تَذَكَّرَ في ربوع الضّال عَهْدا
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
تَذَكَّرَ في ربوع الضّال عَهْدا | فزاد به وجودُ الذكر وَجْدا |
وأضناه الهوى بغرام نجد | فأَصبحَ بالضّنى عظماً وجلدا |
وشامت منه أعينه فأورى | وميض البرق في الأحشاء زندا |
فمن لجوانح مُلِئَت غراماً | كما ملئت عيون الصَّبّ سهدا |
وفي تلك المنازل كا قلبي | فمذ فقد الأحبة راح فقدا |
سقى أطلال رامة في غوادٍ | تخدد ثم وجه الأرض خدا |
وحيّاها حَياً يحكي دموعي | بها يسقي ها علماً ووهدا |
وكيف سلوّ أهل الخفيف ودّي | ولم أسلُ لهم في البين ودّا |
تصدّى ظبيُ لعل في تلافي | وأسلبني التصبّر حين صدّا |
وظلم منه حرّم رشفِ ظلمٍ | سواه لا يريني الوجد بردا |
أعينا مغرم العينين صبّاً | تَعدّته السّهام وما تعدّى |
لعمرك ما الهوى إلاّ هوانٌ | ومَن رام الملاح وما تردّى ؟ |
وكم مولى ً تعرّض للتصابي | فصيّره الهوى بالرغم عبدا |
خليليَّ اسلكا فينا حديثاً | لنجفو عنده سلمى وسعدى |
وهاتا لي بمحمود مديحاً | وقولاً فيه مدحاً ما تودّا |
به الرحمن أودع كلَّ فضلٍ | وفي برد الفضائل قد تردّى |
إذا عدّوا أكابر كلّ قومٍ | ولم يعطف على دَنِفٍ كئيب |
لقد زرع الجميل بكل قلب | فكلٌّ فاه في علياه حمدا |
وحلّ له على الإسلام شكراً | فصار عليهم فرضاً يؤدّى |
وَعَمَّ ثناؤه شرقاً وغرباً | وسَيَّر ذكره غوراً ونجدا |
ويبسط راحة ً تنهلّ جوداً | أحبّ مكارم الكرماء وفدا |
ونوردُ من يديه إذا ظمئنا | فيسقينا بذاك الكفّ شهدا |
وندفع في عنايته خطوباً | إذا أضحت لنا خصماً ألدا |
متى يممته تجدو نداه | أفادك من كلا البحرين رفدا |
فهذا أعلم العلماء طراً | وأكرمُ من أفاد ندى ً وأجدى |
وكم من حاسدٍ لعلاه يوماً | فمات بغيظه حسداً وحقدا |
وأمَّل مجده فغدا كليلاً | ورام بلوغ همّته فأكدى |
أردنا أنْ نعدّ له صفاتٍ | فما اسطعنا لذاك الفضل عدا |
وحاولنا نروم له نظيراً | فان بعصرنا في الناس فردا |
تقلّد منه هذا الدين شيفاً | وزيّن فيه هذا العصر عقدا |
وقلنا كالحسام العضب عزماً | نفاق غراره قطعاً وحدا |
وقسنا كفّه بالمزن جوداً | فكان يمينه من ذاك أندى |
ويمزج لطفه آنا وقاراً | يذوب فكاهة ويشد وجدا |
وصال بمحكم الآيات يوماً | وهدّ عقيدة الأغيار هدا |
أبان لأهل إيران بياناً | فحيَّرهم بما أخفى وأبدى |
دلائل ما استطاعوا ينكروها | وكيف الحقُ ينكر إذ تبدّى |
وبحر ما له جزر ولكن | يكون له مدى الأيام مدا |
يجرّد من سيوف الله بيضاً | ويركب من خيول العزم جردا |
كفى أهل العراق به افتخاراً | فقد نالوا به عزاً ومجدا |
فما ضلّت لعمر أبيك قوم | تروم بعلمه للحق رشدا |
وما أرضى بها إلاّك يفدى | |
طلبت العلم لا طلباً لمال | فنلت بذاك توفيقاً وسعدا |
ولو يعطي الرجال على حجاها | إليك من القليل الأرض تهدى |
ولم لا منك تغتاظ الأعادي | وهم جيفٌ وشمّوا منك ندا |
فظنوا قاربوك بكلّ شيءٍ | وهيهات التقارب صار بعدا |
عليك أبا الثناء يبثّ عبد | مدى أيامه شكراً وحمدا |
نعيد باسمك السامي قصيداً | ولا نبغي سوى المرضاة قصدا |