{مِن وَرَاء جُدُرٍ}
مدة
قراءة المادة :
6 دقائق
.
بينما يسيرون في طرقات تغيرت ملامحها بعد عشرات السنين منذ اغتصابها، إذ بصافرة تدوي في آذانهم، وأصوات التحذيرات: "اختبئ بالملاجئ" ترعب قلوبهم.
يهرع الغاصبون بنسائهم وأطفالهم للاحتماء خلف جدر محصنة وفي أقبية تحت الأرض، ما دفع ناقدون إلى السخرية من رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتانياهو بالقول إنه خصص ماسورة صرف صحي لكل "مواطن" للاختباء فيها بعد أن أثبتت مواسير الصرف الصحي نجاعتها في الحماية من صواريخ المقاومة الفلسطينية، بدل نظام القبة الحديدية الذي فشل في ذلك إلى الآن.
هذا المشهد كان معتاداً في سديروت القريبة من قطاع غزة بحيث يستطيع الرائي في غزة رؤية المغتصبات وهي تقصف بصواريخ المقاومة.
لكنه الآن أصبح متكرراً في مدن لم تعرفه في السابق؛ مدن مثل تل الربيع المحتلة (تل أبيب) وحتى في القدس .
والمألوف أن تجد الصهاينة ممن يعتبرهم الإعلام الغربي "مدنيين" يهرعون إلى الملاجئ، لكن المفاجئ ما نشرته القناة الثانية "الإسرائيلية" وتناقلته مواقع التواصل الاجتماعي من فيديو لوزير الدفاع الصهيوني السابق وعضو الكنيست الحالي عمير بيرتس وهي يختبئ خلف جدار ليحتمي به لدى سماعه صافرات الإنذار أثناء جولة تفقدية في مدن قريبة من القطاع.
وحتى الجنود المسلحين في كامل عتادهم، ظهر خزيهم عندما نشرت وسائل الإعلام صوراً لهم منبطحين على الأرض في الطريق العام خوفاً من صواريخ المقاومة.
كذلك، بثّت القناة الصهيونية مشاهد لهروب وزير حماية البيئة "الإسرائيلي" جلعاد أردن مذعوراً إلى جانب أحد الجدران في مدينة بئر السبع، للاختباء من الصواريخ الفلسطينية.
وَأوضحت القناة أن أردان وصل إلى المدينة لإجراء جولة تفقدية من أجل الوقف على حجم الأضرار التي أحدثتها صواريخ المقاومة، وامتصاص غضب "الإسرائيليين" الذين شُلت حياتهم اليومية بفعل تهديد الصواريخ.
فما هي إلا 45 ثانية فقط من الوقت متاحة أمام 200 ألف من سكان أسدود للفرار والاختباء في المخابئ والجحور، وفي عسقلان 30 ثانية فقط، أما في سديروت فالخطر يصل خلال 15 ثانية.
أما بطاريات الصواريخ المضادة التي نشرتها "إسرائيل" في أنحاء متفرقة حول القطاع والمعروفة باسم "القبة الحديدية" فقد ثبت فشلها في إسقاط الغالبية العظمى من صواريخ المقاومة، حتى بات يصفها الإعلام بـ"القبة الورقية".
وأكثر الحكايات المثيرة للسخرية من الصهاينة الغاصبين ورعبهم من صواريخ المقاومة، تلك المرأة التي سقطت من شرفة نافذة منزل مغتصب في أرضنا الإسلامية عسقلان.
لم تسقط بفعل صاروخ مباشر، ولم تسقط بسبب اهتزاز الأرض من صواريخ المقاومة، بل سقطت بسلاح الرعب الذي وعد به النبي صلى الله عليه وسلم بالقول: «نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ» [أخرجه مسلم والترمذي وأحمد].
أما على الصعيد السياسي، فقد ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أنَّ العدوان الأخير على قطاع غزة مصدر خطر على السلطة الفلسطينية حليفة أمريكا.
وأكَّدت الصحيفة أن الأمر لا يبُشّر بالخير بالنسبة للرئيس محمود عباس وسلطته الفلسطينية والتي بدأت تفقد مصداقيتها.
وَأوضحت أن الزعيم الفلسطيني الذي أرسل إلى القاهرة لم يكن عباس بل خالد مشعل أحد قادة حركة حماس الذي سعى للتحدث نيابة عن كل الشعب الفلسطيني.
وبدوره، حذر المحلّل الاقتصادي الصهيوني آفي تيميكن من أن العدوان على قطاع غزة سيُعمّق من أزمة الاقتصاد في الكيان الصهيوني في المستقبل القريب، وهو ما قد يدفع بالصهاينة إلى التظاهر في الشوارع ضد حكومة نتنياهو، وفقاً لتقديراته.
وفي مقالة نشرها موقع "غلوبز" الصهيوني، المتخصص في الشؤون الاقتصادية والتقنية، قال المحلّل إن تقييمات راسخة كانت تشير إلى أن الحكومة الصهيونية القادمة ستواجه وضعاً اقتصادياً يقتضي اتخاذ قرارات صعبة.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن ذلك دفع رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو إلى إصدار قرار بإجراء الانتخابات النيابية مبكراً، حتى لا يكون مضطراً في هذه الفترة للتعامل مع قضايا تسبب الحرج للحكومة، حسب رأيه.
واعتبر أن اتخاذ القرار بشن حرب عسكرية على قطاع غزة، سيزيد بالضرورة من سوء الوضع الاقتصادي الذي ستواجهه الدولة العبرية في المستقبل القريب، كما أن استمرار "الحملة العسكرية" على القطاع لن يمكن من تقدير تكاليفها أو مناقشة عواقبها.
وأكد "تيميكن" أن وزير الحرب الصهيوني سيُحمل دافع الضرائب الصهيوني فاتورة كل صاروخ أو رصاصة تطلق على قطاع غزة، بالإضافة إلى تكلفة كل ساعة حلقت فيها طائرات القوات الصهيونية خلال هذا العدوان.
وحذر الخبير الاقتصادي من أن الفجوة في الميزانية العامة، يتعمق مع التباطؤ في النمو الاقتصادي الصهيوني إلى ما دون المستويات التي تم توقعها قبل البدء بالعدوان على غزة.
وحسبما أشار؛ فإن تراجع النمو في الناتج المحلي الإجمالي الصهيوني إلى أقل من ثلاثة في المائة سنويّاً، يعني تباطؤ النمو الاقتصادي، في حين أن تراجع تلك القيمة إلى أقل من اثنين في المائة سنويّاً يعني دخول الاقتصاد الصهيوني في حالة ركود.
وحذر "تيميكين" من اندلاع ثورة داخلية ضد حكومة نتنياهو، وقال "إن إجراءات التقشف التي قد تتخذ في ظل تلك الظروف لن تسبب فقط المشاكل داخل الحكومة، بل وقد تدفع الصهاينة إلى الشوارع كما حدث خلال صيف عام 2011م".
نسيبة داود - 7/1/1434 هـ