ما غاب بدرُ دجى ً منكم ولا غربا
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
ما غاب بدرُ دجى ً منكم ولا غربا | إلاّ وأشْرَقَ بَدْرٌ كان محتجبا |
لا ينزع الله مجداً كان مُعطيَه | آلَ النبيّ ولا فضلاً ولا أدبا |
الكاشفون ظلام الخطب ما برحوا | بيضَ الوجوه وإنْ صالوا فبيض ظبا |
من كلّ أبلجَ يزهو بهجة وسناً | تخاله بضياء الصبح منتقبا |
قد أنفقوا في سبيل الله ما ملكوا | واستسهلوا في طلاب العزِّ ما صعبا |
هم الجبال کشمخرَّت رفعة ً وعُلى ً | هُم الجبال وأما غيرهم فرُبا |
أَبناءُ جدٍّ فما تدنو نفوسهُم | من الدنيّة لا جدّاً ولا لعبا |
عارونَ من كلِّ ما يزري ملابسه | يكسوهم الحسنُ أبراداً لهم قُشُبا |
ومُنْيَة ً قد حثَثْناها فتحسبها | نجائباً لا وجى ً تشكو ولا لغبا |
إلى عليٍّ عليِّ القدر مرجعها | نقيبُ أشراف غرّ السادة النجبا |
الواهب المال جمّاً غير مكتوث | والمستقلّ مع الإكثار ما وهبا |
يريك وفر العطايا من مكارمه | يوم النوال، وإنْ عاديتَه العطبا |
قد شرّف الله فرعاً للنبيّ سما | إلى السماء إلى أنْ طاول الشهبا |
لِمْ لَمْ يشرَّفْ على الدنيا بأجمعها | من كان أشرفَ هذي الكائنات إبا |
هذا هو المجد مجدٌ غير مكتسب | وإنّما هو ميراثٌ، أباً فأبا |
من راح يَحكيهم بين الورى نشباً | فليس يحكيهم بين الورى نسباً |
أنتم رؤوس بني الدنيا وسادتها | إنْ عُدَّ رأسُ سواكم لاغتدى ذنبا |
لكم خوارق عادات متى ظهرت | على العوالم كادت تخرق الحجبا |
رقّت شمائلك اللاّتي ترقّ لنا | حتّى كأنَّك مخلوقٌ نسيم صبا |
وفيك والدّهر يخشى من حوادثه | ويُرتجى رَهَباً إذ ذاك أَو رغَبَا |
صلابة َ قطُّ ما لانت لحادثة | وقد تلين خطوب الدهر ما صلبا |
وعزمة ٍ مثل وري الزند لمستْ | موجاً من اليمّ أضحى موجه لهبا |
تجنّب البخل بالطبع الكريم كما | تجنّب الهجر والفحشاء واجتنبا |
فنال ما نال آباءٌ له سلفت | ندبٌ إلى الشرف الأعلى قد انتدبا |
إنْ كان آباؤه بالجود قد ذهبوا | فقد أَعاد بهذا الجود ما ذهبا |
فکنظر لأيديه إنْ جادت أنامله | بالصِيبِ الهامل الهامي ترى عجبا |
أينَ الكواكب من تلك الماقب إذْ | تزهو كما قد زهتْ بالقطر زهر ربا |
تلك المزايا كنظم العقد لو تليتْ | على الرّواسي لهزَّتْ عطفها طربا |
يرضى العلاء متى يرضى على أَحَدٍ | ويغضب الدهر أحياناً إذا غضبا |
قد بلّغت نعم العافين أنعمه | فلم تدع لهمُ في غيره إربا |
يقول نائله الوافي لوافده | قد فار جالب آمالي بما جلبا |
أكرمْ بسيّد قومٍ لا يزال له | مكارمٌ تركت ما حاز منتهبا |
نَوْءُ السحائب منهلٌ على يَده | فلا فقدنا به الأنواء والسحبا |
الكاسب الحمد في جود وبذل ندى ً | يرى لكلّ امرئٍ في الدهر ما كسبا |
نهزُّ غُصناً رطيباً كلّ آونة | يساقط الذهب الإبريز لا الرطبا |
فما وجَدْتُ إلى أيامة سبباً | إلاّ وجدتُ إلى نيل الغنى سببا |
وحبذا القرم في أيام دولته | حَلَبْتُ ضرع مرام قط ما حُلبا |
بمثله كانت الأيام توعدنا | فحان ميعاد ذاك الوعد واقتربا |
حتى أجابته إذ نادى مآربه | بمنصب لو دعاه غيره لأبى |
موقفٌ للمعالي ما ابتغى طلباً | إلاّ وأدرك بالتوفيق ما طلبا |
سبّاقُ غاياتِ قَوم لا لحاق له | وكم جرى إثْرَه من سابقٍ فكبا |
مُذ كنتَ أَنتَ نقيباً سيِّداً سنداً | أوضحتَ آثار تلك السادة النقبا |
أضحكتَ بعدّ بكاء المجد طلعته | وقد تبسّمَ مجدٌ بعدما انتحبا |
أحييتَ ما مات من فضلٍ ومن أدبٍ | فلتفتخر في معاني مدحك الأدبا |
يا آلَ بيتِ رسول الله إنَّ لكم | عليَّ فضلاً حباني الجاه والنشبا |
وأيدياً أوجبت شكري لأنعمها | فاليوم أقضي لكم بالمدح ما وجبا |