عِيدي بيوم شفائِكم لسَقامي
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
عِيدي بيوم شفائِكم لسَقامي | إنْ تعطفوا يوماً فذاك مرامي |
يا خلَّة ً أرعى ذِمام ودادهم | ولو کنهم نقضوا عهود ذمامي |
رعياً لأيام خَلَوْنَ بقُربهم | لم أسلها بتعاقب الأيام |
يا أيها الريّان من ماءٍ بها | هل موردٌ لغليل قلبي الظامي |
فلقد طوَيْتُ على هواك جوانحي | وعَصيْتُ فيك ملامة اللوام |
فکستبق من دنف الفؤاد بقية ً | لولاك ما ملك الزمان زماني |
فأخَذْتُ شعري أهبة الإحرام | مقرونة ً بالرحب والإكرام |
حيّ الربوع النازلين بذي الغضا | وسقيت ذاك الحيّ صوب غمام |
ظعنوا فما أبقوا لمسلوب الحشى | إلاّ توقُّدَ لوعة وغرام |
من كلّ أحوى ما تلفَّتَ طرْفُه | إلاّ ادّكرتُ تلفُّتَ الآرام |
يا حادي الأظعان يزعجها النوى | فتخدّ خدّ فدافد ومرامي |
بالله إنْ يمَّمت ذيّاك الحمى | بلّغ أميمَ تحيّتي وسلامي |
مذ غاب عن عينيَّ نورُ شموسهم | ما ذاقت الأجفان طيب منام |
ما للحَمام أهاج لي برح الأسى | هذا الحمَام يروم جلب حمامي |
يتلو صبابات الهُيام بوجده | أترى هيام الورق مثل هَيامي |
قم يا نديم وعاطنيها قرقفاً | فالعيش بين منادم ومدام |
راح إذا لمعتْ بكأسٍ خلتها | برقاً تألَّقَ من خلال غمام |
تتراقَصُ الكاساتُ في إقبالها | كتراقصُ الأرواح بالأجسام |
جمحتْ بنا خيلُ المسرّة برهة | والعيشُ كالغصن الرطيب النامي |
أيّام مرجعُها علينا مُنيتي | إنَّ المنى كوساوس الأحلام |
أمُواعد الأَجفان منه بزورة ٍ | ما كان ذاك المزن غير جهام |
فکشفع زيارتك التي قد زرتني | والليل قد أرخى سدول ظلام |
لما ألمَّ يميط لي سجفَ الدجى | وفَقَدْتُ في وجدانه آلامي |
ولَكمْ يصدُّ كأنَّه ريمُ الفلا | ويصولُ صولة َ باسلٍ مقدام |
ورَمَتْ لواحِظُه نِصالَ صَبابة ٍ | ها قد أصاب القلبَ ذاك الرامي |
غرو إنْ هام الفؤاد به جوى ً | إنَّ الغرام مُوكلٌ بهيامي |
أنّى تصيَّدني الغزالُ فريسة ً | عَهدي الغزال فريسة الضرغام |
أهوى على حبّ الجمال تغزُّلي | وعلى مديح أبي الثناء نظامي |
مفتي العراقين الذي بعلومه | قد فاخرت بغدادُ أرضَ الشام |
أين السحائب من مكارم أَنْمُلٍ | في المكرمات ينابع الإكرام |
إنْ شحَّ هَطّالُ السحاب بغيثه | فسحابه في كل وقت هامي |
لا زال من لين العريكة باسماً | كتبسُّم الأزهار بالأكمام |
يفترّ في وجه المؤمّلِ ثغره | وكذا افترار البارق البسّام |
ما بين منطقه العجيب وقلبه | صدر يفيض ببحر علمٍ طامي |
أحيا به الله الشريعة والهدى | وأقام فيه شعائر الإسلام |
يجدي العباد بنانُه وبيانُه | دُرَّين دُرَّ ندى ً ودرَّ كلام |
حِكَمٌ على أهل العقول يبثّها | متقونة الأوضاع والأحكام |
ميريك في ألفاظه وكلامه | سحرَ العقول وحيرة َ الأفهام |
كم أعربتْ ألفاظه عن حاله | يوماً فأعجمَ منطقَ الأعجام |
ولقد ادارا على الورى جام الحجى | فالناس صرعى راحَ ذاك الجام |
من كلّ مكرمة وكلّ فضيلة | قد حلَّ منها في محلٍّ سامي |
تمّت به حسن المعالي والعلى | ومحاسن الأشياء بالإنمام |
من ذا يهنّي الوافدين بسيّدٍ | جُبِلَتْ سجيّتُه على الإكرام |
ويقول نائله لطالب فضله | حُيّيت بين أكارم وكرام |
ولربَّ رأي بالأمور مجرّبٍ | تغني مضاربه عن الصمصام |
قدَّ الحوادث غاربٌ من حدّه | فكأنَّه في الخطب حدُّ حسام |
والله ما فتك الكميُّ برمحه | يوماً كفتك يديه بالأقلام |
وطوئف لم يفحموا في مبحث | ذاقت لديه مرارة َ الإفحام |
ببلاغة ٍ وبراعة ٍ قُسِّيَّة ٍ | وقعت على الأغبار وقع سهام |
إنْ يحسُدوك الجاهلون على النهى | لا تحسدُ الكرماءَ غير لئام |
ولقد تفاخر فيك سادات الورى | أنْتَ کفتخار السادة الأعلام |
يا كعبة ً قد جئتْ أبغي حجَّها | |
عام به للعيد وجهك عيده | فليفتخر فيها على الأعوام |
لم أرضَ منك وإنْ بذلتَ جوائزاً | لكنْ رضاؤك مطلبي ومرامي |