حيّ تحتَ الدجى مُحيّاً أنارا
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
حيّ تحتَ الدجى مُحيّاً أنارا | فأحال الليلَ البهيمَ نهارا |
واعتنق كالُلجينِ ناظرَ قدٍّ | لا يجيل الوشاحَ إلاّ نُضارا |
وارتشف كالسُلاف ريقة َ ساقٍ | خلت منها أدار لي ما أدارا |
سحراً زارنا وأرخى جُعوداُ | ذات نشر تعطّر الأسحارا |
وجلاها ورديّة َ اللون فيها | خلتُ أن قد أذاب لي جُلّنارا |
ما أنارت من جانب الكأس إلاّ | قال قلبي الكليم آنست نارا |
يا نديمي على الطِلى عاطنيها | أُخت خدّيكَ رقّة َ واحمرارا |
هاتها تُطلق النفوس من الأسر | كما تترك العقولَ أُسارى |
وبها يا بن نشوة الكأس صرفاً | داوِ شوقي فقد مرضت انتظارا |
وعلى الرشف قرّط السمعَ مني | نغماتٍ تحرّك الأوتارا |
غنني باسم ناعمٍ حضنته | في ظلال النعيم بيضُ العَذارى |
وغريرٍ حلا بعيني ومنها | قد حمى الجفنَ أن يذوق غِرارا |
زار سرّاً وكان صدَّ جهاراً | فأراني نجومَ ليلي نَهارا |
كم تعاطيتُ من مقبّله العذبِ | على ورد وجنتيه عُقارا |
في رياضٍ جلت عرائسَ زهرٍ | كان طلّ الأنداء فيها نثارا |
واكتستها ديباجة أَلحمَ القطرُ | وسدّى في نسجها وأنارا |
كلما زرّ نورُها الغضّ جيباً | عنه حلّت يد الصَبا الأزرارا |
خلعة ٌ من بهاءِ عرس غنيّ | كان حسناً بهاؤُها مستعارا |
ماجدٌ قرّت العُلى فيه عيناً | واستهلّت بسعده استبشارا |
وغنيّ بفخرها أطلعته | كوكباً في سمائها سيّارا |
عُرسه غادر الحواسدَ بالأمـ | ـس سكارى وما هم بسكارى |
وعلى قُطب دارة المجد زهواً | فلكُ اليمن بالسعود استنارا |
ذلك المصطفى الذي للمعالي | إن جرى قيل سابقٌ لا يجارى |
رقّ طبعاً وراق خَلقاً وخُلقاً | وزكى شيمة ً وطاب نِجارا |
قد حمى حوزة َ العُلى في زمانٍ | غيره فيه ليس يحمي ذمارا |
واستطالت به على الدهر كبراً | هممٌ تبذل الخطير احتقارا |
بيته كعبة ُ الندى وحماه | لبني الدهر لم يزل مُستجارا |
من أُناس بذكرهم أنجد المد | حُ على أوّل الزمانِ وغارا |
هم أطالوا عمرَ السماح وأعما | رَ المواعيد قدّروها قِصارا |
كلهم ينتمي لدوحة ِ مجدٍ | شرفاً أثمرت عُلاً وَفخارا |
تلك أقمارُ سؤددٍ بل شموسٌ | وَلدت في سما العُلى أقمارا |
فإذا بأهلوا السما بأبي الـ | ـهادي وقد أشرقت ترومُ افتخارا |
رأت الأرض تستنير بوجهٍ | حسنٍ مثله بها ما استنارا |
ودعت يا رفيعة القدرِ من أنـ | ـجمي الزهرِ خفّظي الأقدارا |
لستِ إلاّ فدى ً لوجه كريمٍ | ليس يرضى بدارة الشمس دارا |
ذو يمينٍ مبسوطة ٍ بالعطايا | لا تغبّ الوفّاد منها اليسارا |
فلكم حرّرت أرقّاءَ دهرٍ | واسترقّت من الورى أحرارا |
مستشارٌ وهل لعقدٍ وحلٍ | يجد القومُ مثله مُستشارا |
هو أنكى رأياً لطارقة الخطب | وأذكى لطارق الضيف نارا |
لستُ أدري إذا احتبى ناطقاً بالـ | ـكلمِ الفصل ناهياً أمّارا |
أبصدر النادي توقّر رضوى | أم هو احتلّه فأرسى وَقارا |
حصَّ قومٌ حرّ القريض فأضحى | واقعاً لا يرى لأُفقٍ مطارا |
وهو قد راشه فرفَّ بجنحيه | اشتياقاً ونحو علياه طارا |
يا بني المصطفى كفى نظراً للمجـ | ـد منكم بأن تهينوا النضارا |
والمعالي ليُهنها أن تُقضّوا | طرباً في وِصالها الأوطارا |
وليزوّد ربع المكارم زهواً | إنكم تعمرون منه الديارا |
قد كُفيتم من غارة البخل لمّا | أن نهضتم مشمّرين غيارى |
وهي لولاكم لطلّت دمَ الجود | وقالت قد ضعت فاذهب جُبارا |
أينعت روضة ُ الهنا فاجتنينا | لكم التهنياتِ منها ثِمارا |
وغفرنا ذنبَ الزمان وقلنا | قد أقلناكَ يا زمان العثارا |
وأزرنا عقيلة الفكر ترخي | طرباً للنشيد منها الأزارا |
يمّمتكم عَطرى البرود بذكرا | كم فناهيكم بها مِعطارا |
إن جلت من عرائس اللفظ عُوناً | فالمعالي تزفّها أبكارا |
هي غيظُ الحسود لم تجل إلاّ | زادَ أهلُ الكمالِ فيها ابتهارا |
وغدّت تكثر القيام لأعجاب | بها والحسود يبدي ازورارا |
كلما أُنشدت دعى المجد قامَ | القومُ إلاّ وللحسود أشارا |
فأقيموا على السرور بعصرٍ | هو فيكم يفاخر الأعصارا |