لِمَنْ أَيْنُقٌ يا سَعْدُ تُرْقِلَ أو تخدي
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
لِمَنْ أَيْنُقٌ يا سَعْدُ تُرْقِلَ أو تخدي | تغورُ في غور وتنجدُ في نجد |
حَوَانٍ كأمثال القسيّ سهامها | أعاريب ترمي بالسرى غرض القصد |
لهم فتكاتُ البيض والبيض شُرَّعٌ | بأغبر من وقع الحوادث مسودّ |
صوادٍ إلى ورد المنون ومالهم | من العِزّ إلاّ كلّ صافية الوِرْد |
جحاجحة ٌ شمُّ العرانين هتَّفٌ | بكلّ بعيد الغور ملتهب الزند |
على مثل معوجّ الحنايا ضوامر | طَوَيْنَ الفيافي كيف ما شئن بالأيدي |
أقول لحاديها رويدك إنّها | بقايا عظام قد تعقّفن بالجلد |
زجرت المطايا غير وانٍ فسر بها | على ضعفها لا بالذميل ولا الوخد |
أَلَسْتَ تراها في رسومٍ دوارسٍ | لها وقفة المأسور قُيّد في قيد |
وما ذاك إلاّ من غرامٍ تُجِنُّه | وما كان أنْ يَخْفى عليك بما تبدي |
وإلاّ فما بال المطِيّ يروعُها | ريسُ جوى ً يعدو وداءُ هوى ً يُعدي |
وشامتْ وميض البرق ليلاً فراعها | سنا البارق النجيّ وقداً على وقد |
وعاودها ذكر الغَميم فأصبَحتْ | تلوذُ بماء الدّمع من حرقة الوجد |
فسيقَ إليها الشوقُ من كلّ وجهة | وليس لها في ذلك الشوق من بُدِّ |
وقد فارقت من بعد لمياء أوجهاً | يسيل لها دمع العيون على الخد |
وساءَ زمانٌ بعد أن سرّها بهم | فماذا يلاقي الحرُّ في الزمن الوغد |
ويوشك أنْ تقضِي أسى ً وتلهّفاً | على فائت لا يستمالُ إلى الردّ |
سقى الله من عينيّ أكنافَ حاجر | إذا هي تستجدي السحاب فما تجدي |
وَرَعياً لأيام مضت في عِراصِها | تؤلفُ بين الظبي والأسدِ الورد |
قضينا بها اللّذات حتى تصرَّمـتْ | وكنّا ولا نظم الجمان من العقد |
سلام على تلك الديار وإنْ عَفَت | منازلُ أحبابي وعهدُ بني ودّي |
فمن مبلغٌ عنّي الأحبَّة َ أنّني | حليف الهوى فيهم على القرب والبعد |
ذكرتُهُم والوجُد في القلب كامن | عليهم كمونَ النار في الحجر الصلد |
فهل ذكروا عهد الهوى يوم قَوَّضوا | وهل عَلموا أَنّي مقيمٌ على العهد |
وما اكتحلت عيناي بالغمض بعدهم | كما اكتحلت بالغمض أعينهم بعدي |
وما رُحْتُ أشكو لو حَظِيْتُ بقربهم | زماناً رماني بالقطيعة والصدّ |
أما وعليّ القَدْر وهي أليَّة ٌ | رفعتُ بها قدري وشدتُّ بها مجدي |
لقد سدّ ما بيني وبين خطوبه | فهل كان ذو القرنين في ذلك السدّ |
أراني أسارير الزمان إذا بدا | |
ومنه متى حانت إليَّ التفاتَة ٌ | فلا نحسَ للأيام في نظر السعد |
كريمٌ إذا کستعطفت نائِلَ بّرِة ِ | وقد تعطف المولى الكريم على العبد |
إذا شاء في الدنيا أراني بفضله | مشافهة ما قيل في جنّة الخلد |
وأمَّنني والحادثات تريبني | فأَصْبحَتُ أشكو في لظى ً شدة البرد |
وقامَ إلى جَدواه يهدي عفاته | ولا ينكر المعروف بالقائم المهدي |
يلوحُ عليه نور آل محمد | كما لاح إفرندٌ من لاصارم الهندي |
يكاد يدلّ الناسَ ضوءُ جبينه | على النَسَب المرفوع والحسب المعدي |
نتيجة آباءٍ كرامٍ أَئِمَّة ٍ | هداة ٍ بأمر الله تهدي إلى الرشد |
ربوا في جحور المجد حتى ترعرعوا | وفوق جياد الخيل والضُمَّرِ الجُرْد |
فلي فيهم عقد الولاء وكيف لا | ولم يخلقوا إلاَّ أولي الحلّ والعقد |
إذا ما أتى في هل أتى بعض وصفهم | قَرَأْتُ على أجداثهم سورة الحمد |
على أنَّني فيهم ربيبٌ وإنَّني | أعيش بجدواهم من المهد للحد |
وما أنا في بغداد لولا جميلهم | لدى منهلِ عذب ولا عيشة رغد |
فبورك من لا زال يُورثني الغنى | وذكَّرني أيَّام داود ذي الأيدي |
وهب أنه البحرُ الخصمُّ لآملٍ | فهل وَقَفَتْ منه العقول على حد |
له بارق الغيث المُلِثِّ وما له | لعمرُ أبيك الخير جلجلة الرعد |
وما أشبهتك المرسلات بوبلها | بما لكَ من جَدوى ً وما لكَ من رفد |
أَغَظْتُ بك الحسّادَ حتّى وجَدْتَني | ملأتُ بها صدرَ الزمان من الحقد |
سلمتَ أبا سلمان للناس كلّها | ولا رُوّعَتْ منْك البرية في فقد |
ولا حُرِم الرّاجون فيما تُنِيلُه | مكارم تُسْتَحلى مذاقتُها عندي |
فداؤك نفسي والأنام بأسرها | وما أنا من يفديك من بينهم وحدي |
لتعلوا على الأَشراف أبناءُ هاشم | وتقضي على علاّتها إرَب المجد |
وما زالت مرَّ السَّخط مستعذبَ الندى | فآونة ً تُجدي وآونة تردي |
كأنَّك شمسٌ في السماء وإنّما | بضُرُّ ضياءُ الشمس بالحَدَقِ الرُّمد |
شهدتُ بأنَّ لا ربّ غيره | وأنَّ ندى كفَّيْك أحلى من الشهد |
لقد عادك العيد المبارك بالهنا | فبشَّرْته من بعد ذلك بالعود |
إلَيك فمُهديها إليكَ قوافياً | محاسن تروى لا عن القد والنهد |
ربيب أياديك الّتي يستميحها | وشاعرك المعروف بالهزل والجد |