طهِّر فؤادك بالرّاحات تطهيرا
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
طهِّر فؤادك بالرّاحات تطهيرا | ودُم على نَهبِكَ اللَّذاتِ مَسرورا |
بادر إلى أخذ صفو العيش مبتهجاً | فما أوَدُّ لوقت الأنس تأخيرا |
فالوقت راق وقد راقت مَسَرَّتُه | واليومَ أصبَحَ طيَّ الزهر منشورا |
أما ترى الوُرْقَ بالأوراق صادحة | كأنّها ضربتت بالروح صنطيرا |
والبرق مثل انقضاض الصقر وامضه | تخاله من غراب الليل مذعورا |
يبدو فتحسبه في جنح داجية ٍ | بكف حام حساماً لاح مشهورا |
وربَّ ليلة ِ أنسٍ بتُّ أسهَرَها | مستَّراً بظلام الليل تستبرا |
غصبت فيها الهنا من كأس غانية | فطاعني الدهر مغصوباً ومجبوراً |
مزجت بالريق صرفاً من معتقة | |
وبتُّ ملتثماً وجنات ذي حور | وبات يلثم ليث الغيل يعفورا |
فالواشي يعذلني والوجد يعذرني | والصَّبُّ غزال معذولاً ومعذورا |
وعنبَر الليل ما ولَّت عساكره | حتى رأى من جيوش الصبح كافورا |
لله أحوى إذا صالت لواحظه | أمسى بصارمها المشتاق منذورا |
إذا تجلّى بأنوار الجبن على | عشّاقه دك من أحشائهم طورا |
كأنَّ صورته للعين إذ جُلِيَتْ | من فضة ِ قُدِّرت بالحسن تقديرا |
قد خطَّ في خده لامُ العذار به | مِسكاً فأصبَحَ تخطيطاً وتحريرا |
يا أيها الرشأ المغري بناظره | قد عاد هاروت من جفنيك مسحورا |
لقد نصرت على كسر القلوب به | مالي أرى طرفك المنصور مكسورا |
عهدي وعهدك لا زال اختلافهما | كانا كحظّي منسياً ومذكورا |
صفا لي العيش مخضراً جوانبه | فما وَجدْتُ بحمد الله تكديرا |
لم لا أسرُ بأيام الهنا وأنا | إنْ سرَّ محمود يوماً كنت مسرورا |
هو المشار إذا أمَّت حوادثها | |
فهماً وعلماً وأخلاقاً وتدبيرا | |
بالسعي لا بالمنى والعجز أدركها | |
هذا الإمام شهاب الدين ثاقبه | أزال في نور صبح الحق ديجورا |
كم ملحدٍ هو بالبرهان أفحمه | من ينصر الله يوماً كان منصورا |
إنَّ الشريعة باهت منه في بطل | حامي حماها وباني حولها سورا |
لو لامست حجر الصمّاء راحته | تفجَّرت بزلال الماء تفجيرا |
سعى إلى المجد في سيفٍ وفي قلم | وعانق البيض حتى عانق الحورا |
لو صُوِّر المجد تصويراً على رجل | ما كان إلاّك أوصافاً وتصويرا |
وكم نَثْرَت على الأسماع درّ فمٍ | فكان ذيالك المنثور منثورا |
فأنْتَ أدْرَكُ من فيها غوامضها | وأنْتَ أفصَحُ أهل العلم تقريرا |
حجَّت لبيتك أهلُ العلم أجمعُهُم | فكان حجّهمُ إذ ذاك مبرورا |
لقد زهت بك دار العلم حيث غدت | |
غمرتنا بأياديك التي سلفت | لا زالت في نعماء الله مغمورا |
أرى اجنماع الغنى لي والكمال إذا | رأيتني منك ملحوظاً ومنظورا |
وإنْ أنخت لدى علياك راحلتي | كنت الأمير وكان الدهر مأمورا |
ليهنك اليوم أبناءٌ لهم نسب | أضحى على جبهة الأيام مسطورا |
إنّ الرواة التي تروي مناقبهم | عنهم روتْ خبراً بالمجد مأثورا |
اليوم إنْ كنتَ مولانا مطهِّرهم | فالله طهَّرهم من قبلُ تطهيرا |