لا يمتطي المجدَ من لم يركبِ الخطرا،
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
لا يمتطي المجدَ من لم يركبِ الخطرا، | ولا ينالُ العلى من قدمَ الحذرا |
ومن أرادَ العلى عفواً بلا تعبٍ، | قضَى ، ولم يَقضِ من إدراكِها وطرا |
لابدّ للشهدِ من نحلٍ يمنعهُ، | لايجتني النفعَ من لم يحملِ الضررا |
لا يُبلَغُ السّؤلُ إلاّ بعدَ مُؤلمة ٍ، | ولا تَتِمُّ المُنى إلاّ لِمَنْ صَبَرَا |
وأحزَمُ النّاسِ مَن لو ماتَ مِنْ ظَمإٍ، | لا يَقرَبُ الوِردَ حتى يَعرِفَ الصَّدَرَا |
وأغزَرُ النّاسِ عَقلاً مَن إذا نظَرَتْ | عيناهُ أمراً غدا بالغيرِ معتبرا |
فقَد يُقالُ عِثارُ الرِّجلِ إن عثرَتْ، | ولا يُقالُ عِثارُ الرّأيِ إنْ عَثَرَا |
من دَبّر العيشَ بالآراءِ دامَ لهُ | صفواً، وجاءَ إليهِ الخطبُ معتذرَا |
يَهونُ بالرّأيِ ما يَجري القَضاءُ بِه، | من أخطأ الرأيَ لا يستذنبُ القدرَا |
من فاتهُ العزُّ بالأقلامِ أدركَهُ | بالبِيضِ يَقدَحُ من أعطافِها الشّرَرَا |
بكلّ أبيَضَ قد أجرى الفِرِندُ بهِ | ماءَ الرّدى ، فلو استقطرتَه قطرَا |
خاضَ العجاجة َ عرياناً فما انقشعتْ | حتى أتى بدمِ الأبطالِ مؤتزرَا |
لايحسنُ الحلمُ إلاّ في مواطنِهِ، | ولا يَليقُ الوَفَا إلاّ لِمنْ شَكَرَا |
ولا ينالُ العُلى إلاّ فتًى شرفَتْ | خِلالُهُ، فأطاعَ الدّهرَ ما أمَرَا |
كالصّالِح المَلِكِ المَرهوبِ سَطوَتُه، | فلو توعّدَ قلبَ الدّهرِ لانفطرَا |
لمّا رأى الشرَّ قد أبدَى نواجذَهُ، | والغدرَ عن نابِهِ للحربِ قد كشرَا |
رأى القسيَّ إناثاً في حقيقتِها، | فعافَها، واستَشارَ الصّارِمَ الذّكَرَا |
فجَرّدَ العَزمَ من قَتلِ الصِّفاحِ لها | ملكٌ عن البيضِ يستغني بما شهرَا |
يكادُ يُقرأُ منْ عُنوانِ هِمّتِهِ | ما في صحائفِ ظهرِ الغيبِ قد سُطِرَا |
كالبحرِ والدّهرِ في يومَيْ ندًى وردًى ، | والليثِ والغيثِ في يوميْ وغًى وقرَى |
ما جادَ للناسِ إلاّ قبلَ ما سألوا، | ولا عفا قطّ إلاّ بعدما قدَرَا |
لاموهُ في بذلِهِ الأموالَ، قلتُ لهم: | هل تَقدُرُ السُّحبُ ألاّ تُرسلَ المَطرَا |
إذا غدا الغصنُ غضّا في منابتِه، | من شاءَ فليجنِ من أفنانِهِ الثمَرَا |
من آلِ ارتقٍ المشهورِ ذكرهُمُ، | إذ كانَ كالمِسكِ إن أخفَيتَهُ ظَهَرَا |
الحاملينَ منَ الخطيّ أطولَهُ، | والناقلينَ من الأسيافِ ما قصرَا |
لم يَرحَلوا عن حِمَى أرضٍ إذا نزَلوا | إلاّ وأبقَوْا بِها مِن جودِهم أثَرَا |
تَبقَى صَنائعُهم في الأرضِ بعدَهمُ، | والغَيثُ إن سارَ أبقَى بعدَهُ الزَّهَرَا |
لِلَّهِ دَرُّ سَما الشّهباءِ من فَلَكٍ، | فكلّما غابَ نجمٌ أطلعتْ قمرَا |
يا أيّها الملكُ الباني لدولتِهِ | ذكراً طوَى ذكرَ أهل الأرض وانتشرَا |
كانتْ عِداكَ لها دَستٌ، فقد صَدَعتْ | حَصاة ُ جَدّك ذاك الدّستَ فانكَسَرَا |
فاوقعْ إذا غدروا سوطَ العذابِ بهمْ | يظلّ يخشاكَ صرفُ الدّهرِ إن غدرَا |
وارعَبْ قلوبَ العِدى تُنصَرْ بخَذْلِهمُ، | إنّ النبيّ بفَضلِ الرّعبِ قد نُصِرَا |
ولا تكدّرْ بهمْ نفساً مطهرَة ً، | فالبحرُ من يومِه لا يعرفُ الكدرَا |
ظَنّوا تأنّيكَ عن عَجزٍ، وما عَلِموا | أنّ التأنّيَ فيهمْ يعقبُ الظفرَا |
أحسَنتُمُ، فبَغَوا جَهلاً وما اعترَفوا | لكم، ومن كفرَ النُّعمى فقد كفرَا |
واسعدْ بعيدك ذا الأضحى وضحّ بهِ | وصلْ وصلّ لربّ العرشِ مؤتمرَا |
وانحَرْ عِداكَ فبالإنعامِ ما انصَلَحوا، | إنْ كانَ غيركَ للأنعامِ قد نحرَا |