أرشيف المقالات

لا غالب ولا مغلوب.. ولا عنترة ولا شيبوب

مدة قراءة المادة : 3 دقائق .
لا غالـــب ولا مغلـــوب عبـــارة ابتكرهــــا الرئيس اللبناني صائب سلام بعد أحداث سنة 1958، وأصبحت منذ ذلك التاريخ مثلاً يذكر لحكومات متوازنة في لبنان، ويبدو أن الرئيس باراك أوباما استعارها ليطبقها على مكونات الدول الواقعة في منطقة الحرب الدائرة والتي يخوضها التحالف الدولي، بل ربما يذهب أكثر من ذلك ليطبقها على هدف التحالف أيضاً.

المتابع لتصريحات أوباما قبل بدء الحرب ربما يتذكر تصريحاته للصحافي توماس فريدمان حول عدم جدية واشطن التدخل عسكرياً في مناطق الشرق الأوسط ما لم يتحقق مبدأ لا غالب ولا مغلوب بين المكونات العرقية والدينية في ذلك البلد، وكان يقصد العراق ولما لم تفهم الحكومة العراقية هذا الموضوع أو تعمدت ذلك، والوقت يمضي بسرعة تدخلت واشنطن بنفسها لتعمل على تحقيق هذا المبدأ بقدر محدود جداً وفيما يتعلق بمصلحتها وذلك عندما وجهت أكثر من ضربة للميليشيات التابعة للحكومة وإيران، ربما يصلح في السياسة مبدأ لا غالب ولا مغلوب كحل للدول التي فيها مكونات عرقية وطائفية كثيرة متصارعة فتخرج بعد سنوات من الاقتتال والدم بهذا الحل كوسيلة للتعايش المشترك، فتحفظ به حقوق الأقليات ولا تهيمن جهة على أخرى.

لكننا اليوم في منطقة تشتعل أجزاء كبيرة منها كما هو الحال في العراق وسوريا واليمن وليبيا، ومع هذا الاشتعال هناك جمهور كبير من الناس يمنون أنفسهم بسرعة الحسم، فهم مادة الصراع والمتضرر الأكبر منه، لكن المتابع لهذه الأحداث يجد أنها صراعات كر وفر، ترفع جهة على حساب أخرى، ثم ما تلبث أن تضعف لتقوى الأخرى، هذا الكلام لا يشمل الفرقاء في هذه الدول بل حتى (داعش) التي يقاتلها التحالف الدولي بقيادة أمريكا، فكلما ضعفت في جبهة من الجبهات يحصل ما يعيد التوازن من جديد ويديم الصراع ولعل آخرها الأسلحة التي ألقيت له من الطائرات الأمريكية واعترفت أمريكا أنها حاوية واحدة ألقيت للطرف الآخر واستولى عليها، إلا أن هذا الأمر تكرر قبل ذلك في العراق.

الواقع إن المنطقة تعيش حالة حــرب مفتوحــة علــى احتمــالات مجهولــة ولا يمكــن لأحـــد أن يتكهن ما الذي سيتمخض عن هذه الأحداث وإن طالت سنين، بالتأكيد هكذا أحداث تخفي وراءها تغييرات وتحولات استراتيجية كبيرة جداً لكن ما هو شكلها ومن سيمسح من الخريطة ومن سيظهر عليها لا أحد يعرف أو حتى يمكنه التوقع، لكن على ما يبدو أن الحرب طويلة جداً لدرجة أن الناس لا يمكنهم ذهنياً تقبل مدتها فذهبت الإدارة الأمريكية إلى تخفيف الصدمة على الناس، فأعلنت عن تكهناتها بأنها ستنتهي خلال سنة ثم رفعتها إلى ثلاث سنوات ثم رفعتها إلى أكثر من ذلك بشكل تدريجي حتى وصلنا أخيراً إلى تصريح يقول إنها حرب طويلة الأمد.
حرب لا غالب فيها ولا مغلوب..
ولن يكون فيها عنترة ولا شيبوب.

 
د.
فراس الزوبعي

شارك الخبر

المرئيات-١