قام يجلوها ويردُ الليل معلمْ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
قام يجلوها ويردُ الليل معلمْ | خمرة ً ما کجتمعت مَعَ کلهَمْ |
فهي تِبْرٌ في لجين ذائب | أو كنارٍ في فؤاد الماء تضرم |
نظم المزج عليها حَبَباً | رصَّعَ الياقوتَ بالدرّ المنظّم |
عجباً للشَّرب أَنّى قطّبت | أَوجهاً من شرب راحٍ تتبسّم |
وإذا أبهم أمرٌ في العلى | مثلها قد يُحَمد الدهر المذمّم |
من رآى يا قوم منكم قبلها | قبل هذا أنَّ نوراً يتجسم |
فهي سرٌّ الضيا | في ضمير الليل من أن يتكتم |
قَدُمت في عصرها حتى لقد | أَوْشَكَتْ تخبرنا عمّا تقدّم |
ما ألذَّ الراح يسقاها آمرؤٌ | من أيادي مُنْيَة القلب المتيّم |
كقضيب البان أنَّى ينثني | ذو قوام يشبه الرمح المقوم |
أشرق البدر علينا وجهه | فَعَرَفْنا منه أَنَّ البدر قد تم |
بابليُّ اللّحظ حلويّ اللمى | غير أَنّي في هواه أتألَّم |
مالكٌ ما رقَّ للصبّ ومن | عادة المالك أن يرثو ويرحم |
ظالمي في الحبّ عدلٌ فکعجبوا | يا لقومي من ظَلُوم يتظلّم |
عاطنيها يا نديمي قهوة ً | تَخْضِبُ الأَقداح بالصَّبغ المُعَنْدم |
وانتهبها فرصة ً ممكنة | قبل أنْ تمضي سدى ً أو تتندّم |
في رياضٍ قرن البشر بها | فَغَدَتْ تقرن ديناراً بدرهم |
وکعصِ من لامَكَ فيها طائعاً | لذَّة النفس فأنسُ النفس ألزم |
أترى مستعظم الوزْر بها | ليسَ يدري أنَّ عفو الله أعظم |
أنعمُ العيشة ما قضّيتها | مَعْ مليحٍ جاد بالوصل وأَنْعَم |
فتعاطاها إلى أنْ ينجلي | من أسارير الدجى ما كان أظلم |
فترى للصبح في إثر الدجى | صارماً من شفق يلطخ بالدم |
أو فكانا كجوادي حلبة ٍ | راح يتلو أشقرٌ آثار أدهم |
رفع الفجر لنا رايته | وتولّى الليل بالجيش العرمرم |
يا لها من ليلة في جنحها | حلَّل اللَّهو بها كلَّ محرّم |
رقص البان لها من طربٍ | وتثنّى لحمام يترنّم |
نطق العود بأسرار الهوى | فسكتنا والأغاني تتكلّم |
فحسبناها لما قد أطربت | أفصحت في مدح عبد القادر القرم |
لم تزل منّا إلى حضرته | مِدَحٌ تجبي ومال يتقسّم |
حكّم العافين في أمواله | وهي فيما تشتهيه تتحكّم |
هكذا كان وما زال كذا | إنّها شِنْشِنَة من عهد أخزم |
لو نظرنا رقّة ً في طبعه | لحسبناه نسيمأً يتنسّم |
فهو مثل الروض وافاه الحيا | رائق المنظر زاهٍ عطر الشم |
لم ترق عيني سوى طلعته | أنا فيها لم أزل أنجو من الغم |
بيّضت وجه المنى أقلامه | إنْ يكن وجه المنى أسْوَدَ أَسْحم |
وَسَطَتْ في الخصم حتّى أنها | فتكت فتك القنا في مهجة الخصم |
ملهمٌ يعلم ما يأتي من الأ | مر إنْ شاء وبعض الناس ملهم |
ذاك واري الزند مغوار النهى | إنْ رمى أصمى وإنْ جادل أقحم |
كشفت آراؤه عن كلّ مبهم | |
طار في الأفق لك الصِّيتُ الذي | كلَّما أَنْجَدَ في الأقطار أَتْهم |
أنت والغيث جوادا حلبة | مثلما أنت مع العلياء تؤأم |
كم وَرَدْنا منك عَذباً سائغاً | كالحيا المنهلّ بل أمرى وأسجم |
وبلغنا من أياديك المنى | فيميناً إنَّ يمناك لكاليم |
بأبي أنت وأميّ ماجداً | وملاذاً في معاليه لمن أم |
إنْ ذكرنا فضل أرباب الندى | كنتَ رأسَ الكلّ والرأس مقدّم |
أنت والله لأندى من حياً | مستهلّ القطر بالجود وأكرم |
أرغم الله أعاديك بما | يجدع الأنف به جدعاً ويرغم |
وفداك القوم أما كفُّهم | فجمادٌ ونداهم فمحرّم |
وكفاك الله أسواء امرئٍ | ضاحك يكشرُ عن أنياب أرقم |
وإليك اليوم مني مِدَحاً | أيها المولى وحوشيتَ من الذم |
فلسان الحال منّي مفصحٌ | إنْ يكن مني لسان القال أبكم |
أنا في مدحك ما بين الورى | أفصح الناس وإنْ لم أتكلم |
خدم العبد علاكم شعره | أنت في أمثاله ما زلت تخدم |
شاكراً مولاي إحسانك بي | إنَّ إحسانك يا مولاي قد عم |
إنْ تفضَّلْتَ على الداعي لكم | بقبولٍ فتفضّلْ وتكرّم |
أسأل الله لعلياك البقا | فابق في العزّ مدى الأيام واسلم |