شديدٌ ما أضرَّ بها الغَرامُ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
شديدٌ ما أضرَّ بها الغَرامُ | وأَضْناها لِشقْوَتها السّقامُ |
وما کنفروت بصَبْوتها ولكنْ | كذلكم المحبُّ المستهام |
تشاكَيْنا الهوى زمناً طويلاً | فأَدْمُعَنا وأَدْمُعُها سِجام |
قريبة ما تذوب على طلول | عفت حتى معاليها رمام |
سقى الله الديارَ حياً كدمعي | لها فيها انسكاب وانسجام |
وبات الغيث منهلاًّ عليها | تسيل به الأباطح والأكام |
حسبتُ بها المطيَّ فقال صحبي | أضرّ بهذه النوقِ المقامُ |
وبرّح بالنياق نوى ً شطونٌ | وأشجان تراشُ لها سهام |
فلا رنداً تشمّ ولا تماماً | وأين الرّند منها والثّمام |
مفارقة أَحبَّتُها بنجد | عليك الصَّبر يومئذٍ حرام |
تقرُّ لأَعْيُني تلك المغاني | وهاتيك المنازل والخيام |
إذا ذُكِرَتْ لنا فاضَتْ عيون | وأضرمَ مهجة الصبّ الضرام |
لعمرك يا أميمة إنَّ طرفي | على العبرات أوقفه الغرام |
أشيمُ البرق يبكيني ابتساماً | وقد يُبكي الشجيَّ الابتسام |
تَبَسَّم ضاحكاً فكأنَّ سُعدى | فليس بغيره کفتخر الأنام |
يلوحُ فينْجَلي طَوْراً ويخفى | كما جُلِيَتْ مضاربه الحسام |
أما وهواك يمنحني سقامي | ومنك البرءُ أجْمَعُ والسقام |
لقد بلغ الهوى منّي مناه | ولم يبلغْ مآربه الملام |
على الأحداق لا بيضٌ حدادٌ | يشقُّ بها حشى ً ويقدُّ هام |
سلي السُّمر المثقَّفة َ العوالي | أتفتكُ مثل ما فتك القوام |
أبيتُ أرعى النجمَ فيه | بطرفٍ لا يلمُّ به منام |
يذكّرني حَمامُ الأَيْكِ إلْفاً | ألا لا فارقَ الإلْفَ الحَمامُ |
وهاتفة ٍ إذا هتفت بشجوي | أقول لها ومثلك لا يلام |
فنوحي ما بدا لكِ أنْ تنوحي | فلا عيبٌ عليك ولا منام |
بذلتُ لباخل في الحبّ نفسي | ولَذَّ لي الصبابة ُ والهيام |
منعتُ رضابه حرصاً عليه | ففاض الريُّ واتَّقد الأوام |
وفي طيِّ الجوانح لو نَشَرْنا | بها المطويَّ طال لنا كلام |
أرى الأيام أوّلُها عناءٌ | وعقباها إذا کنقرضَتْ أثام |
عناءٌ إنْ تأمَّلها لبيبٌ | وما يشقى بها إلا الكرام |
لذاك الأكرمون تُزادُ عَنها | فتمنها ويعطاها اللئام |
نَزَلْنا من جميل أبي جميل | بحيث القصد يبلغُ والمرام |
فثمَّ العروة ُ الوثقى وإنّا | لنا بالعروة الوثقى کعتصام |
إذا نزلَ المروع لديه أمسى | يضيم به الخطوب ولا يضام |
جوادٌ لا يجود به زمانٌ | ولا يستنتج الدهر العقام |
أشيمُ بروقه في كلّ يوممٍ | وما كلُّ بوارقه تشام |
إذا افتخر الأنامِ على النسق الأعالي | فذاك البدء فيه والختام |
تيقَّظَ للمكارم والعطايا | وأعينُ غيره عنها نيام |
مكانكَ من عرانين المعالي | مكانٌ لا ينال ولا يرام |
وما جودُ الروائح والغوادي | فإنَّ الجودَ جودك والسلام |
بنفسي من لدى حربٍ وسِلْمٍ | هو الضرغام والقرم الهمام |
تُراعُ به ألوفٌ وهُوَ فَردٌ | وليسَ يروعه العددُ اللَّهام |
ومن عَظُمتْ له في المجد نفسٌ | أهِينَتْ عنده الخِطَطُ العظام |
صُدوعٌ ما هنالك والتئام | وما ضلَّتْ وأنتَ لها إمام |
كأنَّك في بني الدنيا أبوها | وَراعٍ أنْتَ والدنيا سَوام |
إذا کفتخَر الأنامِ وكان فيهم | محلّ الأمن والبلد الحرام |
لكلٍّ في جماك له طوافٌ | وتقبيلٌ لكفِّك واستلام |
تعودُ بوجهك الظلماءُ صبحاً | ويستسقى بطلعتك الغمام |
ويشرقُ من جمالك كلُّ فجٍ | كما قَد أَشْرَقَ البَدر التّمام |
فداؤك من عرفتَ وأنت تدري | فخيرٌ من حياتهم الحمام |
أناسٌ حاوَلوا ما أَنتَ فيه | وما سَلكُوا طريقك واستقاموا |
لقد تخلوا وجدتَّ وأنتَ فينا | كما کنهلَّت عزاليه الرّكام |
وما كلٌّ بمندورٍ ببخلٍ | ولا كلٌّ على بخلٍ يلام |
تميل بنا بمدحتك القوافي | كما مالت بشاربها المدام |
ولولا أنتُ تنفقها لكانتْ | بوائِرَ لا تُباع ولا تُسام |
نزورك سيدي في كلِّ عامٍ | إذا مَا مرَّ عامٌ جاءَ عام |
تُخَبِرُّ أنَّنا ولأنت أدرى | صيامٌ منذ وافانا الصيام |