طربَ الدهر فاستهلَّ منيرا
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
طربَ الدهر فاستهلَّ منيرا | يملأ الكون بهجة ً وسرورا |
وسرت نفحة ٌ من البِشر فيه | ضمّخت خيمة َ السماءِ عبيرا |
عُدنَ أوقاته رِقاق الحواشي | لك تَهدي بشاشة َ وحبورا |
كلّ وقتٍ يمرُّ منه تراه | باردَ الظلِّ طيبا مستنيرا |
فكأَن الهجيرَ كان أصيلاً | وكأَن العشيَّ كان بكورا |
بوركت من صبيحة ٍ في ضُحاها | وَفَدَ اليمنُ بالسعود بشيرا |
وإلى طلعة ٍ جلت كلَّ همٍّ | ببنان الإقبال أضحى مشيرا |
فتأمل عقودَ هذي التهاني | كيف زانت بها الليالي النحورا |
وتصفّح أيامها الغرّ وانظر | كيف قد وشحت بهنَّ الخصورا |
فرحٌ من شعاعه اقتبس النورَ | محيّا الدنيا فشعَّ منيرا |
فاقتبل عمرها جديداً وأيامَك | عيداً والعيشَ غضًّا نظيرا |
طاب نشر الأفراح في بِشر قومٍ | لهم الفضلُ أوّلاً وأخيرا |
عترة المجد أُسرة الشرف المحض | زكوا محتداً وطابوا حجورا |
شرعٌ في العُلى وغير عجيبٍ | فلها رشّح الكبيرُ الصغيرا |
معهم يولد النهى فترى اليا | فعَ كهلاً والكهلَ شيخاً كبيرا |
خاطروا في العُلى فناهيك فيهم | شرفاً باذخاً ومجداً خطيرا |
منهم يستضاءُ شرقاً وغرباً | بوجوهٍ تكسوا الكواكب نورا |
فمع الشمس يشرقون شموساً | ومع البدر يُشرقون بدورا |
أيها العصر لا أرى لكَ مِثلاً | زانك المصطفى فباهي العصورا |
قبله هل مسحت غرّة صبحٍ | عن لثام الأسفار أبدت سفورا |
شخصت نحوه العيونُ ولكن | عاد بعض يَقذى وبعضٌ قريرا |
فبعينٍ شعاعهُ كان ناراً | وبعينٍ شُعاعه كان نورا |
بلّغته الرضا عزيمة ُ نفسٍ | كبرت أن ترى الخطير خطيرا |
كم طوى البيدَ باسطاً كفَّ جودٍ | نشرت ميّتَ الندى المقبورا |
واستقلَّ البحورَ جوداً فأجرى | من أسارير راحتيه بحورا |
مانحا بلدة َ بمسراه إلاّ | وأبت نحو غيرها أن يسيرا |
إذا ذكره أطاف بأُخرى | كاد شوقاً فؤادها أن يطيرا |
فأتى مشهداً لمن طافَ فيه | قد أعدَّ الإله أجراً كبيرا |
فيه لطف الله الذي من يزره | زار في عرشه اللطيف الخبيرا |
حازَ أجراً لو الورى اقتسمته | لغدا فيه كلّهم مأجورا |
وبتلك الديار أبقى مزاياً | تستقلُّ المنظومَ والمنثورا |
وانثنى راجعاً بأحشاء قومٍ | معه سافرت وعفنَ الصدورا |
يا نديمي على الهنا زانك الله | ولقّاك نظرة ً وسرورا |
قل لعبد الكريم بُشراكَ يا مَن | شاد بيتَ المكارم المعمورا |
قد أقرَّ الإله عينيكَ فيمن | كان في غرّة لعينيك نورا |
زار بغداد مَن بها ركز اليومَ | لواءَ المفاخر المنشورا |
راقها منه طلعة ً بدرُ مجدٍ | لا رأت للغروب فيه نذيرا |
ما تجلّى بباهر الضوء إلاّ | عاد طرفُ الحسود عنه حسيرا |
حسدتها السما عليه وقالت | لمجلّيكِ ما حويتُ نظيرا |
لو قبلتِ التعويضَ عنه لقايـ | ـتك حتّى هلاليَ المستنيرا |
فهو يغني عمّن سواه ولكن | ليس يُغني سواه عنه نقيرا |
من رآه يقري الضيوف ويسعى | للمعالي ويطلق المأسورا |
قال: هذا محمدٌ ذلك الصا | لحُ قد عاد شخصه منشورا |
ونعم لا تقل طوى الموت من لم | تفتقد منه سعيَهُ المشكورا |
وكذا الشمس إن تغب فابنها البد | ر يجلّي بنورها الديجورا |
يا بن من قد أتى على الجود حينٌ | فيه لولاه لم يكن مذكورا |
بك قرَّت عينا أخيك كما طر | فُك قد عاد في أخيك قريرا |
فلمن منكما أُهنّي تساوى | فيكما البشر زائراً ومزورا |
إنّما أنت للمعالي يمينٌ | وهو قد كان سيفَها المشهورا |
فإذا ما هزَزَتَهُ يوم فخرٍ | جاءَك الدهر مُذعناً مستجيرا |
فرويداً مُراهنيه رويداً | لن تشقّوا غبارَه المستطيرا |
خلفكم عن مدى ً يشقّ عليكم | ما ركبتم إليه إلاّ الغرورا |
ما لعليا محمدٍ حسنِ الأخلاق | تلقى الشعرى العبور عبورا |
ماجدُ النفس في اقتبال صباه | يلبس الفخر كلّ آن حبيرا |
مستطيلٌ كم ابتدا مكرماتٍ | عاد باع الكرام عنها قصيرا |
رفّ نبت المُنى بجانب جدوا | هُ فكانا خميلة َ وغديرا |
كان تأريخ بيته أوّل الدهر | على جبهة العُلى مسطورا |
عن أبيه عن جده المصطفى ير | وي حديث المكارم المأثورا |
قد بنى في السماءِ قبّة مجدٍ | تخذ النيّرات فيها سميرا |
من كرامٍ قد استرقّوا لباس الـ | ـحمد والناس تسترقّ الحريرا |
لعلاها محمدٌ قد أعدتّه | جواداً على الثناء مُغيرا |
كم جرى والصَبا بحلبة جودٍ | فغذا عنه شأوها محسورا |
وجلا أُفقها محمدٌ الها | دي لمن نصّ في الظلام المسيرا |
كوكبٌ عَزّ أن يرى فلك المجد | منيراً بمثله مستديرا |
ولها من محمدٍ بأمينٍ | حفظت كنز فخرِها المذخورا |
قد رقى حيثُ ليس ترقى الثريّا | وسقى الوافدينَ نوءاً غزيرا |
وبعبد الحسين قد فاخروا الشمـ | ـس فودّت في الأُفق أن لن تُنيرا |
هم بنو السؤدد القديم كما هم | إخوة المجد واحداً وعشيرا |
فادع غريّد أُنسهم ثم أرّخ | رجعة المصطفى بها اسجع دهورا |