متى يشفى بكَ الصُّب العَميد
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
متى يشفى بكَ الصُّب العَميد | ويبلغُ من دنوّك ما يريدُ |
شجٍ يُحييه وصلٌ من حَبيب | ويقلته التجنُّبُ والصُّدود |
ونحن من المسرة في راضٍ | تُحاكُ من الرَّبيع لها برود |
وبنتُ الكرم قد طلعت علينا | يكلّل تاجَها الدرُّ النضيد |
معتَّقة ً تسرُّ النفس فيها | وقد طافت بها حسناءُ رود |
وقد صَدَحَت على الأغصان وُرقٌ | فأغصان النقا إذ ذاك ميد |
تُعيدُ عليَّ ما تُبدي غَرَاماً | فكم تُبدي الغرامَ وكم تُعيدُ |
تجاوبها الغَواني بالأغاني | فيطربنا لها نايٌ وعود |
فحينئذٍ يدارُ على الندامى | مُذابُ التبر والماء الجَمود |
وَيُرجَم كلُّ شيطانٍ مريدٍ | بحيث الهمُّ شيطانٌ مريد |
سقى أيامَ لهوٍ في زرود | وما ضمَّتْ معانيها زرود |
نُجَدِّدُ ذكرها في كلّ يومٍ | وهل يبقى مع الذكر الجديد |
فقد مَرَّتْ لنا فيها ليالٍ | كما نظمت قلائدها |
ليالٍ لم نكنْ نصغي للاحٍ | أينقص بالملامة أم يزيد |
فكم في الحبّ من لاح لصبٍ | يفيد بزعمه ما لا يفيد |
أحِبَّتَنا لقد طال التنائي | وحالت بيننا بيدٌ فبيد |
فيا زمنَ الصِّبا هَلْ من رجوع | ويا عهدَ الشباب متى تعود؟ |
سلامُ الله أحبابي عليكم | إلى بغداد يحملها البريد |
يهيِّجُ لوعتي وجدٌ طريفٌ | لكم ويشوقني وجد تليد |
فهل أخبرتم أنّي بحالٍ | يساءُ بها من الناس الحسود |
تقرُّ البصرة الفيحاء عيني | بما يولي محمدُّها السعي |
فتى ً لا زالُ يُوليني نداه | ويغمرني له كرم وجود |
تدفَّق مَنهلاً عذباً فراتاً | فلي من عذب منهله ورود |
ولولا برُّه طِبت نَفساً | ولم يخضَّر لي في الدهر عود |
أشاهدُ منه إذ يبدو هلالاً | وبدراً من مطالعه السعود |
وغيثً كلّما ينهلُّ جوٌّ | وليثاً كلّما خفقتْ بنود |
فدته الناس من رجلٍ كريمٍ | تنبَّه للجميل وهم رقود |
وشيَّد ما بنته من المعالي | له الآباء قِدماً والجدود |
فتى ً من هاشم بيض الأيادي | بحيثُ حوادثُ الأيام سُودُ |
رؤوف بالملِّمِّ له رحيمٌ | صديقٌ صادقٌ بَرٌّ وَدُود |
ومَن آوى إليه وحلَّ منه | بأكرام ما تحلُّ به الوفود |
فقد آوى إلى ركن شديد | وليس كمثله ركن شديد |
همُ آلُ النبّي وكلُّ فضل | لديهم يستفيد المستفيد |
هُمُ يوم النوال بحارُ جُود | وفي يوم النزال هم الأسُود |
فمن جودٍ تصوبُ به الغوادي | ومن بأسٍ يلين له الحديد |
همُ الأقطاب والأنجاب فينا | إذا دارت دوائرها الوجود |
وإنْ عُرِضَت كرامتهم علينا | فما للمنكرين لها جحود |
وما احتاج النهار إلى دليل | وقد شهدتْ به منه شهود |
فمنها ما نشاهده عياناً | إذا ما النار أضرمها الوقود |
وللأكفاء يومئذٍ عَلَيْهم | هبوطٌ في الحضيض ولا صعود |
رجال كالجبال إذا اشمخرَّتْ | تَبيدُ الراسياتُ ولا تبيد |
يخلّدُ ذكرهم في كل عصر | وما للمرءِ في الدنيا خلود |
فيا بيت القصيد إليك تهدى | من العبد الرقيق لك القصيد |
فيطربك النشيد وكلَّ حرٍّ | كريم الطبع يطربه النشيد |
فأنّك والثناءُ عليك منّي | وما أملَيته طوق وجيد |
كما خَدَمَتْ سواليها العبيد | فمثلك في الأكارم من يسود |
وما استغنيتُ بكلِّ حال | وهل يغني عن الماء الصعيد؟ |
ونِلْتُ بك المرادَ من الأماني | فنلتَ من المهيمنِ ما تريد |