غرس الفطرة في عالم الذر
مدة
قراءة المادة :
4 دقائق
.
{وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا ۛ أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَـٰذَا غَافِلِينَ} [سورة الأعراف: 172] هذه شهادة الفطرة وقد أشهدنا الحق على وحدانيته ونحن فى عالم الذر والإقرار سيد الأدلة والأمر هنا أن الخلق شهدوا على أنفسهم وأخذ الله عليهم عهد الفطرة خشية أن يقولوا يوم القيامة {إِنَّا كُنَّا عَنْ هَـٰذَا غَافِلِينَ} وفى صحيح البخارى فى كتاب الأنبياء عن انس رفعه أن الله يقول : «إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ لِأَهْوَنِ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا: لَوْ أَنَّ لَكَ مَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ كُنْتَ تَفْتَدِي بِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَقَدْ سَأَلْتُكَ مَا هُوَ أَهْوَنُ مِنْ هَذَا وَأَنْتَ فِي صُلْبِ آدَمَ، أَنْ لاَ تُشْرِكَ بِي، فَأَبَيْتَ إِلَّا الشِّرْكَ» (صحيح البخاري : 3334) .
كما يذكر ابن القيم فى تفسير آية الأشهاد عن بن مسعود وعن أنس من اصحاب النبى قال: «لما اخرج الله آدم من الجنة قبل أن يهبط من السماء مسح صفحة هر أدم اليمنى فأخرج منه ذرية بيضاء مثل اللؤلؤ كهيئة الذر فقال: أدخلوا النار ولا أبالي ، فذلك حين يقول أصحاب اليمين وأصحاب الشمال ثم اخذ منهم الميثاق فقال:(ألست بربكم؟) قالوا: بلى.
فأعطاه طائفةٌ طائعين وطائفةٌ كارهين على وجه التقيه فقال هو والملائكة : " شهدنا أن تقولوا يوم القيامة أنا كنا عن هذا غافلين، أو تقولوا: إنما أشرك آباؤنا من قبل»
الأيه (1)
المرجع: القضاء والقدر فى الاسلام الدكتور:فاروق الدسوقى.
والشاهد من كل هذا أن عملية الأشهاد وهى عملية تكوينية ، تحدد بعدها وبعد عملية عرض الأمانة ، ماهية وجوهرة وخاصته فالاشهاد حدد الماهية والأمانة حددت الخاصية التى أفردت هذه الماهية عن سائر الماهيات والقرآن يسمى هذه الماهية : الفطرة ، وذلك حيث يقول الله {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّـهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّـهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [الروم: 30]
قال بن كثير فى التفسير عن أية الإشهاد قال قائلون من السلف والخلف: إن المراد بهذا الأشهاد إنما هو فطرهم على التوحيد ، وفى " الصحيحين " عن ابى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل مولود يولد على الفطرة – وفى رواية اخرى "على هذه المله" – فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه ، كما تولد بهيمة جمعاء ، هل تحسون فيها من جدعاء؟» ( صحيح البخاري :1319) ، وفي " صحيح مسلم " عن عياض بن حمار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله : {أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّـهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ}
بقلم : جلال عبدالله المنوفي