أرشيف المقالات

من حلف فقال في حلفه: باللات والعزى

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
حديث
(من حلَف فقال في حلفه: باللات والعزى)


• عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من حلَف فقال في حلفه: باللات والعزى، فليقل: لا إله إلا الله، ومن قال لصاحبه: تعالَ أُقامِرْك، فليتصدَّق))؛ متفق عليه[1].
 
يتعلق بهذا الحديث فوائد:
الفائدة الأولى: الحلف بغير الله تعالى حرام، وهو من الشرك الأصغر الذي يعد من كبائر الذنوب؛ وذلك كالحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم، أو بالكعبة، أو بالأمانة، أو بالذِّمة، أو بالصلاة، أو بالآباء، أو بالأولياء، وقد روى عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما -: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، من كان حالفًا، فليحلِفْ بالله أو ليصمُتْ))؛ متفق عليه[2].
 
الفائدة الثانية: القِمار هو الميسِر الذي حرمه الله تعالى وقرَنه بالخمر والأصنام؛ فقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [المائدة: 90]، والمراد بالقِمار: كل معاملة مالية أو مغالبة بين اثنين فأكثر، يدخل فيها المرءُ على أنه إما أن يغرَم مالًا أو يغنَم، وقد انتشر هذا في زمننا بصور كثيرة، منها:
الصورة الأولى: أن يلعب اثنان فأكثر، أو مجموعتان فأكثر، وتدفع كل مجموعة منهم مالًا، على أن من فاز في اللعب فإنه يأخذ هذا المال، أو يأخذ الأول نصفه والثاني ثلثه، وهكذا، وهذا محرم في جميع أنواع اللعب، سواءٌ أكانت في أصلها مباحة أم كانت محرمة؛ إلا في المسابقات التي حث عليها الشرع، وهي ما يستعان به على الجهاد في سبيل الله تعالى؛ كالمسابقة بين الخيول، أو الإبل، أو في الرماية، أو في مسائل العلم الشرعي، أو العلم الذي به رقيُّ الأمة ونفعها وقوتها.
 
الصورة الثانية: بعض المسابقات التي تجرى عن طريق الهاتف؛ بأن يتصل شخص برقم معين، وهذا الاتصال له رسمٌ خاص يتفق عليه بين الشركة الموفرة لخدمة الاتصال، وبين الطرَف الذي ينظم المسابقة، بحيث يدفعه المتصل، ويستفيد المنظم للمسابقة جزءًا منه، ويدفع جزءًا آخر كجوائز للمسابقة، فهذا الذي يدفع مبلغ الاتصال، دفعه لعله يحصل على جائزة ثمينة مقابل ما دفع، وهذه هي حقيقة القِمار.
 
الفائدة الثالثة: أرشد النبي صلى الله عليه وسلم المسلم إذا فعل واحدًا من هذه المحرمات أن يكفِّر عن فعله أو قصده لفعل الحرام؛ فمن حلف بغير الله عز وجل فمِن صدق توبته أن يوحِّد الله تعالى؛ لأنه قد أشرك بالله تعالى؛ فكانت كفارته التوبة إلى الله تعالى، وقول كلمة التوحيد، التي فيها تعظيم لله تعالى، ونفيٌ لأن يكون المسلم يعبد أحدًا غيره، كائنًا من كان،ومن عزم على المقامرة ودعا إليها صديقَه، فقد شرع في فعل المعصية؛ فالواجب عليه أن يترك الاستمرار في طلب المقامرة، ومِن صدق توبته إلى الله تعالى أن يتصدق بما يتيسَّر له من المال، قلَّ ذلك أو كثُر؛ لإطلاق الصدقة في الحديث.



[1] رواه البخاري في كتاب الأيمان والنذور، باب لا يحلف باللات والعزى ولا بالطواغيت 6/ 2450 (6274)، ومسلم في كتاب الأيمان، باب من حلف باللات والعزى فليقل: لا إله إلا الله 3/ 1267 (1647).


[2] رواه البخاري في كتاب الأيمان والنذور، باب لا تحلفوا بآبائكم 6/ 2449 (6270)، ومسلم في كتاب الأيمان، باب النهي عن الحلف بغير الله تعالى 3/ 1266 - 1267 (1646).

شارك الخبر

روائع الشيخ عبدالكريم خضير