ألاَ إنَّ هذا الفؤادَ اضطرم
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
ألاَ إنَّ هذا الفؤادَ اضطرم | فهلْ من خمودٍ لهذا الضرَّمْ |
وفي كلِّ جارحة ٍ لوعة ٌ | تثور وفي كل عضوٍ أَلَمْ |
وأيقظ وجديَ برقٌ يلوح | وقد نام عن أعينٍ لم تنمْ |
ولما سرى موهناً في الدجى | بكيت له عن جوى ً وابتسم |
وباحت دموعي بسرّي المصون | وسرّ الصبابة لا ينكتم |
فللّه برق أثار الغرام | ولله دمع جرى وانسجم |
صامَمْتُ عن عاذلي في الهوى | وما بي ودين الهوى من صمم |
فمن منصفي من غرام ظلوم | ومن منصفي من حَبيب ظَلَم |
فلا سلم الصبر من مغرم | إذا ذكر الحي في ذي سَلَم |
أعلل نفسي بنيل المنى | وما لي إلي نيلها مقتحم |
ومن لي بعزم الجريّ الأبيّ | فلا ينثني عزمه إن عزم |
وإنّي على شغفي بالخمول | أروم من الدهر ما لم يُرَم |
وقد شَيَّبتني صروف الزمان | وصرف الزمان يشيب اللمم |
فما لي أقمت بأرض العراق | ولولا خمولي بها لم أقم |
وكنت ترحَّلْتُ عن موطنٍ | إذا كنت في غيره لم أضم |
إلى قائد عسكر المسلمين | ومقدامهم في الحروب الدهم |
عليّ الرضا مشرفيّ القضا | وغيث العطاء غياث الأمم |
قريب النوال مجيب السؤال | منيع المنال رفيع الهمم |
جزيل الثواب مجيد الضّراب | شديد العقاب إذا ما انتقم |
أذلّ الطغاة وأردى الكماة | وساق الصناديد سوق الغنم |
إذا حارب الأُمَم الفاجرين | تصدَّعَ من شعبها ما التأم |
سيف مبيد ورأي سديد | وعزم شديد وأنفٍ أشم |
حسام الدولة عبد المجيد | مليك الملوك وسيف خذم |
يقدّ به الهام ممَّن عَصاه | ويَفَلق في شفريته القمم |
وإن هالت الحرب يوم النزال | تصدى ّ لأهوالها واقتحم |
وحسبك أنَّ المليك اصطفاه | وولاّه دفع الأهمَّ الأهم |
فكان إذا استخون الغادرين | رأى من عليّ وفيّ الذمم |
ففي مثل صدق عليّ الرضا | تَبَلَّج صبُحُ الرّضا وابتسم |
فقرّبه من علاهُ المليك | فكان المبجَّلَ والمحتشم |
وفي عدل هذا المليك العظيم | نجاة الرعية من كلِّ غم |
إذا أبْعَدَته ملوك الزمان | تُقَبّلُ منه مكان القدم |
به اعتصمت من جميع الخطوب | وفي مثل دولته المعتصم |
بصنعٍ أجاد وفضلٍ أعاد | وقرنٍ أباد وأنفٍ رغم |
وتلك المواهب بين الملوك | وفيك البداية والمختتم |
تلوذ برأفته الخائفون | فتأمن من كلِّ أمرٍ مهم |
ومن كان باباً لنيل المراد | فلا شك في بابه المزدحم |
مناهله شرعة الواردين | بحيث النوال وحيث الكرم |
صوارمه نقمة تتَّقى | وأنظاره نعمة تغتنم |
وقد خلق الله كلتيهما | لحتف دنا أو لرزقٍ قسم |
أعاد إلى الملك شرخ الشباب | وعهد الشبيبة بعد الهرم |
رقاها ببيض الحداد | فما برح الداء حتى انحسم |
فأينع في روضها ما ذوى | وشيّد من ركنها ما انهدم |
حمى حوزة الدين في صام | إذا صرم الموت فيه انصرم |
فتهدي الأنام لسلطانه | بحسن الثناء وطيب الكلم |
دعاء لدولته يستجاب | وعهد لخدمته يلتزم |
وفيت له يا علي الرضا | وهل ينفع الغادرين الندم |
وقمت لدولته قائماً | لكربٍ ألمَّ وخطبٍ هجم |
ولله درُّك من صادق | إذا مُيّز الصدق والمتهم |
ولاحت خفايا صدور الرجال | وأصبح أمرهم قد علم |
ألا لا برحت سرور الوجود | بمن أوجد الخلق بعد العدم |
وقد نظم العبد فيك القريض | فصلْ من قبولٍ لها من نظم |
يَؤُمُّ جنابَ عليّ الجناب | ومن حقّ حضرته أن تؤم |
تلوح معاليه للناظرين | ولا مثلَ نارٍ بأعلى علم |
فأنطقَ بالمدح حتى العُجُم | وأسمع بالصيت حتى الأصم |
محبَّتُه أُغرزت في القلوب | وشكرانه ساغ في كل فم |
لقد شملتنا له نعمة | وقد أوجب الله شكر النعم |
فيا ليتني كنت في ظلّهِ | وكنت أكون كبعض الخدم |
أفوز بباب عليّ الجناب | فأروي محاسن تلك الشيم |
وأنْشِدُه الشعر عن أخرسٍ | يترجم عنه لسان القلم |