وميضُ البرق هيَّج منك وجدا
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
وميضُ البرق هيَّج منك وجدا | فكدت تظنُّه من ثغر سعدى |
ألمّ بنا بجنح الليل وهناً | كما جرّدت من سيف فرندا |
توقَّد في حشا الظلماء حتى | وجدَنَا منه في الأحشاء وقدا |
وجدّ بنا الهوى من بعد هزلٍ | وكم هزل الهوى يوماً فجدّا |
خليليّ اذكرا في الجزع عهدي | فإني ذاكر بالجزع عهدا |
وأياماً عهدتُ بها التصابي | وكان العيش بالأحباب رغدا |
زمان كم هصرتُ به قدوداً | لباناتِ النقا وقطعت وردا |
ولذّات لأيام قصار | قَضَت أيامها أن لا تردا |
بعيشك إنْ مررت بدار ميٍّ | وهاتيك الطلول فلا تعدّى |
لنقضي يا هذيمُ بها حقوقاً | علينا واجبات أن تؤدى |
أتذكُر يوم أقبلنا عليها | على إبلٍ تقدّ السَّير قدا |
وعُجنا العيس عن نجدٍ حثيثاً | وخلّفنا وراء العيسى نجدا |
فروَّينا منازلَ دراساتٍ | بها صرف النوى أزرى وأودى |
بواعث لوعة ٍ ودموع عين | أمدَّ العين منها ما أمدّا |
لئن خُلِقَتْ منازلنا فإني | رأيت الوجدَ فيها مستجدا |
ملكتُ وقوف جانحة ٍ إليها | ولم أملكْ لهذا الدمع ردَّا |
وكانت للغرامِ ديارُ ميٍ | مراحاً كل آونة ٍ ومغدى |
يودّكما رفيقيَّ ارفقا بي | إذا راعَيتُما للصبّ ودّا |
أعيناني على كلفي لعليّ | أرى من هذه الزفرات بدا |
ولي كبدٌ إلى الأحباب حرّى | فهل تلقى لها يا سعدُ بردا |
أحبَّتَنا وإني قبلَ هذا | ونوليه به شكراً وحمدا |
أزيدكمُ دنواً واقتراباً | وقد زدتمْ مصارمة ً وبعدا |
عِديني يا أميمَة بالتداني | وإن لم تنجزي يا ميُّ وعدا |
أرى سيقي فأذكر منك لحظاً | وخطَّاري فأذكر منك قدا |
أمنك الطَّيف واصلني وولى | فما بل الصَّدا مني وصدّا |
ولو أهديته أخرى لعيني | لأنعمني بما أسدى وأهدى |
تهدّى من زرودَ إلى جفوني | وما أدري إذاً أنى ّ تهدَّى |
ولو أدَّى إليك حديث وجدي | عرفت إليك مني ما يؤدى |
جفتني الغانيات فلا سبيلٌ | إلى سلمى ولا إسعاف سعدى |
وخاصمتُ الزمان فخاصمتني | حوادثُ لم تزل خصماً ألدّا |
فإن أظهرتُ للأيامِ مني | رضًى عنها فقد أضمرت حقدا |
سأترك للنياق بكل أرضٍ | ذميلاً من توقّصِها ووخدا |
كما لابن الجميل أبي جميل | نياق مطالب الراجين تحدى |
فتبلغ مقصداً وتنال عزاً | كريم لم يفتني منه قصداً |
فكم يولي الجميل أبو جميل | بجدوى أنبتت شيحاً ورندا |
إذا يمَّمته يَمَّمتُ يمناً | وإن طالعته طالعت سعدا |
لقد نال العلاءَ ومدَّ باعاً | إلى ما لا ينال وجاز حدّا |
هو الجبل الأشم من الرَّواسي | تخرُّ له الجبال الشمُّ هدّا |
أدامَ الله في الزوراء ظِلاً | قوام الدين والدنيا جميعاً |
وآمن أهلَها كَيدَ الرزايا | وإن لسائر الأرزاء كيدا |
فوقرها وقد مارت وقور | إذا حرَّكته حرَّكت طودا |
وأية أزمة ٍ لم يُدعَ فيها | ولم يمدد لها باعاً أشدّا |
ومكرمة وإحسان وفضل | وما فيها سعى ولها تصدّى |
جميل ابنِ الجميل لكلّ حرٍ | يؤمل منه إحساناً ورفدا |
فقل للوفد غايته إليه | أوفد الأكرمين نعمت وفدا |
بجود منه يترك كلَّ حر | له في ذلك اإحسان عبدا |
وفيض يد يكاد البحر منها | على طول المدى أن يستمدا |
مرير السخط نشهد أن ما في | يثيب عفاته ضرباً وشهدا |
أبيٌّ لا يضام وربَّ ضيمٍ | سعى لينال جانبه فأكدى |
شجاع ما انتضى الصمصام إلاّ | وصيرَّ مفرقَ الأعداء غمدا |
وسيف الله والركنَ الأشدّا | |
مناقبك التي مثل الدراري | نظمت بها لِجيدِ الدهر عقدا |
وجودك للوجود به حياة | ولولا أنتَ مهجته تردى |
وبعض الجود منقصة ٌ وذمٌّ | وجودك لم يزل عزّاً ومجدا |
وأمضى من شفير السيف حدا | |
يضيء ضياءَ منصلتٍ صقيلٍ | تجرّد من قرابٍ أو تبدا |
وإني قد عَرَفت الناس طراً | ولم أعرفْ له في الناس نِدّا |
فضلتَ العالمين بكل فضل | فلا عجب إذا أصبحتَ فردا |
وَفَدَّتكَ الأماجد والأعالي | ومثلك في الأماجد من يُفدَّى |
وما في الماجدين أجلُّ قدراً | ولا أورى وأثقب منك زندا |
ولا أوفى وأطلُ منك باعاً | ولا أعلن إلى العلياء جدّا |
فَدُمْ واسلمْ كما نهوى وتهوى | تَسرُّ مُوالياً وتغيظ ضدّا |
فإنَّكَ إن سَلِمْتَ مَعَ المعالى | فلا نخشى لكل الناس فقدا |