ما زلت أوَّلَ مُغْرَمٍ مفتونِ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
ما زلت أوَّلَ مُغْرَمٍ مفتونِ | فتكت به حَدَقُ الظباء العينِ |
وجنتْ عليه بما جنته لواحظ | تركته منها في العذاب الهون |
ماذا يقيك من الموائس بالقنا | إنْ طاعتك قدودها بغصون |
وسطت عليك جفونها بصوارمٍ | ما أغمدت أمثالها بجفون |
إنَّ العيون البابليَّة طالما | جاءت بسحر للعقول مبين |
لانت معاطف من تحب وإن قسا | قلباً فلم يكُ وَصْلُه بمدين |
لا زال تشكو قسوة من لين | |
ويلي من اللحظات ما لقتيلها | قَودٌ وليس أمينها بأمين |
والمسعدون من الغرام بمعزل | عني فهل من مسعدٍ ومعين |
ظعن الذين أحبّهم فتناهبت | مهج القلوب حواجب بعيون |
وتركْنَ أرباب الرجال كأنما | شربت زعاف السم بالزرجون |
ما إنْ أطلْتُ إلى الديار تلفّتي | إلاّ أطلْتُ تلفّتي وحنيني |
ولقد وقفت على المنازل وقفة | فقضيت للأطلال فرض ديون |
وجرت بذياك الوقوف مدامعي | ومرت لهاتيك الديار شؤوني |
فسقى مصاب المزن كلّ عشية | عهداً يصوب عليه كل هتون |
يا سعد قد نفرت أوانس ربرب | بنوى ً يشطّ به المزار شطوني |
فاسعد أخاك على مساعدة الجوى | إنْ كان دينك في الصبابة ديني |
كانت منازلنا منازل صبوة | وديار وح علاقة وفتون |
تتلاعب الآرام في عرصاتها | فيجدّ بي تلفي وفرط شجوني |
جمعت فكانت ثمَّ مجتمع الهوى | ظبي الكتس بها وليث عرين |
أيام كنت أديرها يا قوتة | حمراء بين الورد والنسرين |
والروض متفق المحاسن زهره | بعد اختلاف الشكل والتلوين |
وتَفَنُّنُ الورقاء في أفنانها | ينبيك أنَّ الورق ذات فنون |
والكأس تبسم في أكُفِّ سقاتها | عن در مبتسم الحباب ثمين |
ضمنت لشاربها السرور فحبذا | ذاك الضمان لذلك المضمون |
ومهفهفٍ ينشقّ في غسق الدجى | من ليل طرته صباح جبين |
وأنا الطعين بسمهريّ قوامه | يا للرجال لصبّه المطعون |
قد بعته روحي ولا عوضٌ لها | ورجعت عنه بصفقة المغبون |
علم الضنين بوصله في صدّه | أنّي ببذل الروح غير ضنين |
قارعت أيامي لعمرك جاهداً | حتى انتضيت لها حسام الدين |
جرّدته عضباً يلوح يمانياً | جادت بصيقله يمين القين |
فإذا ركنت إلى نجيب لم يكن | إلاّ إلى ذاك الجناب ركوني |
أعلى مقامي في عليّ مقامه | فرأيت منزلة الكواكب دوني |
وظفرت منه بما به كان الغنى | عن غيره في العزّ والتّمكين |
وصددتُ عن قوم كأنَّ نوالهم | مال اليتيم وثروة ُ المسكين |
فتكاثرت نعم عليَّ بفضله | من فضله وأقلّها يكفيني |
السيّد السند الذي صدقت به | فيما تحدّث عن علاه ظنوني |
يمحو ظلام الشك صبحُ يقينه | والشكُّ ينفيه ثبوت يقين |
متيقظ الأفكار يدرك رأيه | ما لم يكن بالظنّ والتخمين |
من أسرة ٍ رغموا الأنوف وأصحبوا نزيلهم | ونوالهم بالبر غير مصون |
اللابسون من الفخار ملابساً | ومن الوقار سكينة بسكون |
إنّ الذي تجبت به أمُّ العلى | ظفرت به في الأكرمين يميني |
ما زلت في ودّيب له متمسّكاً | أبداً بحبل من علاه متين |
أنفكُّ أقسم ما حييت أليَّة ً | بالله بل بالتين والزيتون |
لولاه ما فارقت من فارقته | وهجرت ثمة صاحبي وخديني |
ووجدت من شغفي إليه زيارتي | ضرباً من المفروض والمسنون |
وحثثت يومئذٍ ركائبي التي | لفّت سهول فدافد بحزون |
كم من يد بيضاء أنهلني بها | ما أنهلّ من وبل السحاب الجون |
ورأيت من أخلاقه بوجوده | ما أبدع الخلاق بالتكوين |
ولكم تجلّى بالمسّرة فانجلى | صدأ الهموم لقلبي المحزون |
حيث السعادة والرئاسة والعلى | تبدو بطلعة وجهه الميمون |
يا من جعلت لما يقول مسامعي | أصداف ذاك اللؤلؤ المكنون |
إنّي أهشُّ إذا ذُكِرتُ فأجتلي | راحاً تسرُّ فؤاد كل حزين |
وإذا صحوت ففي حديثك نشوتي | وإذا مَرِضتُ فأنت من يشفيني |
بفكاهة تشفي الصدور وبهجة | قرَّت بها في الأنجبين عيوني |
أطلقتُ ألسنة الثناء عليك في | ما أبدعته بأحسن التنظيم |
إنْ دوَّنوا فيك المديح فإنّما | مدح الكرام أحقُّ بالتدوين |
فاسلم ودم أبداً بأرغد عيشة | تبقى المدى في الحين بعد الحين |