كم ذا تطارح في منى ورقاءها
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
كم ذا تطارح في منى ورقاءها | خفض عليك فليس داوك داءها |
أنظنها وجدت لبين فانبرت | جزعاً تبثك وجدها وعناءها |
فحلبت قلبك من جفونك أدمعاً | وسَمت كربعيّ الحيا جَرعاءها |
هيهات ما بنتُ الأراكة ِ والجوى | نضج الزفيرُ حشاكَ لا أحشاءها |
فاستبقِ ما أبقى الأسى من مُهجة ٍ | لك قد عَصرت مع الدُموع دماءها |
كذَبتك ورق الابطحينِ فلو بكت | شَجَناً لاخضل دَمعها بطحاءها |
فاطرح لحاظَك في ثنايا أُنسها | من أيِّ ثَغرٍ طالعت ما ساءها |
لاالفها صدعته شاعبة النوى | يوماً ولا فَطَم الغمامُ كباءها |
وغديرُ روضتِها عليه رفرفت | عذب الاراك وأسبغت أفياءها |
لكن بزينة ِ طوقِها لمَّا زهت | مزجت بأشجان الانين غناءها |
ورأت خضاب الراحتين فطربت | وظننت تطريب الحَمام بُكاءَها |
أأخا الملامة كيف تطمع ضلة | بالعذل من نفسي تروض إباءها |
أرأيت ريقة إفعوان صريمة | نفس السليم بها تروم شفاءها |
عني فما هبَّت بوجديَ ساجعٌ | تدعو هديلا صبحها ومساءها |
ما نبَّهتَ شوقي عشيَّة َ غرَّدت | بظباءِ كاظمة ٍ عدِمت ظباءَها |
لكنما نفسي بمعترك الاسى | أسرت فوادح كربلاء عزاءها |
يا تُربة الطف المقدَّسة ِ التي | هالُوا على «ابن محمد» بوغاءَها |
حيَّت ثراكِ فلاطفتهُ سحابة ٌ | من كوثرِ الفردوسِ تَحمل ماءَها |
واريت روح الانبياء وإنما | واريت من عين الرشاد ضياءها |
فلا يهمّ تَنعى الملائكُ مَن لهُ | عَقدَ الإلهُ ولاءَهُم وَولاءها |
ألآدم تنعى وأين خليفة الـ | ـرحمنِ آدمُ كي يُقيمَ عزاءها |
وبك انطوى وبقية الله التي | عرضت وعلم آدم أسماءها |
أم هل إلى نوح وأين نبيه | نوحٌ فليُسعد نوحَها وبكاءها |
ولقد ثوى بثراكِ والسببُ الذي | عصم السفينة مغرفاً أعداءها |
أم هل إلى موسى وأين كليمه | موسى لكي وجداً يطيل نعاءها |
ولقد توارى فيكِ والنار التي | حمل الأئمة كربها وبلاءها |
دفنوا النبوة وحيها وكتابها | بك والإمامة َ حُكمها وقضاءها |
لا ابيضَّ يومٌ بعد يومك أنّه | ثكلَت سماءُ الدين فيه ذُكاءها |
يومٌ على الدُنيا أطلَّ بروعة ٍ | رأت الحُتوف أمامها ووراءها |
واستك مسمع خاففيها مذبها | هَتف النعيُّ مطبِّقاً أرجاءها |
طرقتكِ سالبة البهاءِ فقطّبي | ما بشر من سلب الخطوب بهاءها |
ولتغد حائمة الرجاء طريدة | لا سجل ينقع برده أحشاءها |
فَحشا ابنِ فاطمة ٍ بعرصة كربلا | بَردت غليلاً وهو كان رُواءها |
ولتطبق الخضراء في أفلاكها | حتى تصك على الورى غبراءها |
فوديعة الرحمن بين عبادة | قد أودعنه أمية رمضاءها |
صرعته عطشاناً صريعة كأسها | بتنوفة سدت عليه فضاءها |
فكسته مسلوب المطارف نقعها | وسقته ضمآن الحشا سمراءها |
يوم استحال المشرقان ضلالة | تبعث به شيع الضلال شقاءها |
إذ ألقَح ابنُ طليق أحمد فتنة ً | وَلدت قلوبُهم بها شحناءها |
حَشدت كتائِبَها على ابن محمدٍ | بالطف حيث تذكرت آباءها |
الله أكبر! يا رواسي هذه الأ | رض البسيطة زايلي أرجاءها |
يَلقى ابنُ منتجع الصلاحِ كتائباً | عَقدَ ابنُ مُنتجع السفاحِ لِواءَها |
ما كان أوقحها صبيحة قابلت | بالبيضِ جبهته تُريقُ دِماءها |
