أتذكر أطلالاً تعفَّت وأرسما
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
أتذكر أطلالاً تعفَّت وأرسما | بذات الفضا في الجزع من أيمن الحمى |
منازل أحباب بها نزل الهوى | فلم يبق إلا مدنف القلب مغرما |
عرفنا الهوى من أين يأتي لأهله | بها والغرام العامري من الدمى |
لئن أصبحت تلك المنازل باللوى | قصارى أمانيَّ الهوى فلطالما |
وقفت عليها والهوى يستفزُّني | فأرسلت فيها الدمع فذَّاً وتوأما |
كأني على الجرعاء أوقفت عبرة | جرت بربوع المالكية عندما |
وما أسأر البين المشتُّ بقية ً | من الدمع إلاَّ كان ممتزجاً دما |
فأصبحت أستسقي السحاب لأجلها | وما بلّ وبل السحب من مثلها ظما |
خليليَّ إن الحبَّ ما تعرفانه | خليليَّ لو شاهدتما لعلمتما |
قفا بي على رسم لميّة دارس | لكي تعلما من لوعتي ما جهلتما |
وإن لم تساعدني الجفون على البكا | بآثار ميٍّ فاسعداني أنتما |
ومما شجاني في الدجنة بارق | بكيت له من لوعتي فتبسَّما |
سرى موهناً والليل كالفرع فاحم | فقلت أهذا ثغر سعدى توهما |
وأورى حشا الظلماء كالوجد في الحشا | وكالقلب يا ظمياء لما تضرما |
وشوَّقني ثغراً ظمئت لورده | وهل أشتكي إلا إلى ورده الظما |
شربت الحميّا واللمى منه مرة ً | فلم أدر ما فرق الحميَّا من اللمى |
وعيشاً سلبناه بأسنمة النقا | وما كان ذاك العيش إلا منمنا |
رعى الله أحباباً رعينا عهودهم | وعهداً وصلناه ولكن تصرما |
وغانية من آل يعرب حكَّمت | هواها بقلبي ضلَّة ً فتحكما |
أحَلَّت مهاة الأبرق الفرد في الهوى | دماً كان من قبل الغرام محرّما |
وفي ذلك الوادي سوالب أنفسٍ | رمين بأحداق السوانح أسهما |
وكم من فؤادٍ قد جرحن ولم نجد | لما جرحت سود النواظر مرهما |
أرى البيض لا يرعين عهداً لعاشقٍ | وإن أوثق الصيبُّ العهود وأبرما |
وفي الناس من إن تبتليه وَجَدته | ـ وقد كان شهداً في المذاقة ـ علقما |
وإني نظرت الناس نظرة عارف | وأبصرتهم خَلقاً وخُلقاً وميسما |
فما أبصرت عيني كمحمود ماجداً | ولا كشهاب الدين بالعلم معلما |
من السادة الغرّ الميامين ينتمي | إلى خير خلق الله فرعاً ومنتمى |
ولما تعالى بالفضائل رفعة | تخيلته يبغي العروج إلى السما |
هو الصارم الماضي على كل ملحد | من الله لم يفلل ولن يتثلما |
سل الفضل منه واسأل البرَّ تغتدي | بأفضل ما حدثت عن من تقدما |
لقد ضاق صدر الدهر عن كتم فضله | فأظهره إذ كان سراً مكتما |
بدت معجزات الحق حين ظهوره | فأعجز فيها المبسطين وأفحما |
إذا المطْعن المقدام شامَ يَراعَه | لما ظنَّه إلاّ وشيجا مقوَّما |
وينشق من ظلماء ليلِ مداده | صباح هدى لا يترك الليل مظلما |
له الكتب ما أبقت منلالغي باقياً | ولا تركت أمراً من الدين مبهما |
وما هو إلاّ رحمة الله للورى | به ينقذ الله الأنام من العمى |
فلو حققت عين الحقيقة ذاته | لقلنا هو النور الذي قد تجسما |
كريم فما أعطى ليمدح بالندى | ولكنه يعطي الجزيل تكرما |
مواطر أيديه المواطر دونها | تهاطل إحساناً وتمطر أنعما |
وهيهات يحكيك السحاب وإن همى | نوالاً. وفيض البحر علماً وإن طمى |
نراك بعين النقد أفضل من نرى | ولم نرى أندى منك كفاً وأكرما |
وأقسمت لو أثريتَ أو نلت ثروة | لما تركت جدواك في الأرض معدما |
علومك ملا حيزت لشخص جميعها | فهل كان ذاك العلم منك تعلما |
حويت علوم الدين علماً بأسرها | وأصبحت للعلم اللَّدُنيّ ملهما |
تُشيد دين الله بالعلم والتقى | ولو لم يُشيَّده غلاك تهدّما |
حميت حدود الله عن متجاوزٍ | فلم نخشَ من خرقٍ وأنت لها حمى |
وإن الذي أعطاك ما أنت أهله | أنالَكَ شأناً لا يزال معظما |
فنل أجر هذا الصّوم واهنأ بعيده | ورم مجدعاً أنف الحسود ومرغما |
وإني متى أدع لمجدك بالبقا | دعوت لنفسي أن أعزَّ وأكرما |
فلا زلت فخر المسلمين وعزها | ألا فليفاخر فيك من كان مسلما |