ذَكراني عَهْدَ الصبا بسعاد
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
ذَكراني عَهْدَ الصبا بسعاد | وخَوافي الجَوى عليَّ بَوادي |
ورَواحي مع الهوى وغدوّي | لا عَداها يوماً مصبُّ الغوادي |
وبياض المشيب سوَّدَ حظي | عندَ بيض المها سوادَ المداد |
يا ابن ودّي وللموَّدة حقُّ | فاقضِ إنْ شئتَ لي حقوق الوداد |
وأعِد لي ما كان من برحاء | كنتُ منها في طاعة وانقياد |
يومَ حانَ الوداع من آل ميّ | فأرانا تفتُّتَ الأكباد |
تركوا عَبرتي تصوب ووجدي | في هياجٍ ومهجتي في اتّقاد |
هلْ علمْتُمْ في بينكم أنَّ عيني | لم تذق بعدكم لذيذ الرقاد |
لا أذوق الكرى ولا أطعمُ الغمـ | ـض ولا تَنثني لطيفٍ وسادي |
واللّيالي التي تَمَرُّ وتمضي | ألَّفَتْ بين مُقلتي والسُّهاد |
كلّ يوم أرى اصطباري عنكم | في انتقاص ولوعتي في ازدياد |
قد أخذتم مني الفؤاد فردّوا | في تَدانيكم عَليَّ فؤادي |
وأعيدوا ما كان منّا ومنكم | وليكنْ ما جرى على المعتاد |
أينَ عهدي بهم فقد طال عهدي | فسقي عهدهم بصوب عهاد |
فمرضي في هواك زدني سقاماً | فَلَعلّي أراك في عوّادي |
فدموعي على هواك غزلرٌ | وفؤادي إلى رضابك صادي |
يا عذولاً يظُّنُّ أنَّ صلاحي | في سلوِّي وذاك عينُ فسادي |
أنا فيما أراه عنكَ بوادٍ | في هيامي وأنت عنّي بواد |
إنّما أعينُ الظّباء وما يجـ | ـهل منها مصارع الآساد |
ما أراني من القوام المفدّى | ما أراني من القنا الميّاد |
ولحاظٍ كأنَّهنَّ بقلبي | مرهفات سلَّت ممن الأغماد |
أيُّ قلب عذَّبته بصدودٍ | ودُنُوٍّ نَغَّصَته ببعاد |
لم يفدني تطلُّبي من ثمادٍ | أبتغيه ورقة ٍ من جَماد |
ما لحظي من اغترابي وما لي | مُولعٌ بالإتهام والإنجاد |
ويد البين طالما قذفتني | غُرَّة ً في دكادك ووهاد |
وتَقَلَّبْتُ في البلاد وماذا | أبتَغي من تَقَلُّبي في البلاد |
ليتَ شعري وليتني كنتُ أدري | ما مرامي من النوى ومرادي؟ |
وببغدادَ من أحاولُ فيها | أشْرَفُ الحاضرين في بغداد |
وهو عبد الرحمن نجلُ عليٍّ | علويُّ الآباء والأجداد |
ألتّقي النقّي قولاً وفعلاً | والكريمُ الجواد وابنُ الجواد |
رفعَ الله ذكره في المعالي | من عليِّ العلى رفبع العماد |
شَرفٌ باذخ ورفعة ُ ذكر | رغمت عندها أنوفُ الأعادي |
هكذا هكذا المكارم تروى | والمزايا من طارف وتلاد |
ساد بالعلم والتفى سيّد النا | س فخاراً للسّادة الأمجاد |
يَقتَني المال للنّوال وإنْ كا | ن لَعَمري فيه من الزهاد |
شرح الله صدره فأرانا | في سواد الخطوب بيض الأيادي |
كم روتنا الرُّواة عنه حديثاً | صَحَّ عندي بصحَّة الإسناد |
وأعَدْتُ الحديثَ عنه فقالوا | ما أحيلى هذا الحديث المعاد |
فَيُريني حلاوة الجود جوداً | وأريه حَلاوة َ الإنشاد |
علم الله أنَّه في حجاهُ | مفردُ العصر واحدُ الآحاد |
صَيْرَفيّ الكلام لفظاً ومعنى ً | من بصير بذوقهِ نقَّاد |
يعرف الفضل أهْلَه وذَووه | وامتياز الأضداد بالأضداد |
إن تغابت عنه أناسٌ لأمر | أو عَمَتْ عنه أعينُ الحسّاد |
فكذاك البياض وهو نقيٌّ | مبتلى في نقائه بالسواد |
يابني الغوث والرجوع إليكم | حينَ تعدو من الخطوب العوادي |
يكشف الله فيكم الضُرَّ عنا | وبكمْ نَقْتَفي سَبيلَ الرشاد |
كيف لا نستمد من روح قوم | شُفَعَاءٍ لنا بيوم المعاد |
ورضي الله عنهم ورضوا عنه | خيار العباد بين العباد |
فولائي لهم وخالص حبّي | هو ديني ومذهبي واعتقادي |
فعلى ذلك الجناب اعتمادي | وإلى ذلك الجناب استنادي |
فضلكم يشمل العفاة جميعاً | ونداكم للصّادر الوارّد |
إن الله فيكم كنز علمٍ | ما له ما بقيتم من نفاد |
إنْ حدا هذه القصائد حادٍ | فلها من جميل فعلك حادي |
وعليكم تملي القوافي ثناءً | عطراتِ الأنفاس في كلّ ناد |
وإذا ما أردْتُ مدحَ سواكم | فكأني اخترطت شوك القتاد |
ربحت فيكم تجارة شعري | لارماها في غيركم بالكاد |
أنا في شكركم أروح وأغدو | فأنا الرائحُ الشكورُ الغادي |