَرَّفِ |
فَتْحٌ، سَبَقتَ بهِ الفُتوحَ، فجاءَ في | ميلادِ مُلْكِ العاشِرِ المُسْتَخلَفِ |
يَوْمٌ مَحَا عَنْ أسوَدانَ سَوَادَ مَا | فَعلَ النّبيُّ بكَعْبِ ابنِ الأشْرَفِ |
ليُكافِئَنّكَ عَنْ كِفايَتِكَ التي | كانَتْ أمَانَ الدّينِ، بعدَ تخَوّفِ |
أكّدْتَ بَيْعَتَهُ، وَلمْ تَرْكَنْ إلى | جَدَلِ السّفيهِ، وَلا كلامِ المُرْجِفِ |
أُيّدْتَ بالحَظّ الذي لمْ يَنْتَقِضْ، | وَنُصِرْتَ بالفِئِة الَّتي لم تَضْعُفِ |
كَرَماً، دَعَتْكَ بهِ القَبائلُ مُسرِفاً، | ما مُسرِفٌ في المَكْرُمات بمُسْرِفِ |
جَدٌّ كَجَدّ أبي سعيدٍ، إنّهُ | تَرَكَ السِّمَاكَ، كأنّهُ لمْ يُشرِفِ |
قَاسَمْتَهُ أخْلاقَهُ، وَهْيَ الرّدى | للمُعتَدي، وهْيَ النّدى للمُعْتَفي |
فإذا جَرَى مِنْ غايَةٍ، وجَرَيتَ مِنْ | أُخرَى التَقَى شأوَاكما في المَنصَفِ |