بدا والصُّبحُ غَارَ على الظَّلامِ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
بدا والصُّبحُ غَارَ على الظَّلامِ | وعِقدُ النَّجم محلول النظامِ |
فحيَّا بالرُّضاب وبالحميّا | فأحيا بالرّضاب وبالمدامِ |
إذا ما الشيخ في الكأس احتساها | غدا في الحال أنشط من غلام |
لئنْ علَّلتني يا صاح يوماً | بأحبابي فَعَلَّلْني بجام |
دعا عنّي الملامة في التصابي | فقد روَّعتماني بالملام |
ألا صاحبيَّ وبي غرام | أعيناني على داءِ الغرام |
ويا ريح الصَّبا النجديّ بلِّغْ | سليمى يا صبا نجد سلامي |
ومن لي بالكرى يوماً لعلي | أرى طيفَ المليحة بالمنام |
وما أنسى لها في الركب قولي | وقد نظرت لأجفان دوامي |
نحولي ما بخصرك من نحولٍ | وسقمي ما بطرفك من سقام |
سقى الأثلاث في سلع سيولاً | فقد جَلَبَتْ حمائِمها حمامي |
بكيتُ وما بكت في الدَّوح وُرْقٌ | تظنّ هيامها أبداً هيامي |
ولو كان الهوى من غير دمع | قضينا بالغرام على الحمام |
أداوي مهجة ً يا سعد جرحى | رماها من رماة الحسن رام |
رمين قلوبنا غزلانُ سلع | فما أخطأت هاتيك المرامي |
فبتّ جريح ألفاظ مراضٍ | ورحتُ طعين ذياك القوام |
قدود البيض لا سمر العوالي | ولحظ السرب لاحد الحسام |
كتمتُ الحبَّ متّهماً عليه | وما لي طاقة بالإكتتام |
وكيفَ أطيقُ والعبرات منّي | تعبرّعن فؤاد مستهام |
وما نقص اشتياق الصَّبِّ شيئاً | على وجه حكى بدر التمام |
يدبُّ هواك يا سلمى بروحي | دبيبَ الصَّرخدية في العظام |
وفيتُ بعهد من نقضت عهودي | وما لوفاء ميّ من دوام |
فليتَ المالكّية حين صدَّت | رَعَيْتُ ذمامها وَرَعَتْ ذمامي |
صبرتُ على الحوادث صبرَ حرٍ | يَرى بالصَّبرِ إبلاغ المرامي |
وقلتُ معلِّلاً نفسي ولكنْ | مقالي كان أصدق من حذام |
سأحْمد عند محمود السجايا | عواقبَ أمرِ أخطار عظام |
واستغني به عَمّا سواه | كما يغني الركام عن الجهام |
وأرجو أن تظفِّرني سريعاً | عنايَتُه بغايات المرام |
لقد دَرَّتْ سحائبه إلى أنْ | زهتْ فيهنّ أزهار الكلام |
فَحَدِّثْ عن مكارمه فإنّي | لتعْجِبُني أحاديثُ الكرام |
إذا ما جئتني بحديث جودٍ | لقرم جوده كالغيث هامي |
فما حَدَّثتُ إلاّ عن أشم | ولا أخبرت إلاّ عن همام |
ذكاءٌ فيه أورى من زنادٍ | وكفٌّ منه أندى من غمام |
وآراءٌ إذا نَفَذَتْ لأمرٍ | فهنّ اليوم أنفَذُ من سهام |
يرى فعل الجميل عليه فرضاً | كمفترض الصَّلاة مع الصّيام |
وقامَ له على الأعناق شكر | فلا يُقضى إلى يوم القيام |
سريع الجود إنْ يُدْعَ لحسنى | وها هو ذا بطيء الانتقام |
أياديه حَطَمْنَ المال جُودا | فما أبقتْ يداه من حطام |
على أبوابه الآمال منّا | قَدْ ازدحمت لنا أيَّ ازدحام |
تخيّرْ ما تشاء وسله تعطى | من ابن المصطفى خير الأنام |
تيقَّنْ أن أمرك سوف يقضى | إذا ما شمت منه سنا ابتسام |
أخو الهمم التي تحكي المواضي | وتفيك فتك خواض القتام |
تسامى مجده فعلاً محلاً | وإنَّ مَحَلَّ أهلِ المجد سامي |
جميلك قاطن في كلّ أرضٍ | وذكرك سار جوّان الموامي |
طميتَ وأنْتَ يوم الجود بحر | وبحرك لا يزال الدهر طامي |
ومن جدواك كم قد سال سيلٌ | فروّى سيلاُ جودك كل ظامي |
لقد أوليتني نِعَماً جساماً | فما أهداك للنعم الجسام |
دَعاك لأمره المولى عليٌّ | فكنْتَ وأنتَ في أعلى مقام |
وعدتَ لديه يا عين المعالي | برأيك ناظراً أمر النظام |
فتمّ لجيشه المنصور أمر | وإنَّ الأمر يحسن بالتمام |