سقاها الهوى من راحة ِ الوجد صَرْخَدا
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
سقاها الهوى من راحة ِ الوجد صَرْخَدا | وشَوَّقَها حادي الظعائن إذ حَدا |
فظلَّتْ ترامى بين رامة والحمى | وتطوي فيافيها حزوناً وفدفدا |
وتشقّها ريحُ الصبا رندَ حاجر | فكادت لفرط الوجد أنْ تتقدا |
ولما بَدَتْ أعلامُ دار بذي الفضا | أعاد لها الشوق القديم كما بدا |
فلا تأمن الأشجان يجذبن قلبها | متى أَتْهَمَ البرقُ اليماني وأنجدا |
ويا سعد خذ بالجزع من أيمنِ اللوى | لعلّي أرى فيها على الحبّ مُسعِدا |
وذرها تروّي بالدموع غليلها | وأنّى يبل الدّمع من مغرم صدى |
تعالج بالتعليل قلباً معذباً | وتدمي بوبل الدمع طرفاً مسهّداً |
وتنصبُّ مثل السيل في كلّ مهمهٍ | فتحسبه من شدة العزم جلمدا |
وبي من هوى ميٍّ وإنْ شَطَّ دارها | هوى ً يمنع العشاق أنْ تتجلدا |
ولمياء لم تنجز بوعدٍ لمغرم | وهل أنْجَزَتْ ذات الوشاحين موعدا |
إذام ادنت ظمياءُ من سربِ لعلع | أرَتْنا الردى من مقلة الريم أسودا |
أَلَذُّ بها وصلاً وأشقى بهجرها | ومن عاش بالهجران عاش منكدا |
وأبلجُ لولا شعره وجبينه | لما كانت أدري ما الضلال وما الهدى |
تدين قلوب العاشقين بالحكمه | على أنَّه قد جار بالحكم واعتدى |
فيا عصر ذاك اللّهو هل أنْتَ عائد | ويا ريم ذاك الربع روحي لك الفدا |
تركتَ بقلبيم هواك لواعجاً | عَصَيْتُ بها ذاك العذولَ المُفَنِّدا |
لحا الله من يلحو محبّاً على الهوى | ولا راح إلاّ بالملام ولا اغتدى |
يلوم ويفري بالهوى من يلومه | وكم جاهل رام الصلاح فأفسدا |
أخذتْ نصيبي من نعيمٍ ولذة ٍ | وصادَمْتُ آساداً ولاعبت خرّدا |
فَطَوْراً أراني في المشارق متهماً | وطوراً أراني في المغارب منجدا |
ولا بتُّ أشكو والخطوب تنوشني | زماناً لأهل الفضل من جملة العدى |
ولولا شهاب الدين ما اعتزَّ فاضل | ولا نال إلاّ فيه عِزّاً وسؤدداً |
فتى المجد يغني بالمكارم ما لَه | ويبقي له الذكر الجميلَ مخلَّدا |
إذا فاض منه صدرهُ ويمينه | فخذ من كلا البحرين درّاً منضّدا |
وما زال يسمو رفعة ً وتفضُّلاً | ويَجْمَعُ شمل الفضل حتى تفرّدا |
رأيت محيّاه البهيَّ ومجده | فشاهدت أبهى ما رأيت وأمجدا |
فمن ذا يهنّي الوافدين لبابه | بأكرمَ من أعطى وأرشدَ من هدى |
وما کفترَّ عن دُرّ الثنايا تبسُّماً | من البِشر حتى أمطر الكف عسجدا |
ومن يكُ أزكى صفوة الله جدّه | فلا غرو أنْ يزكو نجاراً ومحتدا |
فيا بحر فضلٍ ما رأيناك مزيداً | ويا مزن جود ما رأيناك مرعدا |
أيُطلَبُ إلاّ من مفاخرك العلى | ويسأل إلاّ من أناملك النَّدى |
لقد جئت هذا العصر للناس رحمة | فأَصْبَحَ ركنُ الدين فيك مشيّدا |
وأَحْيَيْتَ من أرض العراق علومَه | ولولاك كانَ الأمر يا سيّدي سدى |
أرى كلّ من يروي ثناءً ومدحة ً | ففيك روى حسن السجايا وأسندا |
لك العزّ حار الواصفون بوصفه | وجَلَّتْ معاني ذاته أنْ تُحَدَّدا |
إذ ما تَجَلَّتْ منك أدنى بلاغة | تخرُّ الأقلام في الطَّرس سجَّدا |
وفيك الندى والفضل قرّت عيونه | ولم يكتحل إلاّ بخطّك إثمدا |
تَفَقَّدْتَ أربابَ الكمال جميعَهم | ومن عادة السادات أن تتفقَّدا |
وكم نعمة ٍ أسديتها فبذلتها | وصيَّرْتَ أحرار البريّة أعبدا |
ولولاك لم أَظْفَر بعزٍّ ولا منى ً | ولا نلت إلاّ من معاليك مقصدا |
أسود إذا ما كنتَ مولاي في الورى | ومن كنتَ مولاه فلا زال سيّدا |
وما زلتَ كهفاً يُستَظَلُّ بظلِّه | كما لم تزل أيديك للناس موردا |
ولا زلت ماكَّر الجديدان سالماً | بجدواك يستغني وفتواك يقتدى |