قلبٌ يذوبُ ومهجة ٌ تتقطَّع
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
قلبٌ يذوبُ ومهجة ٌ تتقطَّع | وجوى ً يهيجُ به الفؤاد المولَعُ |
لي بعد مَن سكن الغضا نار الغضا | تطوى على الزفرات منها الأضلع |
ما زلتُ تُصْبيني الصبّا بهبوبها | سحراً وتبكيني البروق اللُّمَّعُ |
وتهيجني الورقاء ما إنْ أصْبَحَتْ | تشدوا على فنن الأراك وتسجع |
تُملي عليَّ حديث فرط شجونها | في الشجو من صُحفِ الغرام فأطمع |
وقضى ادّكار الظاعنين بأنَّه | لا يستقر لمستهام مضجع |
أرأيت أنَّ المزمعين على النوى | عزموا على أخذ القلوب وأزمعوا |
لو كنتَ يومَ البين حاضرَ لوعتي | لرأيت كيف تصوب تلك الأدمع |
أشكو إليك وأنت أبصر بالهوى | ما أودعوا يا سعد ساعة ودّعوا |
هم أهرقوا دمعي المصونَ وأوقدوا | في القلب غلة َ وامقٍ لا تنقع |
ولقد رعيتُ لهم هناك وما رَعوا | وحَفِظْتُ وُدَّهم القديم وضيَّعوا |
وأخذت أذكرهم وبينَ جوانحي | كبدً تكاد لما بها تتصدع |
حُيِّيت يا دار الأحبة في اللوى | بحياً يصوبك في العشيّ ويقلع |
حتى يراقَ على ثراك فترتوي | بعد الظما تلك الطلول الخشع |
كانت منازلنا تروقُ بأوجهٍ | غَرَبَت فأينَ تقول منها المطلع |
يا عهدنا الماضي وليسَ براجعٍ | أفترجعنَّ بما مضيت فترجع |
واهاً لعيشك يا نديم بمثلها | والكأسُ من حدق الأوانس تترع |
حيث الصبا غضٌّ وأعلاق الهوى | مما تغرُّ بها الملاح وتخدع |
نجد الهوى رَطْب المَجَسّ فواصلٌ | لا ينثني وملايمٌ ومُمَنَّع |
ونروض باللذات كلَّ أبيَّة ٍ | منها لنا فيها القياد الأطوع |
نكصتْ على أعقابها أسرابها | وخلا من الظبيات ذاك المربع |
ويحَ الميتم من فراق أحبَّة ٍ | عفَتِ المنازلُ بعدهم والأربع |
يتجرع المرَّ الزعاف وإنما | كأس الصدود أقلُّ ما تتجرع |
ولربما احتمل السلوَّ لو أنه | يصغي إلى قول العذول ويسمع |
لي في المنازل حيثُ رامة وقفة ٌ | فيها لمن عانى الصبابة مصرع |
إنَّ الأحبة في زرود ولعلعٍ | سُقي الغمامَ بهم زرودُ ولَعْلَعُ |
هتف النوى بهم ضحى ً فتبادروا | فيه إلى تلف المشوق وأسرعوا |
يا هلْ تراهم يألفون وهل ترى | يَهَبُ الزمان لأهله ما ينزع |
يشتاقهم أبداً على شحط النوى | قلبٌ به حرقٌ وعين تدمع |
أنفكُّ أستشفي بطيب حديثهم | أو يشتقي هذا الفؤاد الموجع |
لا تسألنّي كيف أنتَ فإنني | جلدٌ على الأيام لا أتضعضع |
صفعتْ قذال المطمعات أبوَّتي | وقفا الدنية ِ بالأبوَّة يُصفع |
أنا من جميل أبي جميل لم أزل | أدعى إلأى المجد الأثيل فأتبع |
عنه المكارم في الوجود تنوعت | أجناسها والجنس قد يتنوع |
أفْنَتْ عطاياه الحطامَ وإنَّه | لله أو لسبيله ما يجمعُ |
لولاه ماعرف الجميل ولا زها | في غيره للفضل روضٌ ممرع |
متهلّلٌ بجمال أبهج طلعة ٍ | ممَّن تشير إلى علاهُ الإصبع |
ترجى المنافع من لدنه وإنّما | نال المعالي من يضر وينفع |
أينَ الضياغمُ من علاه إذا سطا | هو لامراء من الضياغم أشجع |
في موقف ترد النفوس من الردى | والهامُ تسجدُ والصوارم تركع |
والحر يطرب حيث صادية الظبا | تروى وساغبة القشاعم تشبع |
ذو رأفة في العالمين وشدة ٍ | تومي لعاتية الأمور فتخضع |
قطعت أراجيف الرجاء لأهلها | وكذلك العضب المهند يقطع |
لله درّك لو وزنت بك الورى | لرجحت حينئذ وقدرك أرفع |
يا من رأيت به المديح فريضة | ومن المدايح واجب وتطوع |
أبغي رضاك وحبّذا من بغية ٍ | فيها المآرب والطلاب الأنفع |
فإذا رضيت فما الشهاد المجتنى | وإذا غضبت فما السمام المنقع |
شكراً لسالفة الصنايع منك لي | حيث المكارم والمكان الأرفع |
بلَّغتني نعماً خطب بشكرها | فأنا البليغ- إذا خطبت- المصقع |
ونشرتُ بعد الطيّ فيك قصائدي | طيب الثناء عليك فيها يسطع |
لولا مدايحك الكريمة لم تكن | تصغي له أذنٌ ويطرب مسمع |
أكبت حسَّادي بنعمتك التي | أمست تذّل لها الخطوب وتخضع |
أتنالني أيدي الزمان بحادثٍ | يوماً وجانبك الأعز الأمنع |
قسماً بمن رفع السماء فأصبحت | زهر النجوم بنظم مدحك تطمع |
إن الأبوة والرياسة والعلى | من غير وجهك شمسها لا تطلع |
في كل يومٍ من علاك صنيعة | أنتِ المجيد لها وأنت المبدع |
والناس إلاَّ أنت في كبّارها | صمٌّ عن الفعل الجميل إذا دُعوا |
تالله إنّك واحدٌ في أهلها | ولأنت أنت المشتكى والمفزع |
ما ضلّ عن نيل الغنى ذو حاجة | وإلى مكارمك الطريق المهيع |
ترجو نَداك وتتقي منك العدى | فالبأس بأسك والسماحة أجمع |
تعطي وتمنع نائلاً وأبوَّة | لا كان من يعطي سواك ويمنع |
الله يعلم والعوالم كلُّها | إنّي لغير نَداك لا أتوقع |
لا زال لي من بحر جودك مورد | عذب ووبل سحابة لا تقلع |
فلئن طمعتُ فلي بجودك مطمعٌ | ولئن قنعت فلي بجودك مقنع |