لو كنتَ حاضرَ طرفه وفؤادهِ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
لو كنتَ حاضرَ طرفه وفؤادهِ | أشفقتَ من زفراتهِ وسهاده |
قد كان يرجو أنْ يلمَّ ببرئه | لو أنَّ طيفك كان من عوّأده |
عذَّبتَ طرفي بالسُّهاد ولم تبتْ | إلاّ وطرفك في لذيذ رقاده |
مالي أعذبُ في هواك حشاشتي | وأذودُ حرَّ القلب عن إبراده |
وإذا أخَذْتَ بما يبوح به الجوى | أَخَذَ الجوى َ إذ ذاك في إيقاده |
هذا الغرامُ وما مرادك بعده | مما يحول جفاك دون مراده |
من كنتُ أستصفي الحياة لقربه | أصْبَحْتُ أرتقب الردى لبعاده |
أطلقتُ بعدكم الدموع وإنْ أكنْ | فيكم أسير الحب في أقياده |
ولقد سددتُ عن العذول مسامعي | ورأيتُ أنّ الرأي غير سداده |
يا من يلوم الهوى أهل الهوى | كيف أقتناءُ الصبر بعد نفاذه؟ |
هل أنتَ يوم البين من شهدائه | أمْ يومَ الجزع من أشهاده |
من ذا يجيرك من لواحظ سربه | ويفكّ قلبك من يدي صيّاده |
يا ربع بلّ لك الأوام متيمٌ | إنْ جفَّ ناظره بماء فؤاده |
حكمتْ بما حكم الغرامُ بأهله | آرامُه فقَضَتْ على آساده |
وكأنَّما كانتْ لذائذنا بها | ونفاسة الصمصام في إفرنده |
لم أنس عهدكِ يا أميمة باللوى | فسقى الغمام العهد صوب عهاده |
أيام أصطبحُ المراشف عذبة | ويفوزُ رائد لذّة ٍ بمراده |
حيث الشبابُ قشيبة ٌ أبراده | إذ كنتُ أرفلُ منه في أبراده |
ومضرَّج الوَجَنات من دم عاشقٍ | يسطو بذابل أسْمَرٍ ميّادِهِ |
عاطيته ممّا يمجُّ لعابهُ | صَهْباء تكشِفُ عن صَميم فؤاده |
يصفو بها عيشُ النديم كأنّما | أخذتْ عليه العهد من أنكاده |
حتّى إذ ألقى الظلام رداءه | واستلّ سيف الصبح من أغماده |
قلتُ اسمحنْ لي ما بخلت بزورة | وهل المحب بها على ميعاده |
لا ذاق ريقك بعد ذلك إنْ صحا | أو كان يعثر غيُّه برشاده |
فَسَدتْ معاملة الحسان لِمَفْرِقٍ | نزلَ البياضُ به مكان سواده |
وثنى المشيب من الشباب عنانه | عن ودِّ زينته وعشق سعاده |
ونفاشة الصمصام في إفرنده | لا في نفاسة غمده ونجاده |
سالمت أيامي فقال لي العلى | إنْ كان عاداك الزمان فعاده |
ولقد يعزّ على المعالي أنْ ترى | مثلي بهذا الدهر طوع قياده |
صافيتُ أخلاقي الأبية دونه | فلينطو أبداً على احقاده |
وأنا القويّ على شدائد بطشه | عاندته فرغكتُ أنفَ عناده |
وأراه يمكر بي ويحسَبُ أنَّه | يضطرني يوماً إلى أوغاده |
هيهات قد تربت بذاك فدون ما | قد رام هذا الدهر خرط قتاده |
ولمن أراد من الأكارم بغية | ألفى أبا سلمان فوق مراده |
بأسٌ يذوب له الحديد ونائلٌ | كالعارض المنهلّ في إرفاده |
الناس مغتنمون في إبراقه | طوراً ومحترزون من إرعاده |
مستنزل الإحسان صادق وعده | ومزلزل الأركان في إيعاده |
حسدت مناقبه الكواكب في العلى | حتى رأيت البدر من حساده |
أمّا العيال عليه فهي أماجد | والمجد لا ينفك عن أمجاده |
يتطفَّلون على موائد فضله | يتبركون بمائه وبزاده |
طرب الشمائل كلّما کستجديته | طرب الشجاع لحربه وجلاده |
ولربّما أجرى اليراعَ فلاحَ لي | بيض الأيادي من سواد مداده |
لله أبلجُ من ذؤابة هاشمٍ | لا زال حزبُ الله منْ أجتاده |
عقل الحوادث أقلعتْ لهياجها | فكانّها مصفودة بصفاده |
لمَ لا يؤمَّل للإغاثة كلّها | من كان قطب الغوث من أجداده |
لحق الكرام الأولين ولم يزل | في حلبة النجباء سبق جواده |
فكأنّما انتقب الصَّباح إذا بدا | إقباله منه على وفاده |
لا تعجبوا لجمال آل محمد | نورُ النبيّ سرى إلى أولاده |
بيتٌ قواعده قواعدٌ يذبلٍ | يتعثّرُ الحدثان في أوتاده |
أطواد مجد في العلى لم ينزلوا | إلاّ على الشُرُفات من أطواده |
من كلّ بحر يستفاض نواله | يا فوزَ من قد راح من ورّاده |
قد تستمدّ العارفون وإنّما | استمدادها بالفيض من إمداده |
يا أهل ذا البيت الرفيع عماده | وکنحطت الملوان دون عماده |
أروي لكم خبر الثناء وطالما | أوقفت راويه على إسناده |
مستعبد الحرّ الكريم بفضله | لا حرَّ في الدنيا مع استعباده |
شاركت أبناء الرجال بما حَوَتْ | يمناك بين طريفه وتلاده |
وإذا تفرَّدَ في الزّمان مهذّب | ألفيتك المعدودم إفراده |
روضي ذوى ولوى الرجاء بعوده | فليجر منك الماء في أعواده |
يفديك من ملكت يمينكُ رقَّه | ورآك ملجأ قصده ومراده |
منع الوصول إلى ذراك بعيده | لا زلت أنْتَ العيد في أعياده |
والحظّ يصلد في يديَّ زناده | إنّي أعيذك من صلود زناده |
يا من نعمت به وأية نعمة | وسعدتُ بين الناس في إسعاده |
تاجرت في شعري إليك وإنّما | نَفَقَ القريض لديك بعد كساده |
ومن الكلام إذا نظرت جواهرٌ | يجبى إلى من كان من نقّاده |