ما بلَّ أوجُهها الحيا ولو انّها | قِطعُ الصفا بلَّ الحيا مَلساءها |
من أين تخجل أوجه أموية | سَكبت بلذَّاتِ الفُجورِ حياءها |
قَهَرت بني الزهراء في سُلطانِها | واستأصلت بصفاحها أمراءها |
في الأرضِ مَطرح جَنبها وثواءَها | |
ضاقت بها الدنيا فحيث توجهت | رأت الحتوف أمامها ووراؤها |
فاستوطأت ظَهر الحِمام وحوَّلت | للعز عن ظهر الهوان وطاءها |
طلعت ثنيات الحتوف بعصبه | كانوا السيوفَ قضاءَها ومِضاءها |
من كل منتجع برائد رمحه | في الروع من مهج العدى سوداءها |
إن تعر نبعة غزه لبس الوغى | حتى يجدل أو يعيد لحاءها |
ما أظلَمت بالنقع غاسقة ُ الوغى | حتى بجدل أو يعيد لحاءها |
يعشُو الحِمامُ لشعلة ٍ من عَضبه | كرهت نفوس الدارعين صلاءها |
فحسامُه شمسٌ وعزرائيلُ في | يوم الكفاح تخاله حرباءها |
وأشمُّ قد مسح النُجوم لواؤُه | فكأَنَّ من عَذباته جوزاءها |
زحمَ السماء فمن محكّ سنانِه | جرباء لقَّبت الورى خضراءها |
أبناء موت عاقدت أسيافها | بالطف أن تلقى الكماة لقاءها |
لقلوبُها امتحنَ الإلهُ بموقفٍ | مَحضتهُ فيه صَبرها وبلاءها |
في حيثُ جعجعت المنايا بَركها | وطوائف الآجال طفن إزاءها |
ووفت بما عقدت فزوَّجت الطُلى | بالمُرهفات وطلّقت جوباءها |
كانت سواعدَ آل بيت مُحمدٍ | وسيوف نجدتها على من ساءها |
جعلت بثغر الحتفِ من زُبر الضُبا | ردماً يحوط من الردى حلفاءها |
واستقبلت هامَ الكماة فأفرَغت | قطراً على رَدم السيوفُ دماءها |
كره الحمام لقاءها في ضنكه | لكن أحب الله فيه لقاءها |
فَثوت بأفئدة ٍ صوادٍ لم تجد | ريًّا يَبلُّ سوى الردى أحشاءها |
تغلي الهواجرمن هجير غليلها | إذ كان يُوقدُ حرّهُ رمضاءها |
ما حال صائمة ِ الجوانح أفطرت | بدم وهل تروي الدما إضماءها |
ما حالُ عاقرة ِ الجسوم على الثرى | نهبت سيوف أمية أعضاءها |
وأَراكَ تُنشيءُ يا غمامُ على الورى | ظلاًّ وتروي من حَياك ضِماءها |
وقلوب أبناء النبي تفطرت | عطشاً بقفرٍ أرمضت أشلاءها |
وأمض ما جرعت من الغصص التي | قدحت بجانحة الهدى إيراءها |
هتكُ الطغاة على بناتِ محمدٍ | حجب النبوة خدها وخباءها |
فتنازعت أحشاءها حرق الجوى | وتجاذبت أيدي العدوّ رداءها |
عجباً لِحلم الله وهي بعينهِ | برزت تُطيلُ عويلها وبُكاءها |
ويرى من الزفرات تجمع قلبها | بيد وتدفع في يد أعداءها |
حال لرؤيتها وإن شمت العدى | فيها فقد نحت الجوى أحشاءها |
ما كان أوجها لمهجة أحمد | وأمض في كبد البتولة داءها |
تربت أكفك يا أمية إنها | في الغاضريّة تربّت أُمراءها |
ما ذنبُ فاطمة ٍ وحاشا فاطماً | حتى أخذت نذنبها أبناءها |
لا بلَّ منك المُزن غلَّة عاطش | فيما سقيت بني النبي دماءها |
فعليك ما صلى عليها الله لعـ | ـنته يُشابه عَودُها إبداءها |
بولاء أبناء الرسالة أتَّقي | يوم القيامة هولها وبلاءها |
آليتُ ألزمُ طائراً مدحي لهم | عُنقي إذا ما الله شاء فناءها |
ليرى الإله ضجيع قلبي حبها | وضجيع جسمي مدحها ورثاءها |
ماذا تظن إذا رفعت وسيلتي | لله حمد أئمتي وولاءها |
أترى يقلِّدني صحيفة شقوتي | ويبزُّ عُنقي مدحها وثناءها |
بل أين من عنقي صحيفتي التي | أخشى وقد ضمن الولاءُ جلاءها |