أنا في هَواكم مُطْلَقٌ ومُقَيَّدُ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
أنا في هَواكم مُطْلَقٌ ومُقَيَّدُ | وبقُرْبكم أجدُ الحياة َ وأفْقِدُ |
إنْ تعطفوا فهو المنى أو تهجروا | فحسى ً تذوب ولوعة ٌ تتوقد |
يا دمعَ عينيّ المراق له دمي | ما لي على الزفرات غيرك مسعد |
ولقد وجدت الوجد غير مفارقي | وفقدت صبري وهو مما يفقد |
لا تسألوا عن حالِ صبٍّ بعدكم | لا يومه يومٌ ولا غدهُ غدُ |
لا دمعه يرقا ولا هذا الجوى | بفنى ولانار الجوانح تخمد |
وأنا المريض بكم فهل من ممرض | غير الصبابة فلتعدني العوَّدُ |
بنتم فما للمستهام على النوى | جلدٌ يقرّ بمثله المتجلد |
هلاّ وقفتم يوم جدَّ رحيلكم | مقدارَ ما يتزود المُتَزَوِّد |
أشكوكم ما بي وإن لم تسمعوا | وأريكُم وَجدي وإنْ لم تشهدوا |
ولكم أقول لكم وقد أبعدتم | يا معبدون بحقكم لا تبعدوا |
ساروا وما عطفوا عليَّ بلفتة ٍ | ولربّما انعطف القوم الأملد |
أتبعتهم نظري فكان وراءهم | يقفو الأحبَّة أغوروا أو أنجدوا |
يا أخت مقتنصِ الغزال لقد رمى | قلبي بناظره الغزال الأغيدُ |
ومن القدود كما عليمت مثقف | ومن النواظر في الفؤاد مهند |
لم أنسَ لا نسيت ليالينا التي | كان السرور بعودها يتجدد |
والربع مبستم الأقاح تعجباً | منها وبانات النقا تتأوّد |
لو أبصرتْ عيناك جامدَ كأسنا | لرأيت كيف يذاب فيها العسجد |
في روضة ٍ سُقِيت أفاويق الحيا | فالبانُ يرقصُ والحمام يغرّد |
تُملي من الأوراق في ألحانها | كقلائد العقيان فيه محاسن |
يَحكي سَقيطُ الطلِّ في أرجائها | دُرَراً على أغصانها تَتَنَضَّد |
يا دارنا سَحَبَتْ عليك ذيولها | وطفاءُ تُبرقُ ما سقتك وترعد |
هل أنت راجعة كا شاء الهوى | والعيش أطيبُ ما يكون وأرغد |
ذَهَبَتْ بأيام الشباب وأعْرَضَتْ | عنّي بجانبها الحسان الخرد |
ويلُ أمّ نازلة ِ المشيب فإنَّها | كادَت يَشيبُ لها الغراب الأسود |
ذهب الشباب فما يقول معنِّفٌ | في القلب منه حرارة لا تبرد |
من بعدما طال المقام فأقصروا | عنّي الملام فصوّبوا أم صعّدوا |
ذهب الزمان بحلوه وبمره | ومضى المؤَّمل فيه والمستنجد |
فانظر بعينك هل يروقُك منظر | بعد الذين تفرقوا وتبددوا؟ |
إنَّ الجميلَ وأهله ومحلَّه | وأبو الجميل ابن الجميل محمد |
حَدِّث ولا حرجٌ عليك فإنّما | خيرُ الكرام إلى أعلاه يسند |
وأعِدْ حديثك وکشف في ترداده | قلباً يلذُّ إليه حين يردَّد |
المسبغ النعماء ليس يشوبها | مَنُّ ولا فيما يؤمل موعد |
هذا أبيُّ الضّيم وابنُ أباته | والبيض تركع والجماجم تسجد |
يُهنِ القويّ بقوة من بأسه | وإلى الضعيف تحنن وتودد |
تفري برأيك غير ما تفري الظبا | فالرأي منصلتٌ وسيفك مغمد |
يعدُ الأماني من نداه بفوزها | ويريعُ منه الأخسدين تَوَعَّد |
ممَّن إذا تُلِيَتْ عليه قصيدة ٌ | صدق القصيد وفاز فيه المقصد |
كم قرَّبت لي فيه آمالي به | أملاً يشقُّ على سواه ويبعد |
فرأيت من معرفة ما لابرى | وَوَجَدْت من معناه ما لا يوجد |
وإذا أفادك جاهه أو ماله | فهناك عِزُّ يستفاد وسؤدد |
شيدت معاليه وطال علاؤه | إنَّ المعالي كالبناء تشيّدُ |
كم من يدٍ بيضاء أشكرها | نعمٌ تعدُّ ولم تزل تتعدد |
ولكم وَرَدْتُ البحرَ من إحسانه | لا ماؤه ملحٌ ولا هو مزبد |
فوردت أعذب فهلٍ من ماجد | لي مصدرٌ عن راحتيه ومورد |
مستودع فيما يثيب مثابه | بخزائن الله التي لا تنفد |
أمزيلَ نحس الوافدين بسعده | شقيتْ بك الحساد فيما تسعد |
حتّى علمت ولم أكن بك جاهلاً | يا ثالثَ القمرين أنَّك مفرد |
إنّي ربيبُ وأبيك وابن جميله | واللَّه يَعلم والخلائق تشهد |
لي نسبة فيكم وأية نسبة | |
إنْ تولدوا من صلب أكرم والد | فكذلك الأخلاق قد تتولد |
من محتد زاكي العناصر طيب | طابت عناصرهم وطاب المحتد |
هم عوّدوا الناس الجميل وإنّهم | تجري عوائدهم على ما عوّدوا |
إنّي لأعهد بعد فقد أبيهم | ما كنت منه قبل ذلك أعهد |
قد كان عز المسلمين ومجدهم | وعياذهم وهو الأعزُّ الأمجد |
ومخلّد الذكر الجميل إلى مدى ً | يبقى وما في العالمين مخلَّد |
تُتلى مناقبه ويذكر فضله | |
كقلائد العقبان فيه محاسن | جيد الزمان بعقدها يتقلد |
جاد الغمام على ثراه فإنَّه | لأبرُّ من صوب الغمام وأجود |